ما هو التحول الجنسي؟

إن التحول الجنسي هو مصطلح شامل يصف الأشخاص الذين لا تتطابق هويتهم أو تعبيرهم الجنسي مع الجنس الذي تم اختياره لهم عند ولادتهم. على سبيل المثال، قد يتم تعريف الشخص المتحول جنسيًا على أنه امرأة برغم ولادته بأعضاء تناسلية ذكرية.

هناك ما يقرب من 700 ألف من البالغين في الولايات المتحدة يصنفون أنفسهم على أنهم متحولون جنسيًا؛ وذلك وفقًا لبحث صدر عام 2011 من معهد ويليامز في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس. ومع ذلك، فإن كون المرء متحولًا جنسيًا يتعدد ويختلف بين الناس ولا يوجد نمط واحد فقط يسري على الكل، وفقًا للمركز الوطني للمساواة بين الجنسين “NCTE”. ويقول المركز على موقعه على شبكة الانترنت: «لا توجد طريقة واحدة فقط للتحول إلى الجنس الآخر، ولا توجد طريقة واحدة فقط ليظهر المتحولون الجنسيون كأنفسهم أو كما يشعرون».

إن الشعور الداخلي لدى الشخص بكونه ذكرًا أو أنثى أو أي شيء آخر هو ما يطلق عليه الهوية الجنسية. هنا نوعان رئيسيان لهذه الهوية: 1- المتوافقون جنسيًا أو غير المتحولين جنسيًا “cisgender”، وهؤلاء تتطابق هويتهم الجنسية مع الجنس الظاهر عند الولادة. 2- المتحولون جنسيًا “transgender”، وهم أولئك الذين لا تتطابق هوياتهم مع الجنس عند الولادة.

في بعض الأحيان لا تتناسب هوية الشخص الجنسية بشكل دقيق مع خيارين فقط (ذكر أو أنثى). فهناك أشخاص يعتبرون أنفسهم ذكورًا وإناثًا في نفس الوقت، أو ليسوا ذكورًا ولا إناثًا، أو خارج هذه الفئات تمامًا، جميعهم يمكن أن يصنفوا على أنهم “أحرار الهوية الجنسية” (genderqueer)، وهذا وفقًا لحملة حقوق الإنسان، وهي منظمة للدفاع عن حقوق المثليات والمثليين، ومزدوجي الميل الجنسي، ومغايري الهوية الجنسانية، المتحولين جنسيًا، والمتسائلين عن هويتهم الجنسية. وهو ما يتم جمعه في كلمة LGBTQ.

يعبر الأشخاص عن هوياتهم الجندرية من خلال الملابس، السلوك، خصائصهم الصوتية، أو الجسدية. قد يتوافق أو لا يتوافق التعبير الجندري للشخص مع تعريف مجتمعاتهم للذكورة أو الأنوثة وفقًا للجنة حقوق الإنسان. ويشير مصطلح “gender non-conforming” إلى الأشخاص الذين يختلف تعبيرهم عن جنسهم مع التوقعات التقليدية للذكورة أو الأنوثة في مجتمعاتهم. ومع ذلك، لا يعتبر جميع الأشخاص غير الملتزمين بتوقعات مجتمعهم متحولين جنسيًا، ولا يُعرّف جميع المتحوّلين جنسيًا بأنهم مخالفون لتوقعات مجتمعهم لأسباب أو لأخرى.

وتشير حملة حقوق الإنسان إلى أهمية مشاركة المتحولين جنسيًا لقصصهم والكتابة عنها في وسائل الإعلام المختلفة، حيث أن ذلك يساعد على تطور فهم الجمهور لمفاهيم مثل الهوية والتعبير الجندري.

إن الجنس والنوع مفهومان يختلفان عن بعضهما البعض، إذ يشير جنس الشخص إلى وضعه البيولوجي كذكر أو أنثى. ويعتمد تحديد جنس الشخص في المقام الأول على الخصائص الفيزيائية المختلفة، بما في ذلك الكروموسومات والتشريح التناسلي والهرمونات الجنسية وفقًا للجمعية الأمريكية لعلم النفس “APA”.

بينما النوع (gender) هو بناء اجتماعي يتعامل مع السلوكيات والأدوار والأنشطة المرتبطة عادةً بجنس دون الآخر. وتؤثر أدوار الجنسين “gender roles”، التي تختلف عبر الثقافات، في تصرفات الناس وشعورهم حيال أنفسهم.

