وفقًا لبحثٍ جديدٍ فإن ملّاحي الفايكنج مسترشدين “بأحجار الشمس” الكريستالية الغامضة قد أبحروا بطريق الخطأ إلى قارة أمريكا الشمالية بينما كانوا يبحثون عن جرينلاند.

تُظهر الدراسة الجديدة أن ما يُطلق عليه أحجار الشمس – بلورات معدنية شبه شفافة مثل بلورات سبار أيسلندا ، التي تقسّم استقطاب الضوء الذي يمر عبرها – كان يمكن أن تكون “ناجحة بشكل مدهش” كأجهزة ملاحة ، من خلال الكشف عن موضع الشمس خلال الطقس الغائم وهو أمرٌ شائعٌ في شمال المحيط الأطلسي.

لم يكن لدى الفايكنج أي علمٍ باستخدام البوصلات المغناطيسية للتنقل في البحر.

إلا أن استخدام أحجار الشمس الكريستالية ربما ساعد سفن الفايكنج في توجيه مسارها غربًا من النرويج إلى غرينلاند، وهو موقع العديد من مستعمرات الفايكنج بعد القرن العاشر، وذلك حسبما قال دينس سزاز، الفيزيائي البصري في جامعة يوتفوس لوراند في بودابست، المجر.

وهو أيضا المؤلف الرئيسي للدراسة الجديدة، التي نشرت هذا الشهر في مجلة رويال ساينس أوبن ساينس.

وفي رسالة عبر الإيميل لموقع لايف ساينس، أكد دينس سزاز أن عمليات المحاكاة الحاسوبية أظهرت أن ملاحي الفايكنج الذين قاموا بملاحظة موقع الشمس مرة واحدة على الأقل كل 3 ساعات كانت لديهم فرصة جيدة للإبحار في اتجاه الغرب والوصول إلى ساحل غرينلاند .
لكن الفايكنج الذين قاموا بمراقبة موقع الشمس بنسبة أقل كانوا عرضةً لخطر الانجراف جنوبًا وفقدان غرينلاند تمامًا – وإذا لم يموتوا جميعًا في البحر فإنهم سيصلون في النهاية إلى ساحل كندا.

وقال سزاز:«من خلال النتائج الأثرية ، نحن على يقين من أن الفايكنج كانوا حاضرين في أمريكا الشمالية قبل كولومبوس بقرون، ولكننا لا نعرف ما إذا كانوا قد وصلوا إلى هناك من خلال مثل هذه الملاحة الخاطئة ، أو بدأوا حملات استكشافية من المستعمرات السابقة في جرينلاند.»

حجر الشمس: لغز الفايكنج

بالنسبة للدراسة الجديدة، قام سزاز والمؤلف المشارك جابور هورفاث ، وهو أيضًا من جامعة يوتفوس لوراند ، بتشغيل 36000 عملية محاكاة حاسوبية لرحلات سفن الفايكنج عبر شمال المحيط الأطلسي، وذلك لتحديد مدى النجاح المتوقع للملاحة التي تسترشد بأحجار الشمس.

يعتمد بحثهم على دراسات سابقة قامت بقياس الخطأ البشري عند الإبحار بأحجار الشمس مثل سبار آيسلندا والبلورات الشفافة الأخرى التي تخلق صورة مزدوجة أو مفردة ساطعة وذلك اعتمادًا على استقطاب الضوء الذي يمر عبرها.

و أوضح سزاز أنه على الرغم من قلة الأدلة الأثرية لاستخدام مثل هذه البلورات من قبل ملاحي الفايكنج ، إلا أن القصة الملحمية الأيسلندية للقديس سانت أولاف في القرن الثالث عشر تصف أحجار الشمس الغامضة – sólarsteinn في الثقافة الأيسلندية القديمة – التي كانت تستخدم في الطقس الغائم أو الضبابي للعثور على موقع الشمس.

ويعتقد أن ملاحي الفايكنج استخدموا بوصلة شمس غير مغناطيسية لقياس زاوية الشمس في منتصف النهار، وهو ما كان سيسمح لهم باتباع خط عرض ثابت – غربًا من النرويج إلى غرينلاند على سبيل المثال.

ولكن لأن طقس شمال الأطلسي معظم أيام السنة يكون غائمًا وضبابيًا، فإنه لا يمكن رؤية الشمس لأيام أو أسابيع في بعض الأوقات.

وفي فرضية اقترحها عام1967 عالم الآثار الدنماركي ثوركيل رامسكو ، فإن ملاحي الفايكنج يمكنهم العثور على الشمس في الأيام الغائمة عن طريق تدوير أحجار الشمس باتجاه السماء ومراقبة مكان تراصف الصور و سطوعها في البلورات.

محاكاة الرحلات البحرية

وكشفت المحاكاة الحاسوبية لرحلات الفايكنج أن أحجار الشمس المستخدمة لإيجاد موقع الشمس في الأيام الملبدة بالغيوم كانت “ناجحة بشكل مدهش” كأدوات مساعدة للملاحة، خاصة عندما تم إجراء الملاحظات على الأقل كل 3 ساعات وتم أخذها باعتدال حوالي منتصف النهار.
وأظهرت عمليات المحاكاة – وفقاً لسزاز – أن الفايكنج النرويجيين الذين اتبعوا جدول الرصد المعتاد يمكنهم الإبحار بالقرب من الغرب للوصول إلى ساحل غرينلاند في غضون ثلاثة إلى أربعة أسابيع.

وقال سزاز :
« أظهرنا أنه إذا كانت دورية الملاحة هي 1 أو 2 أو 3 ساعات فإن نجاح الملاحة كان مرتفعًا للغاية ، بين 80 و 100 في المئة»
لكن الأبحاث أظهرت أيضًا أن الفايكنج الذين يقومون بمراقبة موقع الشمس كل 6 ساعات أو أكثر، أو لا يقومون بذلك على الإطلاق، فإنهم يميلون إلى الجنوح جنوبًا في رحلاتهم، مع وجود فرصةٍ كبيرةٍ جدًا لأن يكونوا قد أبحروا يمينًا بعيدًا عن غرينلاند تماما.

إذا حدث ذلك – وإذا لم يهلك الفايكنج على متن السفينة من العطش والجوع والعواصف في البحر – فلربما كانت بعض رحلات الفايكنج هذه قد شقت طريقها على طول السواحل في ما يعرف الآن ببرادور ونيوفاوندلاند في كندا ، حسب ما قال سزاز.

وأضاف سزاز أن محاكاة الحاسوب المستخدمة في البحث الحالي أخذت في الاعتبار تغيرات الطقس والأنواع المختلفة من الحجر الشمسي التي قد تكون قد استخدمت وأوقات تنفيذ الرحلات بين النرويج وغرينلاند.

وقال إن الأبحاث المستقبلية ستضيف إلى عمليات المحاكاة عوامل أخرى بما في ذلك آثار العواصف، والتيارات المائية والرياح المتغيرة.


  • ترجمة: أشرف ابن نصر
  • تدقيق: م. قيس شعبية
  • تحرير: ندى ياغي
  • المصدر