السؤال: هل تتحرك المادة المضادة بالفعل إلى الوراء عبر الزمن؟

فيزيائي: الإجابة القصيرة جدًا هي: نعم، لكن ليس النوع من السفر عبر الزمن الذي نعرفه.

يوجد “تناظر” في الفيزياء ينطوي على فهمنا الأساسي للقانون الفيزيائي، ولا يتم انتهاكه أبدًا من خلال أي عملية معروفة، ويسمى “تماثل CPT”.

يقول أنك إذا أخذت الكون وكل شيء فيه وقلبت الشحنة الكهربائية (C)، اقلب كل شيء كما لو كان من خلال مرآة (P)، واعكس اتجاه الزمن (T)، ستستمر جميع القوانين الأساسية للفيزياء في العمل نفسه.

معًا، تصل قيمة PT إلى وضع سالب على موضع الزمكان (t,x,y,z) إلى (t,-x,-y,-z-).

بالإضافة للوقت، هذا يعكس كل الاتجاهات الثلاثة المكانية، وبما أن كل هذه الانعكاسات تعكس التناظر (يتقلب يمينًا ويسارًا)، هذه الانعكاسات الثلاثة تُقدر بمقدار P واحدة فقط.

تجد، عندما تفعل هذا الـ (PT) في نظرية المجال الكمي، أنه لو قمت بعد ذلك بقلب شحنة الجسيمات المعنية (C)، فلا شيء يتغير عامةً.

حرفيًا، في كل ظاهرة و تفاعل معروف (على مستوى الجسيم)، وقلب إحداثيات كل من (PT) والشحنة (C) يترك القوانين الأساسية للفيزياء دون تغيير. من المفيد أخذ هذه التقلبات واحدةً تلو الأخرى.

اقتران الشحنة يقلب كل الشحنات في الكون.

الأكثر أهميةً لنا، البروتونات تصبح سالبة الشحنة والإلكترونات تصبح موجبة الشحنة.

اقتران الشحنة يُبقي كل قوانين الكهرومغناطيسية غير متغيرة.

عكس الوقت: لو شاهدت فيلمًا معكوسًا، ستيحدث الكثير من الأشياء المستحيلة تقريبًا. وجبات الطعام غير مأكولة، الروبوتات غير منفجرة، والقلوب غير محطمة.

الاختلاف الكبير بين ما قبل وما بعد كل موقف هو الإنتروبيا، والتي تزداد مع الوقت.

هذا “القانون الإحصائي” يعني أنه يصف فقط ما هو قابل للحدوث.

على نطاقات كبيرة كفاية لكي تُلاحظ، الإنتروبيا “لا تميل” إلى أن تقل؛ بمعنى أن النار “لا تميل” أن تغير الرماد إلى ورق؛ إنه قانون مثل أي قانون آخر.

لكن على نطاق صغير جدًا، الإنتروبيا تصبح اقتراحًا أكثر منها قانونًا. التفاعلات بين الجسيمات الفردية تحدث للأمام كما تحدث تمامًا للخلف، بما في ذلك إنشاء الجسيمات وفناؤها.

على اليسار: إلكترون وبوزيترون يُبادان لإنتاج فوتونين، على اليمين: يتفاعل اثنان من الفوتونات لإنشاء إلكترون وبوزيترون.

نحن نرى كلًا من هذين الحدثين في الطبيعة بشكل روتيني و هما حرفيًا يحدثان في عكس الوقت لبعضهما البعض.

المساواة: إذا كنت تراقب العالم من خلال مرآة، فلن تلاحظ أي شيء خاطئ.

إذا كنت تقوم ببناء سيارة، على سبيل المثال، ثم قمت ببناء واحدة أخرى كالتي توجد في مرآة معكوسة تمامًا، فستعمل كلٌّ منهما مثل الأخرى.

لم يكن لدينا حتى عام 1956 مثالٌ على شيء يتصرف بشكل مختلف عن مرآته التوأم.

من خلال وضع كوبالت -60 شديد البرودة في حقل مغناطيسي قويّ، كانت النوى والنيوترونات المتحللة متماثلةً إلى حدٍ ما، ووجدنا أن الإلكترونات أطلقت (إشعاع بيتا) في اتجاه واحد بشكل تفصيلي.

