لماذا يعد هذا أمرًا هامًا؟

الطبيعة قادرة دائمًا على التقلب بين إثارة الإعجاب وإثارة الفزع، هذا الحدث هو شيء بين الاثنين: موجة عملاقة وصل ارتفاعها إلى 23.8 مترًا حققت رقمًا قياسيًا في الارتفاع في نصف الكرة الأرضية الجنوبي.

هذه الموجة العملاقة سجلتها إحدى العوامات في المحيط الجنوبي بجوار جزيرة كامبيل، على بعد 700 كيلومتر جنوب نيوزيلندا، ساعدت عاصفة عاتية هذه الموجة على الوصول لهذا الارتفاع الخارق.

الارتفاع الجديد يزيد أكثر من متر ونصف عن الرقم القياسي السابق والبالغ 22.03 مترًا، والمسجل عام 2012 على سواحل تسمانيا.

توم دورانت (Tom Durrant)، أحد خبراء المحيطات من شركة ميت-أوشن سوليوشنز (MetOcean Solutions) التي قاست الموجة، يقول: «على حد علمنا، هذه هي أكبر موجة سجلت في نصف الكرة الجنوبي» ويتابع توم: «قد يتوقع المتزلجون في كاليفورنيا بالتأكيد أن تصل طاقة موجة كهذه إلى شواطئهم في خلال أسبوع».

يرجح الباحثون أن أمواج العاصفة ربما تجاوزت 25 مترًا ارتفاعًا، لكن دون أن تسجل بالأجهزة، إذ أن العوامة التي سجلت الحدث تعمل بالطاقة الشمسية ولا يتجاوز ما تسجله عشرين دقيقة كل ثلاث ساعات، للحفاظ على شحن البطارية.

يقول دورانت: «خلال فترة الدقائق العشرين، يسجل ارتفاع واتجاه كل الموجات وتحسب الإحصاءات» ويتابع: «من المرجح أن أمواجًا أكبر حدثت أثناء توقف العوامة عن التسجيل».

إذن، ما مقدار الارتفاع الذي نتحدث عنه؟

23.8 متر تساوي تقريبًا ارتفاع مبنى من ثمانية أدوار، أو خمسة أوتوبيسات لندنية مزدوجة، موجة كهذه قد تعلو عن سقف البيت الأبيض في واشنطن.

تخيل أن تبحر في قارب في هذه الظروف، أن تهوي من هذا الارتفاع في ثوانٍ معدودة.

يقول الباحثون أن خلية منخفضة الضغط كانت تتحرك فوق الماء بنفس سرعة الموجة التي تقودها، ما يعني أن تلك الأمواج قادرة على الاستمرار في النمو طالما بقيت تحت تأثير العاصفة.

أهمية الموجة أكبر من مجرد كسر رقم قياسي.

هذا الجزء من المحيط هو «غرفة المحركات» التي تنتج الأمواج المتضخمة التي تبحر إلى سائر أنحاء الكوكب، مخلفة آثارًا على الأمواج وأحوال الطقس في المناطق المجاورة.

سجلت العاصفة أيضًا «ارتفاعًا موجيًا هامًا» يبلغ 14.9 -الارتفاع الموجي الهام هو المقياس الذي تستخدمه منظمة الطقس العالمية World Meteorological Organisation (WMO) لقياس تقلب المحيط، ويعني متوسط الارتفاع للثلث الأعلى من الأمواج المقاسة.

بينما كان هذا هو الرقم القياسي للمحيط الجنوبي، فهو يتضاءل بالمقارنة بالرقم العالمي -أعلى ارتفاع موجي هام سجل على الإطلاق كان في شمال الأطلنطي في 2013، عند 19 مترًا.

كل هذه الأرقام القياسية قد تتحطم في المستقبل القريب على كل حال.

إحدى تبعات الاحترار العالمي كما يرجح ستكون عواصف أعنف؛ ما يعني أمواجًا أكبر.

في تصريحه يقول المسؤول عن إطلاق العوامة في مارس الماضي بيتر ماكومب (Peter McComb) من شركة ميت-اوشن سوليوشنز: «هذا هو نوع البيانات التي كنا نأمل اقتناصها في بداية البرنامج»، ويتابع: «نعلم جميعًا أن سرعة هذه العواصف تلعب دورًا هامًا في موجات الطقس التي تنتج عنها، والذي يحمل بدوره ارتباطًا وثيقًا بالطقس الحالي وسيناريوهات التغير المناخي الآتي».

البيانات التي تقيسها العوامة متاحة للمجتمع العلمي ويمكن الوصول إليها على الشبكة على موقع ميت-اوشن سوليوشنز.

إذن ما هي أعلى موجة مسجلة؟ بحسب معهد سميثسونيان (Smithsonian)، فالموجة الأعلى كانت موجة تسونامي حدثت في 1958 وضربت خليج ليتويا بألاسكا، وسجلت 30.5 مترًا.


  • ترجمة: إبراهيم صيام
  • تدقيق: دانه أبو فرحة
  • تحرير: يمام اليوسف
  • المصدر