إلى أى مدى يمكن للعين البشرية أن ترى يتوقف على عدد جسيمات الضوء أو الفوتونات التى يبثها الجسم البعيد؛ فأبعد شيء يمكن رؤيته بالعين المجردة هو مجرة أندروميدا Andromeda galaxy، والتى تقع على بعد 2.6 مليون سنة ضوئية من الأرض.

المجرة تحتوى على ترليون نجم، تبث جميعها ما يكفى من الضوء لآلاف من الفوتونات لتصل إلى كل سنتيميتر مربع من الأرض فى كل ثانية؛ وفى ليلة مظلمة يكون هذا وفيرا لإثارة شبكية العين.

بالعودة إلى عام 1941، اعتبر عالم الإبصار (سليج هشت-Selig Hecht) وزملاؤه من جامعة كولومبيا أن القياس المناسب للعتبة (البداية) المطلقة “absolute threshold” للرؤية هو أقل عدد من الفوتونات التى يجب أن تضرب شبكية العين من أجل استثارة الوعى البصرى الإدراكى.

التجربة استقصت عتبة الرؤية تحت ظروف مثالية: الدراسة أعطت عيون المشاركين الوقت للتكيف مع الظلام الدامس، وكان وميض الضوء يعمل بمثابة حافز له طول موجى 510 نانومتر (أزرق مُخضر)، والتى تجعل عيوننا أكثر حساسية، وتم توجيه الضوء إلى محيط شبكية العين، والتى هى أغنى الخلايا العصوية فى الكشف عن الضوء.

وجد العلماء أن الأشخاص المشاركين فى الدراسة لكى يميزوا ومضة من الضوء لأكثر من نصف الوقت، يتطلب الأمر ما بين 54 إلى 148 فوتونا لكى تصل إلى مُقل العين الخاص بهم، واعتمادا على قياسات امتصاص شبكية العين؛ قام العلماء بحساب عاملا من 10 فوتونات-أقل تقوم الخلايا العصوية بامتصاصها فعليا، وبالتالى فإن امتصاص 5 – 14 فوتون يكافئ تفعيل فقط 5 – 14 خلية عصوية لتخبر عقلك أنك ترى شيئا.

إذا أخذنا بعين الإعتبار العتبة المطلقة للرؤية، وسطوع لهب الشمعة، والطريقة التى يخفت بها التوهج وفقا للإبتعاد عنها بمربع المسافة؛ يخلُص العلماء إلى أن المرء يمكنه رؤية بصيص خافت من لهب شمعة تبعد بنحو 30 ميلا.

ولكن إلى أى مدى يمكننا تمييز أن الهدف هو أكثر من مجرد وميض من الضوء؟ نوعا ما لكى يظهر تمدد الضوء مكانيا بدلا من نقطة؛ فإن الضوء يجب أن يحفز على الأقل اثنين من الخلايا المخروطية المترافقة adjacent cone cells (العناصر فى عيوننا التى تنتج رؤية الألوان).

فى ظل الظروف المثالية، يجب أن يقابل الجسم زاوية لا تقل عن 1 دقيقة زاوية أو 1/60 من الدرجة من أجل إثارة المخاريط المترافقة (هذا التقدير الزاوى يجب أن يبقى ثابتا بغض النظر عن ما إذا كان الجسم قريب أو بعيد؛ فالأجسام البعيدة يجب أن تكون أكبر بكثير لكى تقابل نفس زاوية الأجسام القريبة).

البدر له 30 دقيقة زاوية، فى حين أن كوكب الزهرة بالكاد يمكن ملاحظته كجسم يتوسع فى نطاق 1 دقيقة زاوية.

درجة الوضوح للأشياء يمكن ملاحظتها عندما تتوسع الأجسام فى مسافة أقل من 2 ميل (3 كيلومتر).

على سبيل المثال: فى هذه المسافة سوف نكون فقط قادرين على تمييز مصابيح السيارات الأمامية.


  • إعداد: مصطفى رزق.
  • تحرير: عيسى هزيم.
  • المصدر