لطالما رأينا أقمارًا اصطناعيّةً بأشكال مُهيبة وألوان برّاقة، وقد يغلب الظن على بعضنا ليحسب هذا البريق ذهبًا أو فضة!.

ولكن، في الوقت الذي تبدو فيه الأقمار الاصطناعية مكسيّةً بالمعادن الثمينة كالذهب، فهي في الحقيقة ليست كذلك على الإطلاق، ولا حتّى من رقائق الألومنيوم، في الواقع إنها مادة عازلة يطلق عليها تسمية (العزل متعدد الطبقات – multi-layer insulation) أو “MLI”.

تتكوّن هذه المادة العازلة من مجموعة من الرقائق العاكسة، خفيفة الوزن والمتجمّعة في طبقات رقيقة متفاوتةٌ في السماكة، عادة ما تُصنع هذه الطبقات من أغشية (الأميد المتعدد –polyimide) أو (البوليستير–polyester) (وهي أنواع من البلاستيك) المغطاة بطبقات رقيقة جدًا من الألمنيوم، وتعتمد التركيبة الدقيقة على مدار القمر الاصطناعي، وعلى ما سيحميه العازل بالإضافة لمدى تعرّضه لأشعة الشمس.

إن ما تراه من صفائح ملونة ذهبية وفضيّة، غالبًا ما تكون طبقةً واحدة من (متعدد الأميد المُعالج بالألمنيوم – Aluminized Polyimide) ويليه طبقة من الألمنيوم الفضي، وإن اللون الذهبي المُصفر لطبقة متعدد الأميد الخارجية هي التي تُعطي مظهرًا للقمر الاصطناعي وكأنه ملفوفٌ بالذهب.

صورة مُقرّبة تُظهر العزل متعدد الطبقات من قمر اصطناعي

يُعتبر التحكم الحراريّ الهدف الرئيسي وراء استخدامالعزل متعدد الطبقات على الأقمار الاصطناعية وذلك لحماية الأدوات الحسّاسة من التعرض لدرجات الحرارة القصوى في الفضاء، حيث يمكن أن يتعرّض القمر الاصطناعي تبعًا لمداره إلى درجات حرارة أقل من (200 °F)و أعلى من (300°F) وأحيانًا في الوقت نفسه!، فضلًا عن ارتفاع درجة الحرارة التي قد تُصدرها المُعدّات.

وفي حين أن “MLI” لا يمكنها عزل المركبة الفضائيّة من التوصيل والحمل الحراري بشكلٍ جيد، فإنَّ هذا لا يهم خاصّةً فيفراغ الفضاء وذلك لعدم وجود الهواء حول المركبة، أما الإشعاع فهو الشكل الطاغي لنقل الحرارة.

تم تصميم المادة العازلة “MLI” لتعكس الإشعاع الشمسيّ ليرتدّ إلى الفضاء، مما يجعل الأدوات باردةً بما فيه الكفاية للعمل أثناء وجود ضوء الشمس، كما أنها تُحافظ على درجات الحرارة الداخلية، مما يحمي المُعدات من البرد القارس عندما تكون المركبة الفضائية تتحرّك في ظل الكرة الأرضيّة.

كما تُوفّر “MLI” طبقة حماية ضد تأثيرات الغبار، لتحمي الحسّاسات والمُعدات الداخلية من المُخلّفات الصغيرة للحُطام في الفضاء.

وعلى الرغم من عدم استخدام الصفائح الذهبية في تغطية هيكل القمر الاصطناعي بالكامل، إلا أن الذهب الحقيقي يستخدم في بعض مكونات القمر الاصطناعي.

حيث يُستخدم الذهب لفوائده المتعددة في الفضاء الخارجيّ، إذ أن تغطية بعض المكوّنات بالذهب (بأي طريقة متاحة) من شأنه أن يُساعد في الحماية من التآكل بفعلِ الأشعة فوق البنفسجيّة والأشعة السينيّة (Ultraviolet light and X-rays)، كما يعمل كتوصيلات كهربائيّة موثوقة وطويلة الأمد للالكترونيات على متن المركبة.

كما تستخدم NASA الذهب في هيكل البدلات الفضائيّة، نظرًا لقدرتها الممتازة في عكس الأشعة تحت الحمراء في الوقت الذي تسمح فيه للضوء المرئي بالنفاذ، كما وتحوي خوذة روّاد الفضاء على طبقة رقيقة جدًا من الذهب لأنها تعمل على حماية عيونهم من أشعة الشمس غير المُرشّحة.


  • ترجمة: رامي الحرك.
  • تدقيق: بدر الفراك.
  • تحرير: سهى يازجي.
  • المصدر