تبريد دون استخدام الطاقة؟
لم لا؟ ستحدث هذه الرقائق المعدنية ثورة


مادة جديدة بنفس سُمك ورق الألومنيوم يمكن استخدامها في تبريد المنازل أو المصانع دون استخدام أي طاقة كهربية أو حتى الماء.

تتحكم المادة الجديدة في خصائص الضوء فتجعله ينعكس فور السقوط عليها في نفس الوقت الذي تسمح به للأشياء من تحتها أن تُشع الحرارة من خلالها لتبرد.

مادة خارقة مستقبلية عاكسة للحرارة تبدو مثل لفات الأغلفة البلاستيكية يمكنها يومًا ما أن تكون مسؤولة عن تبريد المنازل والمصانع دون استخدام أي مصدر طاقة، وذلك طبقًا لدراسة جديدة. إنها ليست مثل لوحات الطاقة الشمسية، فهذه المادة تبقى تعمل حتى بعد غياب الشمس بدون أي طاقة إضافية.

تتميز أيضًا برخص تكلفة التصنيع وسهولة الإنتاج، مما يجعل من السهل إنتاجها بكميات كبيرة على هيئة لفات.

يقول “زياوبو ين” مهندس ميكانيكا وعالم مواد في جامعة كولورادو بولدر في تصريح له: «نشعر أن انخفاض تكاليف التصنيع في تلك العملية سيكون تحولاً كبيرًا في التطبيقات العالمية».

التبريد الإشعاعي

حينما يسقط إشعاع ما كضوء الشمس على سطح ما، فإن الأطوال الموجية المختلفة للإشعاع قد تنعكس أو تتشتت أو تُمتص، وذلك اعتمادًا على خصائص المادة الساقطة عليها.

على سبيل المثال فإن المواد ذات اللون الأسود كالأسفلت، تميل إلى امتصاص غالبية الضوء المرئي الساقط عليها، في حين أنّ الأشياء ذات الألوان الباهتة أو اللامعة تميل إلى عكس الأشعة الضوئية الساقطة عليها.

يقول “ين” أنه تساءل هو وزملاؤه ما إذا كانوا يستطيعون التحكم في حركة الضوء خلال مادةٍ ما بحيث تصبح المادة قادرة على تبريد الأشياء بكفاءة عالية، دون استخدام أي طاقة كهربية.

ليقوموا بذلك وجّهوا أنظارهم نحو شيء عملاق، إنه كوكبنا الأرض، والذي يقوم في الليالي الصافية بتبريد نفسه بنفسه بإطلاق الأشعة تحت الحمراء نحو الكون.

المغزى هنا أن الأرض ترتفع درجة حرارتها بشدة أثناء النهار حينما ترسل الشمس أشعتها التي تصطدم بالأرض.

يقول “ين” وبالرغم من ذلك فإن الشك كان يساورنا حول ما إذا كانت هناك طريقة نستطيع من خلالها إطلاق الأشعة التحت الحمراء بهدف التبريد مع تشتيت الأشعة القادمة من الشمس.

ابتكر الفريق مادة خارقة ثلاثية التركيب، الطبقة الأساسية منها هي ورقة سُمكها أكبر بقليل من ورق الألومنيوم تم تصنيعها من البوليمرات الشفافة ( Polymethylpentene,PMP: هي بوليمرات من البلاستيك الحراري تُستخدم في أغطية أجهزة السونار ومخروط أجهزة تكبير الصوت، وبسبب درجة انصهارها العالية فإنها تُستخدم في الأجزاء الداخلية للميكروويف).

ثم أدخل الباحثون بعد ذلك خرزًا ضئيل الحجم من الزجاج بعشوائية خلال تلك المادة ثم قاموا بطلاء قاعدة تلك المادة بطبقة رقيقة من الفضة العاكسة.

الخرز الزجاجي كان بالحجم الصحيح لينشأ عنه التأثير الكمومي الذي يُعرف برنين فونون بولاريتون.

هذا التأثير يحدث عندما يتفاعل الفوتون أو جزيء الضوء في طيف الأشعة تحت الحمراء مع اهتزازات ذرات الزجاج.

وجد الباحثون أنه حينما تصطدم أشعة الشمس بأعلى تلك المادة فإن الخرز الزجاجي والجزء السفلي الفضي اللامع من المادة يعملان على تشتيت الضوء المرئي للهواء مرة أخرى.

وفي الوقت نفسه تنطلق الأشعة تحت الحمراء خلال الجزء السفلي من المادة حتى الجزء العلوي منها مما يسمح لكل ما هو تحت تلك المادة بفقد الحرارة، أي يتم تبريده.

في أحد التقارير الصادرة عن الباحثين في 9 فبراير: فإنه ينعكس حوالي 96% من أشعة الشمس التي تصطدم بالمادة.

الظل البارد

يقول العلماء في تصريح لهم: «حينما اختبر الباحثون هذه المادة على أرض الواقع وجدوا أنّ كفاءة التبريد باستخدامها تعادل حوالي 110 وات للمتر المربع في مدة زمنية قدرها 72 ساعة حتى 90 وات للمتر المربع أثناء مواجهة شمس الظهيرة».

هذه هي نفس كمية الطاقة التي يتم إنتاجها باستخدام ألواح الطاقة الشمسية في نفس المدة الزمنية (المادة تعمل على الطاقة بشكل سلبي (التبريد) ولكنها لا تُنتج الطاقة كألواح الطاقة الشمسية).

يقول “جانج تان” -أستاذ مساعد في تلك الدراسة وأستاذ في الهندسة المدنية والمعمارية في جامعة ويمينج- في تصريح له: «حوالي 10 إلى 20 متر مربع من تلك المادة (107 إلى 215 قدم مربع) فوق سطح منزل تعيش فيه أسرة واحدة كافية لتبريده في الصيف».

يقول الباحثون أيضاً أن تلك المادة يمكن استخدامها في تبريد المصانع الكهروحرارية والتي تستخدم حاليًا الكثير من الماء والطاقة لتبريد معداتهم.

بالإضافة إلى أنه يمكن لهذه المادة أن تُستخدم في إطالة عمر ألواح الطاقة الشمسية والتي ترتفع درجة حرارتها حتى تعمل بكفاءة عالية.

يقول “ين”: «عن طريق وضع تلك المادة على سطح اللوح الشمسي يمكننا تبريده ورفع كفاءته حوالي من 1 إلى 2 % وهذه تُعتبر نسبةً كبيرة».


ترجمة: محمد خالد عبدالرحمن
تدقيق: جعفر الجزيري
المصدر