يُمكن لجزيئات ضئيلة تُسمّى النقاط الكمومية (نقاط الكوانتوم – Quantum Dots) أنْ تُقلل من أعراض مرض باركنسون في الفئران المهيأة لكي يتطور لديّها أحد أنماط مرض باركنسون، كما تمنع تشكل كتل البروتين السّامة لمرض الزهايمر.

يُمكن لنقاط الكوانتوم يومًا ما أن تُصبح علاجًا جديدًا من نوعه لاضطرابات الدماغ هذه، إلا أن التجارب على البشر لا تزال على بُعد بضعة أعوام.

يبلغ حجم نقاط الكوانتوم بضعة نانومترات فحسب، صغيرة جدًا لدرجة تجعلها مُعرَّضةً للتأثيرات الغريبة لفيزياء الكمّ.

لدى هذه النقاط خصائص تألقية وإلكترونية مفيدة، وتوجد في بعض شاشات التلفاز ومصابيح الصمامات الثنائية الباعثة للضوء (LED).

على عكس معظم الأدوية، الحجم الضئيل للنقاط الكمومية يعني أن بمقدورهم المرور من مجرى الدمّ إلى داخل المخ.

وقد تساءَل بيونج هي هونج في جامعة سيؤول القومية بكوريا الجنوبية وزملاؤُه عمّا إذا كانت ستُؤثر على الجزيئات المُشاركة في مرض باركنسون أو اضطرابات الدماغ الأخرى.

مرض باركنسون يتضمن رعشات متفاقمة ومشاكل بالحركة تدريجيًّا. يُعتقد أن مرض باركنسون يُسبّبه بروتين يُسمّى (سنيكلوين -Synuclein) موجود في العَصَبونات يُطوَى بشكل خاطئ، ما يُحفزّ سلسلة تفاعلات من التزاوج بجزيئات سنيكلوين القريبة. هذا يؤدي إلى تكوين خيوط طويلة أو لُيَيَفات من البروتين ما يُسفِر عن قتل العصبونات.

مفاجأة الكوانتوم:

وجد فريق هونج أنّه حين وضعها في طبق، ترتبط نقاط الكوانتوم المصنوعة من الجرافين -أحد أشكال الكربون- بالسنبلاوين ولا يمنعه فحسب من التكدّس داخل الألياف؛ بل أيضًا يُسبب انقسام الألياف الموجودة إلى جزيئات فردية. يقول هونج: «لم نتوقع أنّ نقاط الكوانتوم سوف تُزيد من تفكّك اللُيَيَفات».

من ثّم قام الفريق بحقن نقاط الكوانتوم داخل فئران سبق حقنها باللُيَيَفات، والتي عادةً ما تؤدي إلى تفاقم مشاكل الحركة تدريجيًّا.

بعد مضيّ ستة أشهر، أظهرت الفئران تحسنًا في اختبارين جسديّين مختلفين.

يقول هونج: «لو أثّر العلاج على البشر بنفس الكيفية فلن يكون واضحًا قدر الفائدة التي يحققها».

من الصعب ترجمة النتائج في الفئران لمرضى واقعيّين أجهزتهم أكثر تعقيدًا، لكنّنا نؤمن أنّ نقاط الكوانتوم يُمكنها تحقيق تأثيرات إيجابية إلى حدٍ ما.

وقد وجد فريق آخر أنّ النقاط الكمومية تُظهر بشائرَ أمل لمرض الزهايمر، بطريقة مماثلة، ترتبط النقاط الكمومية ببروتين يُسمّى أميلويد amyloid ويُقلل من تلازُمهما سويًّا، في عمليّة يُعتَقد أنّها مشاركة في مرض الخرف.

إلا أنّ اختبارات الزهايمر على النسخة الحيوانية لم تُقرّر بعد.

يقول هونج: «يمكن أن يكون لهذا تأثير شامل على كل عمليات التليف (تنكس ليفي في الغضروف) المرتبطة بالمرض».
ويتحرى فريقه استخدام نقاط الكوانتوم في مرض الزهايمر وداء العَصَبون الحركي، الحالة التي أثّرت على ستيفن هوكينج، والتي تضمنت أيضًا تكتل البروتين.

يقول سيباستيان بولسون من King’s College في لندن والذي لم يكن مُشاركًا في العمل: «إن النتائج على الفئران واعدة لكن ليس من شأنها أن ترفع آمال أيّ شخص حتى يتّم اختبار هذا النّهج المُتّبع على البشر، ولسوء الحظ في مرض باركنسون يوجد العديد من المركّبات التي أُثْبتت فعاليتها على الفئران لكن ليس على البشر».

يُضيف بولسون: «يُعدّ هذا نهجًا جديدًا من نوعه فمن غير المألوف لأيّ شيء أنْ يعكس عملية تكوين الألياف».

ويقول هونج: «لو جرَت اختبارات الأمان في الحيوانات على نحوٍ جيد، فنأمل أن نبدأ التجارب على البشر في غضون عامَين».


  • ترجمة: أسماء علي داود
  • تدقيق: أحلام مرشد
  • تحرير: صهيب الأغبري
  • المصدر