لطالما اعتبرت عدة أجزاء من أجسادنا، بما في ذلك أنسجة الدماغ والخصية، لفترة طويلة مخفية تمامًا عن جهازنا المناعي.

اكشف العلماء في العام الماضي اكتشافًا رائعًا، حيث وجودوا أقنية تربط الدماغ بالجهاز المناعي.

ويُعتقد حاليًا أنه يجب علينا إعادة التفكير في العلاقة بين الجهاز المناعي والخصيتين، سعيًا لشرح السبب في كون بعض الرجال عقيمون ولماذا تفشل بعض اللقاحات الموجة ضد السرطان في توفير المناعة اللازمة!

اكتشف الباحثون في كلية الطب في جامعة فيرجينيا أنه هنالك باب صغير جدًا يسمح للخصية بعرض مستضداتها*(1) على الجهاز المناعي دون السماح لها بالدخول.

ولأن الخصية جنبًا إلى جنب مع الدماغ والعين والمشيمة تعد أجزاءً خفية على الجهاز المناعي، فإن إصابة أحدها بالالتهاب هو أمر يحمل أخبارًا سيئة، فلكونها أعضاء خفية على الجهاز المناعي فهي لا تسمح للكريات البيضاء أو للأضداد*(2) بالدخول.

حيث ادعت الفرضية القديمة أن جهازنا المناعي يعتبر النطاف أجسامًا غريبة، وهي الفرضية التي ستتغير في حال كان البحث الجديد موافقًا عليه.

ويُحمى النسيج المُنتِج للنطاف في الخصيتين من الأوعية الدموية بطبقة من الخلايا تدعى بخلايا (سرتولي- Sertoli)، وهي خلايا حاضنة للنطاف الآخذة بالتطور.



تتعاضد خلايا سرتولي مع بعضها مُشكِّلة حاجزًا يدعى بالحاجز الدموي الخصوي والذي يمنع الخلايا المناعية «T» من اقتناص النطاف النامية.

لدى ما يقارب 12% من الرجال المصابين بالعقم البدئي يتعرف الجهاز المناعي لديهم على مستضد كيميائي موجود على سطح النطاف يسمى «meiotic germ cell antigen/MGCA»، ما يعني أن الجهاز المناعي قد تقابل سابقًا مع مستضدات ولم يبدي تحمل مناعي تجاه المستضدات واعتبرها غريبة عن الجسم.

وبإجراء التجارب على نوعي الـ «MGCA» لدى الفئران الطبيعية والفئران المعدلة جينيًا، وبتحليل تحمل الخلايا المناعية «T» تجاه المستضد، وجد العلماء أن خلايا سرتولي يمكن أن تسرب بعض المستضدات إلى الأوعية الدموية.

إنّ هذا الاكتشاف ليس مهما لاكتشاف كيفية حدوث العقم عند بعض الرجال فحسب، بل أيضًا يساعد علماء المناعة على فهم كيفية انعزال الخلايا السرطانية واختفاء مستضداتها مبررين بذلك سبب فشل بعض اللقاحات السرطانية.

حاليًّا مازال هذا البحث يطبق على الفئران ويحتاج للتأكد من فعاليته على البشر، ولكنه يُشكِّل أرضية جيدة ومثيرة للبدء بأبحاث عن التفاعلات المميزة التي تجري عبر الحواجز والتي كانت كتيمة وغير معروفة بالنسبة للجهاز المناعي.



وفي السنة الماضية كشف فريق من نفس الجامعة شبكة من القنوات في الجهاز العصبي لدى البشر والفئران والتي تقطع الحاجز القابع بين الدماغ والأوعية الدموية، مما يدعو إلى التفكير بإعادة كتابة الكتب المدروسة.

*(1) المستضدات: أجزاء يستخدمها الجهاز المناعي للتعرف على الأجسام الغريبة أيا كانت طبيعتها.

*(2) الأضداد: هي بروتين مفرزة من الكريات البيضاء تجول في الدم وتلتصق بالأجسام الغريبة وتساعد الكريات البيضاء الأخرى على قتلها.