المطرقة الأصغر في العالم: تساعد الباحثين على رؤية ماذا يحدث لخلايا الدماغ عند تعرّضها لإصابة


 

 

نحن جميعًا على دراية بما يحدث عندما يتعرض الرأس لضربة:

أولًا يحدث صوت مسموع لتلك الضربة مصحوب بلحظة من المفاجأة، ثم بعد ذلك يحدث التورّم وإذا كنا محظوظين يحدث مجرد كشط أو نتوء صغير.

ولكن ماذا يحدث على الجانب الآخر من جماجمنا عندما نصدم رؤوسنا؟

إذا كنا نسبب رضّ أو كشط أو قطع للنسيج القاسي لجلدنا وعضلاتنا بالتصادم؛ فماذا يحدث للخلايا التي تمثل المادة الإسفنجية الهلامية لأمخاخنا؟

هذا التساؤل كان في ذهن باحثي جامعة كاليفورنيا سانتا باربرا، كل من كيمبرلي تيرنر (Kimberly Turner) وميجان فالنتين (Megan Valentine) واديل دويل (Adele Doyle) والشريك الصناعي اويل للطب الحيوي (Owl Biomedical). حيث أنهم تقصّوا على المستوى الخلوي ماذا يحدث عندما تطبق القوى الميكانيكية على الدماغ.

بدعم من مؤسسة العلوم الوطنية الأمريكية فإن الفريق متعدد الأعضاء سوف يمزج الهندسة الميكانيكية والفيزياء الحيوية وعلم الأعصاب والهندسة الحيوية؛ ليحصل على معرفة أساسية عن استجابة الدماغ لأنواع مختلفة من القوى الميكانيكية. المشروع هو جزء من البحث الفيدرالي للدماغ من خلال مبادرة (BRAIN) للتكنولوجيا العصبية.

تقول تيرنر التي تتخصص في الأنظمة الكهربية الميكانيكية الدقيقة أو الآلات المجهرية: «ظهر أن القوى الميكانيكية تؤثر بشدة في الخلايا».

بعيدًا عن أنها وحدات منعزلة للحياة فإن الخلايا وبخاصة الخلايا الجذعية تأخذ الإشارات من بيئتها والتي على سبيل المثال توجهها لتتمايز لنوع أو آخر من الخلايا، أو لتبدأ عمليات الالتئام.

 

 

ولكن الإعاقة الكبرى لفهم استجابات الخلايا العصبية للقوى هي عدم القدرة على تعريض الخلايا للصدمة أو الضغط بشكل موثوق.

مطرقة مجهرية وهي آلة على المستوى الخلوي بنيت لتطرق وتدق وتعصر وتلكز السلف العصبي (وبعد ذلك الخلايا العصبية والنسيج العصبي) لتثير استجاباتها، والتي ستدرس وتسجل بعد ذلك لتضيف للمعرفة التي يمكنها أن تساعد على فك ألغاز المخ.

كما يشير الاسم فإنها آلة دقيقة، في الحقيقة فإنها أصغر مطرقة في العالم. تشكلت بعد تكنولوجيا فرز الخلايا والتي تم تطويرها بواسطة اويل للطب الحيوي، والتي تستخدم للتشخيص الطبي وكذلك العلاجات المناعية، المطرقة المجهرية تعرض الخلايا لمختلف القوى الفيزيائية.

تقول فالنتين والتي يدرس مختبرها كيف تؤثر القوى على المواد الحية: «هذا المشروع سيتيح القياس الدقيق للتغيرات الفيزيائية والكيميائية والحيوية التي تحدث للخلايا التي تتعرض للحمولة الميكانيكية، والتي تتراوح من اضطراب بسيط إلى صدمة كبيرة القوة والسرعة».

وتضيف قائلة: «ستمدّ هذه التكنولوجيا بدورات تصادم أعلى وأسرع من تلك التي كانت ممكنة في الماضي، وببناء هذه الأدوات على مستوى الأجهزة المجهرية سنستطيع توفير مستضيف للأجهزة الأخرى التي تستخدم للتشخيص والتصوير، وتستطيع جمع الخلايا بعد الاختبارات للدراسة طويلة الأمد».

تضيف فالنتين أنه بالأجهزة والطرق الجديدة فإن الباحثين يتوقعون أن يجنوا رؤية أساسية جديدة لأسباب إصابات الدماغ وتطوّرها بسبب الصدمة.

 

 

تخضع المطرقة المجهرية الآن للتوصيف حيث يتم قياس وتسجيل القوى التي سيتم تطبيقها استباقًا لأول جلسة من التجارب على الخلايا العصبية.

المعرفة التي سنجنيها من هذه التجارب ستمهد الطريق لفهمٍ أفضل للحالات العصبية مثل مرض الزهايمر، وكذلك الإصابات الرضية للدماغ التي تمثل الآن حالة غير قابلة للعلاج والتي تؤثر على كل الأشخاص بدءًا من الجنود وحتى الرياضيين في رياضات التلاحم، ولأي شخص آخر يتعرض لحادث. يمكنها أيضًا أن تمنع بشكل أفضل هذه الإصابات عن طريق توضيح أي نوع من القوى يؤثر على الخلايا العصبية بشكل أكبر، وبالتالي فإن الخوذات يمكن تصميمها لتصدها.

إضافةً إلى ذلك وبحسب فالنتين، فإن الأدوات التي طوّرت لهذا المشروع سيكون لها تطبيقات واسعة بعيدًا عن بحث خلايا الدماغ، فيمكنها مساعدة الباحثين للحصول على نظرة نافذة على كيفية تأثير القوى على الخلايا الأخرى والأنسجة المختلفة.

 

 

تقول فالنتين: «من الممكن أن تحوّل هذه الدراسة فهمنا لكيفية معالجة واستجابة الخلايا للإشارات المتسببة من تلك القوى». وأضافت: «هذه الإشارات هي أساسية لحدوث الجروح والتئامها في الأنسجة الصحية، والتي تضطرب في الأنسجة المريضة مثل السرطان».


ترجمة: محمد السيد الشامي

تدقيق: دانه أبو فرحة
المصدر