يُحذِّر الأطباء في المملكة المتحدة من أن العدوى المنقولة جنسيًا، والتي تسمى (المفطورة التناسلية- Mycoplasma genitalium)، يمكن أن تصبح بكتيريا خطيرة إذا لم يُتعرّف عليها ومعالجتها بشكل صحيح عند المرضى.

لكن ما هي هذه العدوى بالضبط، ولماذا يشعر الأطباء بالقلق حيالها؟

لا تشعر بالسوء إذا لم تكن قد سمعت عن (المفطورة التناسلية- Mycoplasma genitalium)، فعلى الرغم من أن هذا الكائن الحي معروف لدى المتخصصين بالأمراض المعدية، إلا أن الطبيب من الممكن أن لا يتذكر الكثير عنه بعد تعلُّمه لفترة وجيزة في كلية الطب كما يقول الدكتور (ويليام شافنر- William Schaffner)، أخصائي الأمراض المعدية في المركز الطبي بجامعة فاندربيلت في ناشفيل، تينيسي.

المفطورة التناسلية- M. genitalium -التي تسمى أحيانًا «MG» أو «MGen»- هي نوع من البكتيريا الممرضة الصغيرة التي اكتشفت لأول مرة في عام 1981، وفقًا لـ (الرابطة البريطانية للصحة الجنسية وفيروس نقص المناعة البشرية British Association of Sexual Health and HIV- BASHH).

وحسب قول الدكتور شافنر إنه يمكن أن تُسبِّب العدوى المنقولة جنسيًا «STIs» لدى كلٍ من الرجال والنساء.

لدى الرجال، يمكن أن تًسبِّب البكتيريا التهاب الإحليل، (التهاب المسالك البولية- Urethritis)، الذي يؤدي إلى أعراض مثل الألم الحارق أثناء التبول أو الإفرازات من القضيب.

أما لدى النساء، فقد رُبِط التعرُّض لهذه البكتيريا بإشكاليات التهاب في عنق الرحم «cervicitis»، وكذلك أعراض مثل النزيف بعد ممارسة الجنس بالإضافة للتبول المؤلم.

وحسب تصريح الدكتور شافنر لدورية «Live Science»، أنه إذا تُرِكت دون علاج، قد تصعد البكتيريا من خلال عنق الرحم وتؤدي إلى حالة تسمى مرض التهاب الحوض «PID – pelvic inflammatory disease».

وقد يؤثر مرض التهاب الحوض على الأعضاء التناسلية الأنثوية ومن الممكن أن يؤدي في بعض الأوقات إلى ألم في أسفل البطن، وفي حالات أخرى العقم، وفقًا لـ (مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها- Centers for Disease Control and Prevention).

وقال شافنر أيضًا إن الأشخاص المصابين بعدوى المفطورة التناسلية لا يعانون من أي أعراض في معظم الحالات.

وتشير التقديرات إلى أن حوالي 1 إلى 2 في المائة من الناس في عموم السكان مصابون بهذه العدوى بحسب تقارير الـ «BASHH».

ولأن أعراضها يمكن أن تشبه المتدثرة أو «chlamydia»، وهي أكثر شيوعًا من الأمراض المنقولة بالاتصال الجنسي، وغالبًا ما يُعالج الأشخاص الذين يعانون من المفطورة التناسلية بالمضادات الحيوية لمرض الكلاميديا، وفقًا لما ذكرته شبكة CNN.

لكن هذا النهج العلاجي يمثل مشكلة، لأن المضادات الحيوية للكلاميديا لا تعمل بشكل جيد بالنسبة لمورثة الأعضاء التناسلية، ويمكن أن يُعزِّز الاستخدام المفرط وغير المناسب مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية.

وحسب تصريحات الدكتور (مارك لاوتون- Mark Lawton)، وهو استشاري في الصحة الجنسية وفيروس نقص المناعة البشرية والرصاص السريري في مركز ليفربول للصحة الجنسية، لشبكة CNN: «لقد رأينا بالفعل مقاومة Mycoplasma genitalium، لأننا نستخدم المضادات الحيوية التي تُعالِج المتدثرة بشكل جيد للغاية ولكن لا تمثل العلاج المطلوب واللازم للمفطورة التناسلية بشكل مناسب للغاية».

وهذا هو السبب في أن «BASHH» قد أصدرت مؤخرًا إرشادات تقترح إجراء اختبار للمفطورة التناسلية لدى المرضى الذين يعانون من أعراض معينة، مثل التهاب الإحليل أو علامات «PID».

وقال شافنر إن المشكلة الكبيرة في تحديد ومعالجة التهابات الأعضاء التناسلية بشكل صحيح هي «أنه لم يكن هناك اختبار تشخيصي بسيط وغير مكلف».

أما الآن، تتوفر العديد من الاختبارات التجارية في أوروبا، لكنها غير معتمدة من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية «FDA»، وهذا يعني أنه لا يمكن استخدامها في الولايات المتحدة، وفقًا لـ «BASHH».

وقد أشار شافنر إلى أن اختبار المفطورة التناسلية غير منتشر في الولايات المتحدة.

وبالفعل، فقد نُشِر مقال علمي عام 2017 في دورية «Infectious Diseases»، يتحدث عن أن استجابة الصحة العامة للمفطورة التناسلية ما تزال في بدايتها، واستشهد بعدم وجود اختبار معتمد من قِبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية ممثلًا حاجزًا على التشخيص واستخدام علاج فعال بشكل مناسب لهذا المرض.

كما وأضاف شافنر إن توافر اختبار خاص بهذه العدوى مهم لأنه «عندما يعالج الأطباء» في الظلام، فإنهم لا يعرفون ما يعالجونه، ويستخدمون العلاج غير المناسب.

وخلص استعراض في مجلة علمية أخرى حديثًا إلى أنه يلزم إجراء المزيد من الاختبارات التجارية لتشخيص وتوجيه علاج الأعضاء التناسلية.

وهذا البحث مطلوب بشكل مستعجل لفهم التكلفة المحتاجة لإجراء الاختبار الروتيني للعدوى.

وأضاف شافنر إلى أنه قبل 30 عامًا، لم يكن هناك أي اختبار للكلاميديا ولم يُعالِج الأطباء العدوى بشكل مناسب.

ولكن بمجرد توفر الاختبار، تغير الوضع؛ ويُستخدم الآن الاختبار على نطاق واسع، ومعالجة العدوى بشكل فعال.

وأضاف شافنر: «بمجرد أن وُضِع اختبار، أصبح الأطباء أكثر تآلفًا مع الكلاميديا».


  • ترجمة: د. صفا عازار
  • تدقيق: هبة فارس
  • تحرير: يمام اليوسف
  • المصدر