معظم من يقرءون المقال قد سمعوا من قبل عن الفوتونات وثابت بلانك وميكانيكا الكم، وبعضهم قد سمع من قبل عن الفونونات وعن ازدواجية الموجة والجسيم، ولكن قلةً فقط يعرفون القصة كاملة, قلةٌ فقط يعرفون من هم فلهلم فيين (Wilhelm Wien) ورايلي (Lord Rayleigh) وجينس (James Jeans) وإيجور تام (Igor Tamm).

قبل البدء في سرد القصة يجب أن نعرف ما هو إشعاع الجسم الأسود, الجسم الأسود ببساطة هو مصطلح فيزيائي لجسم مثالي غير موجود في الواقع يتميز بامتصاصه الكامل للإشعاع الساقط عليه ولا يقوم بعكس أي جزء منه, يُستخدم هذا المصطلح لتسهيل دراسة الإشعاع الكهرومغناطيسي؛ إذ أن الأجسام تتعامل مع الإشعاع في ثلاث عمليات وهي: الامتصاص والإشعاع والعكس.

فإهمال قدرة الأجسام على عكس الإشعاع الساقط عليها يسهل من دراسة الموضوع. لذلك يعرف هذا الجسم بالجسم الأسود لأنه لا يعكس أيًا من الإشعاع الساقط عليه فيظهر للمراقب كأنه جسم أسود تمامًا عند درجة حرارة الغرفة.

الأجسام عمومًا بتعرضها لأي نوع من أنواع الإشعاع الكهرومغناطيسي تمتص جزءًا منه (وفي حالة الجسم الأسود نعتبر أنه امتص الإشعاع كاملًا دون أن يعكس شيئًا منه), ولكن لأي جسم حرارة داخلية وهي التي تتسبب في حركة الإلكترونات، ومن ثم إشعاع موجات كهرومغناطيسية تعتمد تردداتها وقوة تدفقها الإشعاعي على درجة حرارتها.

ولك أن تتخيل أن أقرب الأجسام في خصائصها للجسم الأسود في مجموعتنا الشمسية هي الشمس، إذ أنها تمتص معظم الضوء الساقط عليها ولكنها تنتج إشعاعًا ناتجًا من حرارتها.

والإشعاع الصادر من الأجسام يتميز بشيئين غريبين: الأول هو نطاق الترددات (أو الأطوال الموجية) للموجات الكهرومغناطيسية المشعة من الجسم، والثاني هو التدفق الإشعاعي لكل طول موجي إذ تثبت القياسات العملية أن الإشعاعات تأخذ شكلًا مشابهًا للدالة التربيعية السالبة.

وفقًا لمعادلة رايلي وجينز فإن التدفق الإشعاعي سيزداد بزيادة التردد، وسيعمل تردد الأشعة فوق البنفسجية كخط متقارب يقترب منه ناتج المعادلة دون أن يصل له والتدفق الإشعاعي يقترب إلى ما لا نهاية!! ولهذا السبب سميت بكارثة الأشعة فوق البنفسجية.

المحاولة الثالثة كانت على يد ماكس بلانك والتي أدت إلى ظهور ميكانيكا الكم. ما قام به ماكس بلانك هو افتراض أن الطاقة التى يمكن أن ينقلها الإشعاع الكهرومغناطيسي للمادة ليست متصلة كما افترضت الفيزياء الكلاسيكية ولكن منفصلة! ما افترضه ببساطة هو أن طاقة الإشعاع ليست سوى عدد صحيح مضروب في ثابت، وأن الطاقة لا تنقسم إلى أجزاء لا متناهية. كان الثابت الذي لا يمكن تقسيمه إلى حزم طاقة أقل هو الفوتون (طاقة الفوتون=تردد الفوتون × ثابت بلانك) لذا، فإن:

طاقة إشعاع كهرومغناطيسي له تردد ثابت= عدد صحيح × التردد × ثابت بلانك.

ومن هنا جاء اسم ميكانيكا الكم؛ من الكميات الصغيرة التي لا يمكن تقسيمها إلى أجزاء أصغر, وعلى هذا الأساس حاول ماكس بلانك أن يستخرج معادلةً لوصف إشعاع الجسم الأسود والتي نجحت في وصفه بطريقة دقيقة جدًا.

نجحت ميكانيكا الكم في وصف العديد من الظواهر اعتمادًا على تصوّر العالم الذري ودون الذري، وظهرت بعد ذلك فكرة الفونونات عام 1932م على يد إيجور تام والتى تمثل اهتزازات الجسيمات وتعادل في علم الصوت الفوتونات في علم البصريات.