المدرسةُ ليست بهدف المعرفة واكتساب فهم مختلف للعالم وحسب، إنّما بإمكانها حرفيًّا تطوير مستويات الذّكاء (IQ) لديك.

تُدعم هذه الفكرة من قبل دراسة جديدة لـ Psychological Science، والتي أجرى الباحثون فيها تحليلًا تجميعيًّا ضخمًا -أو ما يُعرف بـ meta-analysis وهو نوع من طرق البحث يتم فيها دمج نتائج عدّة دراسات مترابطة للحصول على نتيجة أفضل- اكتشفوا من خلاله أنّ سنة واحدة فقط من الدّراسة تؤدّي إلى تطوّر صغير في نتائج اختبارات الذّكاء.

فقد لاحظ الباحثون خلال عدّة سنوات وجودَ علاقة مترابطة بين عدد سنوات التّعليم والذّكاء الذي يُقاس باختبارات IQ.

ولم يكن واضحًا ما إذا كان التعليم هو السّبب وراء مستوى أعلى من الذّكاء، أم أنّه يُعدّ نتيجة له.

إذْ أنّ الأشخاص ذوي المستوى العالي من الذّكاء يمكن أن يُنجزوا بشكل أفضل في النّظام التّعليميّ وهو السّبب الّذي يدفعهم للبقاء فترةً أطول.

قال المؤلف الرئيسي (ستيوارت جيه ريتشي-(Stuart J. Ritchie من (جامعة أدنبره- University of Edinburgh) في بيان له: «لقد وفّرت تحاليلنا الدّليل الأقوى على أنّ التّعليم يزيد من نتائج اختبارات الذكاء، فقد فحصنا 42 مجموعة من البيانات باستخدام عدة نماذج (تصاميم) بحث مختلفة ووجدنا -بصورة شاملة- أنّ إضافة سنة واحدة من الدّراسة بهذه الطريقة طوّرت نتائج اختبارات الذكاء للأشخاص بمقدار 1 إلى 5 نقاط».

فحص الباحثون ثلاثة أنواع معينّة من الدّراسات:

  • النّوع الأوّل تابعَ الأفراد على مدار الوقت بمجموعة من القياسات المأخوذة قبل وبعد إكمال تعليمهم.
  • أمّا النّوع الثّاني فقام بفحص الاختبارات المُنجزة بعد التّغيّرات في السّياسة الّتي أدّت إلى التعليم الإلزامي لفترة أطول لدى الأطفال، وما هي آثارها على مستوى الذّكاء IQ.
  • والنوع الثّالث نظر في تأثير انقطاع سنّ التّعليم على اختبارات الذّكاء.

ولكي تُدرج في التّحليلات، كان لا بدّ من الحصول على البيانات من أنظمة القياس الموضوعيّة للأفراد الأصحّاء الّذين تتراوح أعمارهم من ست سنين فما فوق.

وحصل الباحثون في نهاية المطاف على 42 مجموعة من البيانات بالاعتماد على 28 دراسة بمجموع كلّي قدره 615812 شخصًا.

يقول ريتشي: «لقد توصّلنا إلى نتيجة شاملة لمدى تعزيز التّعليم للذّكاء، وشعرنا أنّ الوقت كان مناسبًا للقيام بتحليل تجميعيّ ودمج جميع الدّراسات السّابقة للتّوصّل إلى نتيجة إجماليّة تُوضّح فيها ما هو المقدار الذي يُعزّز فيه التعليمُ الذكاءَ».

وكانت إحدى النّتائج المثيرة لهذه الدّراسة هي التّأثير طويل المدى للتّطوّر التّعليمي.

ولا يظهر التّطوّر بعد إكمال المدرسة فحسب، وإنّما لدى البالغين، ولدى البعض في السّبعينيات والثّمانينيات من العمر، وكما يُقال دائمًا، للتّعليم إيجابيّات مدى الحياة.

يُدرك الباحثون أنّ هذا محض بداية لمجال أكثرَ تفصيلًا من البحث، وهذا ما يترك المزيد من الأسئلة، فما هو الجزء صاحبُ الأثر الأكبر في النّظامِ التّعليميّ؟ وهل تأثيره محدودٌ؟

إنّه مجال جذّاب للدّراسة بالفعل.

يذكّرنا هذا البحث أيضاً بالكثيرين حول العالم ممّن لا يستطيعون الوصولَ إلى التّعليم سواء كانوا ينتمون إلى الدّول شديدة الغنى أو الفقر، وذلك بسبب ظروفهم.

ومن المهمّ بالفعل أنْ نواصل السّعي كي يكون بمقدور كلّ شخصٍ أنْ يتعلّم.


  • ترجمة: عدي بكسراوي
  • تدقيق: سهى يازجي
  • تحرير: زيد أبو الرب

المصدر