لقد كذبوا عليك!

يقولون ابحث عن شغفك، كما لو كان الأمر بهذه السهولة! كما لو كان من خلال البحث حولك قد تتعثر في ما تحب، شرارة متوهجة مخبأة بعيدًا عن الأنظار، حتى تلك اللحظة.

يوضح علماء النفس في ورقة بحثية جديدة تبحث في أساس اهتمامات الناس، أن الأمور لا تسير بهذه الطريقة.

في حين أن الناس تكون نيتهم حسنةً عندما يخبروك أن تبحث عن شغفك، يوضح الباحثون أن هذه النصيحة ليست فقط مبتذلةً، بل أنها نصيحة سيئة.

لماذا؟ لأن الاعتقاد بفكرة أن الشغف شيء ثابت بمعنى أنه مكون مسبقًا وكامل، يمكن أن يعيق قدرات الناس على تنمية اهتماماتهم الناشئة إلى شغف كامل.

كتب الباحثون بقيادة عالم النفس بول أوكيف “Paul O’Keefe” من كلية ييل، جامعة سنغافورة الوطنية “Yale-NUS College” في بحثهم: «إن نصيحة إيجاد شغفك يتم تقديمها بشكل عام بنوايا حسنة، للتعبير عن أنه لا يجب عليك القلق كثيرًا بشأن الموهبة، لا تستسلم للضغط من أجل المكانة أو المال، فقط جد ما هو مفيد ومشوق بالنسبة لك».

«لسوء الحظ، إن نظام الاعتقاد الذي يمكن أن تولده هذه النصيحة يمكن أن يقلل من تنمية الناس لاهتماماتهم».

في الدراسة الجديدة، أجرى أوكيف بالتعاون مع زملاء من جامعة ستانفورد “Stanford University” سلسلةً من التجارب مع الطلاب لاختبار ما إذا كانت الاهتمامات الشخصية ثابتة (نظرية الثبات) أو متغيرة (نظرية النمو).

في إحدى التجارب، تم تصنيف الطلاب وفقًا لاهتماماتهم، إما في مواضيع STEM (Science, technology, engineering, and mathematics) العلوم، التكنولوجيا، الهندسة، والرياضيات، أو في الفنون والعلوم الإنسانية.

وجد الباحثون أنه كلما زاد عدد الطلاب المعتقدين بثبات اهتماماتهم الحالية، كلما كانوا أقل قدرةً على الاستمتاع بقراءة مقالة من خارج اهتمامهم.

في تجربة أخرى، شاهد الطلاب فيلمًا حول علم الفلك والفيزياء الفلكية، وعند قراءتهم لورقة علمية تقنية حول نفس الظاهرة؛ كانت مستويات اهتماماتهم قد تضاءلت.

ومع ذلك، فقد تضاءلت أكثر عند الطلاب الذين يعتقدون أن اهتماماتهم ثابتة، بدلًا من القدرة على الانفتاح والتطور.

يقول الباحثون: «من ناحية التعليم وتحسين النفس، وفي عالم متفرع الاختصاصات، تتفوق العقول القابلة للنمو على البدائل».

يقول عالم النفس غريغوري والتون (Gregory Walton) من جامعة ستانفورد: «يحدث الكثير من التقدم في عالم العلوم والأعمال عندما يجمع الناس مجالات مختلفة معًا.

عندما يرى الناس صلات جديدة بين المجالات التي لم يسبق رؤيتها من قبل».

«إذا كنت شخصًا محدودًا جدًا وملتزمًا بمجال معين، قد يمنعك ذلك من تنمية اهتماماتك وخبراتك التي قد تحتاجها للقيام بالربط بين الأعمال».

وفقًا للباحثين، من خلال التمسك بنظرية النمو والتفتح على فكرة أن الاهتمامات يمكن رعايتها، فإن إعطاء الناس فرصة السعي وراء اهتماماتهم سيكون تحديًا في بعض الأحيان، ما يمنح القدرة للحفاظ على الاهتمام بشيء حتى عندما يصبح كتحدٍ يصعب القيام به.

ولهذا السبب، يقول الفريق أنه يجب أن نخبر الناس بتطوير شغفهم، وليس فقط محاولة العثور عليه، وعلى الرغم من أنها مجرد كلمات، فإن فرق المعنى مهم، بين ما هو عملية نشطة، وما ليس إلا موقفًا سلبيًا.

أوضح أوكيف أنه: «يجب أن ننظر بإمعان فيما نوصله للناس حول اهتماماتهم وشغفهم».

«إن إخبار الناس بالبحث عن شغفهم، يوحي لهم بأنه في داخلهم بانتظار الكشف عنه.

كما يوحي إلى أن الشغف وحده سيحقق نصيب الأسد من العمل الذي يحتاجونه».


  • ترجمة: محمد الموشي.
  • تدقيق: أحلام مرشد.
  • التصنيف: سايكولوجيا.
  • المصدر