لماذا يجب عليك التبرع ببياناتك الطبية بعد موتك؟


يعلم أغلب الناس أن بإمكانهم التبرع بأعضائهم بعد موتهم، هذا الفعل مفيد فعلًا، فبإمكان كل شخص أن ينقذ حياة العديد من الناس عن طريق التبرع بأعضائه، نسبة داعمي التبرع بالأعضاء بين العامة عالية المستوى، فقد بلغت أكثر من 80% في بعض البلدان.

ولكن ماذا عن بياناتك الطبية؟ هل يمكنك التبرع بها؟

قد لا تكون البيانات الطبية مهمة بقدر أهمية التبرع بالأعضاء، لأن الناس بحاجة للبقاء على قيد الحياة وامتلاك كلىً بدلًا من القيام بغسيل الكلى على سبيل المثال، ولكن حتى البيانات الطبية مهمة حتى لو لم تنقذ حياة أحدهم، لماذا؟ لأن الأبحاث الطبية لا تتم بدون بيانات طبية، ولأنه من الصعب الوصول لبيانات شخص ميت.

على سبيل المثال، العمل في ورديات بشكل متقطع قد يؤدي إلى الإخلال بالساعة البيولوجية للجسم، ويعتقد البعض أن ذلك قد يؤدي لمرض السرطان؛ لذلك دراسة عدد كافٍ من البيانات الطبية قد تساعد على إجراء البحث بشكل صحيح والتوصل إلى نتيجة.

حقوق البيانات

ما دام الإنسان على قيد الحياة، فهو يمتلك حق التعديل على بياناته، فيمكنه التحكم برقم هاتفه وعنوانه على سبيل المثال. ولكن عندما يكون ميتًا لن يمكنه التحكم بهذه الأمور، حتى بعض الأسر قد تجد صعوبة في الدخول إلى حساب الفيسبوك الخاص بفقيدهم.

وعندما يتعلق الأمر بالبيانات الطبية، فإن الأمر يزداد تعقيدًا. يمنح العديد من الأفراد موافقتهم على المشاركة في البحوث الطبية وهم أحياء، سواءً أكانت تجربة لعقار طبي جديد أو دراسة مطولة مبنية على البيانات الطبية. ولا يسمح بإجراء تلك الأبحاث بدون موافقة هؤلاء الأشخاص. تعتبر سرية البيانات الطبية أمرًا شديد الأهمية، ولا يمكن استخدامها إلا بإذن المريض.

وفي معظم المحاكم، ينطبق نفس الأمر علي الموتى، ويزيد الأمر تعقيدًا في هذه الحالة أنه من المستحيل الحصول على الإذن من الشخص المتوفى.

ولكن من الخطأ أن نظن أن الجميع يرغبون في الإبقاء على تلك السرية بعد وفاتهم. فبعضهم قد يمنح بياناته للأبحاث الطبية بهدف تطوير علاجات جديدة قد تساعد في إنقاذ حياة أحدهم.

وبأخذ ذلك في الاعتبار، تسمح بعض الدول باستخدام البيانات الطبية للموتى. في المملكة المتحدة، تحتفظ البيانات الطبية للشخص بسريتها لمدة قرن من وفاته، ولكن يمكن طلب الإذن من مكتب السجلات العامة لاستخدام بيانات أشخاص متوفين في البحث العلمي.

لكن نظام المملكة المتحدة ذلك يعد من أكثر الأنظمة سماحية في هذا الشأن. على النقيض، يواجه الباحثون الألمان العديد من الصعوبات. فأولًا عليهم إثبات أن حق الفرد في الخصوصية أقل أهمية من النفع المحتمل أن يعود على المجتمع من إجراء البحث، وهو أمرٌ صعب الإثبات إذ لا يعلم أي باحث مدى أهمية دراسته إلا بعد إتمامها. وثانيًا عليهم استخدام البيانات بعد إخفاء هوية صاحبها إن كان الأمر ممكنًا، مما يعني أن الكثير من البيانات المهمة حول خلفية المريض لا تكون متاحة إذ يتم إخفاء أي بيانات قد تبين هوية صاحبها. ثالثًا، على الباحثين إثبات أنه لا توجد طريقة بديلة للإجابة على أسئلة البحث. ورابعًا عليهم إثبات أنه لا يمكن طلب الإذن من ذلك الشخص.

في الولايات المتحدة، يشجَّع الباحثون على مشاركة البيانات وفقًا لقانون «America COMPETES Act»، لكن ذلك القانون يختص بالبيانات التي هي قيد الاستخدام من قبل الباحثين بالفعل، ولا يعطي الحق لاستخدام البيانات الطبية للأشخاص المتوفين، والتي تحتفظ عادة بسريتها بعد الوفاة.

اقتراح مجلة «Scientific American»:

توجد العديد من العقبات التي تواجه الباحثين. وحتى إن استطاعوا حلها جميعًا، فإن ذلك يهدر الوقت والمال. أليس من الأسهل أن يتبرع الناس ببياناتهم الطبية تمامًا كما يتبرع البعض بأعضائهم؟ بذلك سيحصل الباحثون على موافقة الشخص لاستخدام بياناته بعد الوفاة. لكن مع الأسف فإن الأنظمة لا تسمح بهذا الأمر بعد في أي دولة علي حد علمنا.

بصفتنا باحثين في الطب والأخلاقيات، نرى أن القوانين المتعلقة بمشاركة البيانات في العديد من الدول غير لائقة. نرى أن على الدول أن تبني قواعد بياناتٍ لمتبرعي البيانات، والتي قد تستخدم للتحكم في كيفية استخدام البيانات الطبية للمرضى الأحياء ومشاركتها، مع إتاحة المجال لهم لتحديد ما إن كانوا يودون الاستمرار في مشاركة البيانات بعد وفاتهم.

يجب أن يستطيع الأشخاص أيضًا أن يحددوا نوعية المشاريع التي يودون مشاركة البيانات معها، أي جزء من سجلاتهم الطبية يودون مشاركته، وكذلك ما إن كانوا لا يمانعون مشاركة بياناتهم دون إخفاء هوياتهم. يجب أيضًا أن يستطيعوا إعطاء إذنٍ مفتوح لاستخدام بياناتهم في المستقبل إن أرادوا ذلك.

علينا أن نناقش موضوع التبرع بالبيانات بعد الوفاة لتجنب موت البيانات مع أصحابها، مما يؤدي بدوره إلى المزيد من الوفيات عن طريق إعاقة التقدم العلمي.


ترجمة: محمد يزبك
تدقيق: أحمد اليماني
المصدر