التوجه الجنسي “sexual orientation” يختلف عن الهوية الجنسية “gender identity”. إذ يُعرّف التوجه الجنسي بأنه انجذاب الشخص الجسدي، العاطفي، أو الرومانسي لشخص آخر، في حين أن الهوية الجنسية تدور حول إحساس المرء بذاته وفقًا لمنظمة “GLAAD”، وهي منظمة مناهضة للتمييز.

قد يكون المتحولون جنسيًا مستقيمين، مثليين، مثليات، أو ثنائيي الجنس. على سبيل المثال، قد يتحول شخص مولود بأعضاء تناسلية ذكرية إلى أنثى، ولكن ميوله الجنسي يكون إلى الإناث. وفي هذه الحالة يمكن تعريف هذا الشخص على أنه مثلية، برغم ولادتها بأعضاء تناسلية ذكورية.

وتشير منظمة “GLAAD” على أن محاولة تغيير الهوية الجنسية للشخص لا تعد أكثر نجاحًا من محاولة تغيير التوجه الجنسي له. أي لا يمكن تغييرها بمعنى آخر. قد يتخذ بعض الأشخاص خطوات لمواءمة جنسهم بشكل أفضل مع نوعهم باستخدام الهرمونات والجراحة.

ومع ذلك تشير لجنة حقوق الإنسان إلى أن العديد من المتحولين جنسيًا لا يستطيعون تحمل تكاليف العلاج الطبي، أو لا يرغبون في متابعة العمليات الجراحية.

ويقول الدكتور جوشوا سافر، المدير الطبي لمركز طب وجراحة المتحولين جنسيًا في مركز بوسطن الطبي، والذي يعمل أيضًا في قسم أمراض الغدد الصماء في نفس المركز: «إن ما يسمى جراحة إعادة تحديد النوع، التي يطلق عليها عادةً جراحة تأكيد الجندر من قبل كل من الأطباء المحترفين والمتحولين جنسيًا أيضًا، تشير عادةً إلى جراحة في الأعضاء الجنسية التناسلية. ولكن هناك أيضًا عمليات جراحية لإعادة بناء الصدر وجراحات لتأنيث الوجه كخيارات أخرى».

ويضيف د.سافر: «عادةً ما تكون جراحة الجهاز التناسلي مخصصةً للمتحولين جنسيًا الذين تزيد أعمارهم عن 18 عامًا، والذين عولجوا بالهرمونات، إذا كانت وصفت إليهم الهرمونات لحاجة طبية معينة، والذين عاشوا لمدة عام على الأقل في الدور الجنسي الموافق لهوياتهم الجنسية. تتم مراجعة المرشحين للجراحة من قبل الفريق الطبي الذي يقيم الصحة العقلية والجسدية لتحديد أفضل استراتيجية».

وهذا رسم توضيحي لكيفية إجراء جراحة تغيير الجندر:

أيضًا تغيير الصوت بحيث يتطابق بشكل أفضل مع الهوية الجنسية يمكن أن يكون مهمًا أيضًا للذين يقومون بالتحول.

تقول الدكتورة ليا حلو، أخصائية مشاكل الكلام ومديرة مركز خدمات الصوت والتواصل للمتحولين جنسيًا في جامعة بيتسبرغ: «نحن هنا، نتصور عالمًا لا يشعر فيه المتحولون جنسيًا بالحاجة إلى تغيير صوتهم أو طريقة كلامهم، أي أنهم سيعيشون في عالم يتقبلهم فيه الناس ويحترمونهم مهما كان الجنس الذي يختارونه لأنفسهم، مهما اختلف صوتهم.

ولكن في غياب مثل هذا القبول الراديكالي والعالمي، يشعر العديد من الأفراد المتحولين بأن أسلوب التواصل لديهم هو أولوية قصوى لينسجم شكلهم الخارجي مع ذواتهم الداخلية. هدفنا هو خدمة ودعم هؤلاء المتحولين، بالإضافة للتوعية ودعوة الناس إلى تقبل أوسع للمتحولين جنسيًا».

غالبًا ما يغيّر الأشخاص المتحولون جنسيًا أسماءهم بعد التحول، إما إلى اسم يتطابق مع نوعهم أو اسم محايد. من الخطوات المهمة في عملية التحول هي تغيير المستندات القانونية، بما في ذلك رخص القيادة، بطاقات الضمان الاجتماعي، جوازات السفر، وبطاقات الائتمان.

وغالبًا ما يتعين عليهم الذهاب إلى المحكمة لأخذ أمر بإجراء التغييرات، وهي مهمة مكلفة وتستغرق وقتًا طويلًا وفقًا للمركز الوطني للمساواة بين الجنسين.