Chien-Shiung Wu في عام 1956 توضح مدى صعوبة بناء شيء يتصرف بشكل مختلف عن صورته المرآة.

الطريقة التي تتفاعل بها المادة من خلال القوة الضعيفة هي التسليم؛ بمعنى أنه يمكنك بشكل حقيقي معرفة الفرق بين اليمين واليسار.

خلال تحلل β-، النيوترون يتحول إلى بروتون بينما يخرج الإلكترون اثنين من النيوترونات المضادة للإلكترون وفوتون أو اثنين (عادةً) خارج النواة.

النيوترونات تقوم بالدوران؛ لذا فإن تحديد “الشمال” و “الجنوب” بطريقة تشبه طريقة دوران الأرض، يتبين أن الإلكترون المنبعث خلال تحلل β- دائمًا يُطلق من “القطب الجنوبي” للنيوترون.

لكن صور المرآة في الاتجاه المعاكس (جربها!) بحيث يتم قلْب ” الشمال” و “الجنوب” للصور. صورة المرآة للطريقة التي تتحلل بها النيوترونات مستحيلة. فقط خارج مسطح لم يسبق له مثيل في الطبيعة.

أليس هذا غريبًا؟ لا يجب أن يكون هناك “انتهاك عادل” في الكون، ولكن الانتهاك موجود.

تفاعل المادة مع القوة الضعيفة “تحت السيطرة”. عند إصدار إشعاع بيتا (تفاعل ضعيف)، تشكل المادة والمادة المضادة مرآةً لبعضها البعض.

التكافؤ والشحنة هي كيف تختلف المادة المضادة عن المادة.

تحتوي جميع جسيمات المادة المضادة على شحنة معاكسة لنظيرتها من جسيمات المواد، ويتم تغيير تكافؤها؛ بمعنى أنه عندما تتفاعل الجسيمات المضادة باستخدام القوة الضعيفة، فإنها تفعل ذلك مثل صورة المادة في المرآة.

عندما يتحلل مضاد النيوترون إلى مضاد البروتون، بوزيترون، إلكترون-نيوترينو، يخرج البوزيترون من “القطب الشمالي”.

“تناظر CPT” هو السبب في أن علماء الفيزياء سيقولون أحيانًا أشياءًا قد تبدو سخيفةً مثل “مضاد الجسيمات (CP) يشبه الجسيم الطبيعي الذي يعود في الزمن (T).

في الفيزياء، عندما تحاول معرفة كيفية تصرف مضاد للجسيمات في حالة ما، يمكنك دائمًا عكس الوقت والنظر في كيفية عمل جسيم طبيعي يسير في الماضي.

أن نقول “المادة المضادة مثل المادة التي تسافر إلى الوراء في الزمن”، هو صحيح من الناحية الفنية، ولكن ليس بطريقة مفيدة أو مفيدة بشكل خاص لأي شخص يعرفه تقريبًا.

هذا ليس مفيدًا بقدر ما يبدو. صراحةً، هذا مفيد لفهم تحلل البيتا والنيوترونات والطبيعة الأساسية للواقع أو أي كان، لكن بقدر فهمك الشخصي للمادة المضادة والوقت، هذه حقيقة عديمة الجدوى بشكل ملحوظ.

“الرجوع في الوقت “هو طريقة مفيدة لوصف تفاعلات الجسيمات الفردية، لكن عندما تنظر إلى نطاقات أكبر وأكبر، يبدأ الإنتروبي في لعب دور أكثر أهميةً، والمعالم المعتادة بمرور الوقت (على سبيل المثال، الساعات التي تدق، الحبر الذي يتلاشى، والأشجار التي تنمو) يظهر المادة والمادة المضادة بنفس الطريقة تمامًا.

لكن في نهاية اليوم إذا كان لديك صديق مصنوع من مادة مضادة (لا يهم كيف)، ستكبر في السن و تعيش وتختبر الزمن في نفس الطريقة.

أنت فقط لا تريد أن تكون في نفس المكان.

إن أهم سمة مميزة للوقت هي الإنتروبيا، والإنتروبيا تعامل المادة والمادة المضادة بنفس الطريقة تمامًا. المستقبل هو المستقبل لكل شيء.


  • ترجمة: عمر أيمن
  • تدقيق: أحلام مرشد
  • تحرير: كنان مرعي
  • المصدر