الصحراء الكبرى هي أكبر صحراوات العالم، وقد زادت مساحتها حوالي ١٠٪ منذ عام ١٩٢٠، ويرجح العلماء أن السبب في هذه الزيادة هو “التغير المناخي” والذي أدى إلى نزوح الرمال إلى بقاع جديدة.

بل أن الأكثر مدعاةً للقلق من ذلك هو أنه بناءً على نمط التغيرات المناخية وزيادة درجة الحرارة في جميع أنحاء العالم فإن هذا التمدد للبيئة القاحلة الجافة قد لا يكون محدودًا على الصحراء الكبرى فقط.

إنه تذكير آخر يجعلنا نفتح أعيننا على عواقب الاحتباس الحراري وزيادة درجة حرارة الأرض.

يقول الباحث الأساسي للدراسة سومانت نيجام من جامعة ماريلاند (UMD): «نتائجنا خاصة بالصحراء الكبرى فقط،، لكن من المحتمل أن يكون لها آثار على الصحاري الأخرى في العالم.»

وقد وجد الفريق أكبر التغيُرات في المساحة في الحدود الشمالية والجنوبية للصحراء، كما ركّزت الدراسة على الأوضاع في المنطقة المسماة ’’الساحل‘‘ وهي المنطقة الانتقالية التي تربط بين الصحراء الجنوبية والسافانا السودانية.

تقول إحدى الباحثات ناتالي توماس: «إنّ العديد من الدراسات السابقة وثَّقت مسارات الأمطار في الصحراء ومنطقة الساحل، ولكن ما يميز بحثنا ويجعله فريدًا أننا استخدمنا هذه المسارات لاستنتاج التغيُرات في الامتداد الصحراوي على مدار القرن.»

وبعد البحث في سجلات تعود إلى عام 1920، اتخذ الباحثون متوسط هطول الأمطار السنوي كأداة لتعريف حدود الصحراء كبقعة تصلها كمية من الأمطار أقل من 150 مم (5.9 بوصة) من الأمطار سنويًا.

وبناءً على متوسطات سنوية فقد زادت مساحة الصحراء الكبرى حوالي ١٠٪ في الفترة من ١٩٢٠ وحتى ٢٠١٣، أما عند مقارنة المتوسطات الموسمية فتبدو لنا أن الزيادة أكبر، حيث تصبح حوالي ١٦٪ عند مقارنة فصول الصيف.

ويمكن استخدام بحيرة تشاد في منطقة الساحل كمؤشر مفيد لتغيُر الظروف على طول حدود الصحراء في الدراسة الجديدة.

يقول نيجام: «يقع حوض تشاد في المنطقة التي تتسلّل فيها الصحراء جنوبًا والبحيرة تعاني من الجفاف. يبدو الأمر واضحًا حيث تنخفض معدلات الأمطار ليس فقط هناك ولكن في المنطقة كلها، فالبحيرة تعد مقياس لانخفاض معدلات المياه في الحوض التشادي الواسع.»

تؤثر سلسلة من الدورات المناخية المعقدة على الظروف في الصحراء، بما في ذلك التذبذب العقدي للمحيط الهادئ (PDO(

والتذبذب متعدد الأطوار للمحيط الأطلسي (AMO).

بالنظر إلى أن دورة التذبذب متعدد الأطوار في المحيط الأطلسي تمتد على مدار 50 إلى 70 عامًا، فإن الدراسات طويلة المدى مثل هذه الدراسة ضرورية في فهم كيف يتغير كوكبنا.

ومع ذلك، يعتقد الباحثون أن تغيُر المناخ الناتج عن النشاطات البشرية يؤثرعلى هذا الزحف الصحراوي أيضًا، وأنه يمكن أن يحدث في أماكن أخرى من العالم.

الأهم من ذلك، هذه التحولات تؤثر بشكل مباشر على كمية وامتداد المناطق الصالحة للحياة على كوكبنا.

يقول نيجام: «الصحارى تتشكل عموما في المناطق شبه الاستوائية بسبب الحركة الجوية “هادلي” وهو الأسم الذي يطلق على حركة الهواء حيث يرتفع عند خط الاستواء وينزل في المناطق شبه الاستوائية.»

ومن المرجح أن يؤدي تغيُر المناخ إلى توسيع حركة هادلي، مما يتسبب في تمدد الجزء الشمالي من الصحراء الكبرى، في حين أن زحف الصحراء في الجهة الجنوبية يشير إلى أن هناك آليات إضافية تسبب هذا التوسع، بما في ذلك الدورات المناخية مثل AMO

بعد أخذ تأثير الحركات الجوية مثل PDO و AMO في الحسبان، يقدِر الباحثون أن حوالي ثلث الزيادة في مساحة الصحراء يعود إلي التغير المناخي الناجم عن النشاط البشري.

وهذا له تداعيات بالنسبة لأولئك الذين يعيشون في الصحراء وكذلك على نطاقٍ أوسع في العالم كله.

استمرار الزيادة في السكان يعني أننا بحاجة إلى المزيد من الأراضي لزراعة المحاصيل، وليس أقل.

الآن يريد الباحثون إجراء دراسات تبحث في مجموعة أوسع من البيانات على مدى فترة زمنية أطول للحصول على صورة أكثر دقة لما يحدث.

يقول توماس: «في هذه الدراسة ، كانت الأولوية هي توثيق الاتجاهات طويلة المدى في كمية هطول الأمطار ودرجة الحرارة في الصحراء.»

«ستكون خطوتنا التالية هي النظر في الأسباب التي تقود إلي هذه الاتجاهات، في الصحراء الكبرى نفسها وغيرها من الأماكن أيضًا.»


  • ترجمة: أمين رشدي
  • تدقيق: حسام التهامي
  • تحرير: أحمد عزب
  • المصدر