وتشير حملة حقوق الإنسان إلى أنه من غير اللائق تعمد نداء من قاموا بتغيير أسمائهم بأسمائهم القديمة “يطلق عليها مصطلح الأسماء الميتة”، بل من الأدب أن يتم سؤالهم عن الأسماء وضمائر الخطاب التي يفضلونها.

وتضيف الحملة أن معظم المتحوّلين يفضلون أن يتم ندائهم بالضمير الذي يتوافق مع النوع الذي اختاروه. حيث يجب أن تسمى امرأة متحولة جنسيًا بـ “هي” إذا كان هذا هو ما تفضله. بينما هناك بعض الأشخاص المتحولين جنسيًا لا يؤمنون بالتسميات الثنائية بين الجنسين، ويفضلون كلمة “هم” أو أي ضمير لا يتضمن تفرقةً جنسيةً.

إن التحول الجنسي ليس اضطرابًا عقليًا، ولا مرضًا يمكن الشفاء منه مع العلاج. وفقًا للجنة حقوق الإنسان، يعاني الأشخاص المتحولون جنسيًا من انفصال دائم بين جنسهم عند الولادة وإحساسهم الداخلي المتناقض معه.

يطلق المختصون طبيًا على هذه الحالة اسم “الانزعاج الجندري gender dysphoria”، لأنه يمكن أن يسبب الألم والضيق في حياة المتحولين جنسيًا.

أعلنت الجمعية الأمريكية للطب النفسي في عام 2012 أن نسخةً جديدةً من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية “DSM-5” ستستبدل مصطلح اضطراب الهوية الجندرية “gender identity disorder” بمصطلح أكثر حيادية وهو “الانزعاج الجندري gender dysphoria”.

وقد أظهرت الأبحاث أن الأشخاص المتحولين جنسيًا معرضون بشكل كبير لمخاطر التعصب ومشاكل نفسية بسبب الكره الذين يتعرضون له. حيث وجد الاستقصاء الوطني للتمييز بين الجنسين عام 2014 أن 60% من مقدمي الرعاية الصحية يرفضون علاج المتحولين جنسيًا. بالإضافة إلى ذلك، وجد البحث أنه من 64% إلى 65% من الأشخاص المتحولين جنسيًا الذين شملهم الاستطلاع يعانون من عنف جسدي أو جنسي في العمل، وأن 63% إلى 78% يعانون من العنف الجسدي أو الجنسي في المدرسة.

أيضًا يواجه المتحولون جنسيًا غالبًا تمييزًا حتى في استخدام الحمامات. تم إجراء استطلاع من قبل شبكة سي بي إس وصحيفة نيويورك تايمز في عام 2016، وقال 46% من المستجيبين أن المتحولين جنسيًا يجب أن يستخدموا الحمامات المخصصة للجنس الذي ولدوا به، بينما قال 41% أن مثل هؤلاء الأفراد ينبغي أن يكونوا قادرين على استخدام الحمام الذي يتوافق مع هوياتهم. كما تدخلت إدارات التعليم والعدل في الولايات المتحدة في مايو 2016 لتقديم المشورة للمقاطعات التعليمية للسماح للطلاب المتحولين جنسيًا باستخدام الحمامات وغرف تبديل الملابس التي تتوافق مع هويات الطلاب الخاصة. وردًا على ذلك؛ انضمت عدة ولايات في دعوى قضائية مدعيةً أن الحكومة الفيدرالية قد تجاوزت سلطتها.

إن معدل الانتحار بين الأشخاص المتحولين جنسيًا مرتفع بسبب التمييز وعوامل أخرى. فقد أفاد مركز معلومات منع الانتحار أن أكثر من 83% من المتحولين جنسيًا فكروا في الانتحار، وأن 54% حاولوا ذلك بالفعل.

ويقول د.سافر: «يجب على الآباء الذين يعتقدون أن أطفالهم قد يكونون متحولين جنسيًا طلب المساعدة من الخبراء. إن تحديد كون الأطفال متحولين جنسيًا من عدمه يمكن أن يكون تحديًا صعبًا، ويجب أن يتم عمل تقييم دقيق من فريق متعدد التخصصات وعلى دراية بالأمر. كما أنه من المهم ملاحظة أن العديد من الأطفال يتساءلون عن هوياتهم الجنسية دون أن يكونوا متحولين جنسيًا؛ لذا يجب الحرص قبل إصدار رأي نهائي بشأنهم».

ونصح الآباء أن يحترموا مشاعر الطفل وأن يدركوا أنه لن يكون هناك تدخل طبي فعلي حتى يدخل الطفل في سن البلوغ. وحتى في ذلك الوقت فإن العلاجات الطبية الأولية يمكن عكسها بعد ذلك إذا غير رأيه.