التهاب الشبكية الصباغي Retinitis Pigmentosa هو مصطلح يعبر عن مجموعة من الأمراض التي تصيب العين ما قد يسبب فقدان الرؤية. وتشترك هذه الأمراض مع بعضها بظهور ألوان معينة في شبكية العين يراها الطبيب عند فحص الشبكية.

عند حصول هذا المرض، فإن بعض الخلايا الموجودة في شبكية العين، وهي الخلايا المستقبلة للضوء، لا تعمل فيما بعد كما يجب، ما يسبب فقدانًا تدريجيًا للبصر.

التهاب الشبكية الصباغي مرض وراثي نادر، ينتقل من الآباء إلى الأبناء. وهو يظهر بنسبة حالة واحدة لكل 4000 شخص، وغالبًا المصابون يملكون تاريخًا عائليًا للإصابة بالمرض.

تمتلك الشبكية نوعين من الخلايا المستقبلة للضوء، هما العصي والمخاريط.

تتوضع العصيّ في محيط الشبكية، وهي تعمل بكفاءة في ظروف الإضاءة الضعيفة، وأما المخاريط فتتوضّع في مركز العين، وهي متخصّصة للرؤية في ظروف الإضاءة الجيّدة، وتحديدًا رؤية الألوان والرؤية الحادّة.

وعند الإصابة بالتهاب الشبكية الصباغي، فإنّ العصي تتأذّى أولًا، ما يسبب ضعف الرؤية الليلية، ومع الزمن فقدانًا في الرؤية المحيطية.

وعند امتداد المرض ليشمل المخاريط، تتدهور قدرتنا على إبصار الألوان، ويحصل ضعف بصر مركزي.

الأعراض:

يبدأ المرض عادة في حالة الطفولة. ولكن السنّ المحدّد الذي يبدأ به، وسرعة تدهور الحالة، يختلفان من شخص إلى آخر.

يفقد المرضى معظم بصرهم في سن الرشد، وبحلول الأربعين يصبحون عميانًا تمامًا.

وكما ذكرنا، أولى الأعراض ظهورًا هي ضعف الرؤية الليلية، أو مايسمى العشى الليليّ. وتلاحظ ذلك عند الانتقال من الضوء الساطع إلى غرفة مظلمة حيث تحتاج بعض الزمن للتأقلم مع الظلام، كما تجد صعوبة في تحديد طبيعة الأشياء في الظلام وفي الرؤية الليلية.

قد يحصل ضعف إبصار محيطي مترافقٌ مع العشى الليلي، أو لاحقٌ له. وقد تصاب بحالة تدعى «الرؤية النفقية» وتعني عدم القدرة على رؤية الأشياء غير الموجودة في المركز البصري إلا بتحريك الرأس وإدارته. قد تبدي أيضًا حساسية مفرطة للضوء الساطع، أو ما يدعى “photophobia”. كما يمكن أن يظهر لدى المرضى شرائط من الضوء التي تبرق وتومض فجأة، أوما يسمى طبيًا “ترائي الومضات- Photopsia”.

الأسباب:

أكثر من 60 جينًا معروفًا يساهم في إحداث الأنماط المختلفة لهذا المرض، ويورث هذا الاضطراب بثلاث طرق:

  • 1)التهاب الشبكية الصباغي المرتبط بالوراثة الجسدية المتنحية: هنا يملك كل من الوالدين أليلًا غير مصاب وآخر مصاب، ولا يظهران أية أعراض. وبما أن وجود أليلين مصابين شرط لحدوث المرض، فهناك احتمال يساوي 1/4 لإصابة الطفل بالمرض.
  • 2)التهاب الشبكية الصباغي المرتبط بالوراثة الجسدية المتنحية: يكفي لظهور هذا المرض وجود أليل واحد مصاب، وبالتالي احتمال اصابة الطفل هنا هي 1/2.
  • 3)التهاب الشبكية الصباغي المرتبط بالوراثة المتعلّقة بالصبغي الجنسي X: تملك النساء هنا نسخة مصابة واحدة، وغالبًا لا يبدين أي أعراض، ولكن 1 لكل 5 منهن يبدين أعراضًا متوسطة الشدة. وهناك احتمال 1/2 لتمرير المرض إلى الأبناء. أما الذكور، فوجود أليل واحد مصاب لديهم يكفي لظهور المرض بشكل حاد. وهم لا يمررون المرض إلى أبنائهم.

التشخيص:

أيّ اختصاصي بطب العيون قادر على تشخيص إصابتك بالتهاب الشبكية الصباغي، وللقيام بذلك يحتاج إلى النظر إلى عينك والقيام ببعض الفحوصات:

1)منظار العين:

سوف يقطر الطبيب بعينك لجعل بؤبؤ العين أكبر والحصول على منظر أوضح للشبكية. وسيستخدم أداة خاصة لرؤية مؤخرة عينك، وفي حال وجود المرض، سيظهر على شكل بقع سوداء على شبكية العين.

2)فحص المجال البصري:

في هذا الفحص يطلب من المريض النظر إلى طاولة خاصة موضوعة أمامه والتركيز على نقطة واقعة في مركزها تمامًا. وستظهر مجموعة أدوات على محيط الطاولة، وعند ظهور أداة على المحيط، يقوم المريض بالضغط على زر متصل بالطاولة. في النهاية، ستقوم الآلة بإظهار المجال الذي لم يستطع المريض رؤيته.

3)تسجيل كهربائيّة الشبكية:

يقوم الطبيب بوضع فيلم أو شريحة معدنية أو عدسة لاصقة خاصة على عينك، ويقوم بتسجيل استجابة شبكيتك لومضات الضوء الساقط عليها.

4)الفحص الجيني: تفحص عينة من الحمض النووي لتحديد نوع التهاب الشبكية التي يوجد لدى المريض.

وإذا كنت تعرف أحدًا من عائلتك مصابًا بهذا المرض، فعلى بقية أفراد العائلة المسارعة إلى طبيب العيون لإجراء الفحوصات اللازمة.

العلاج:

لا يوجد علاج لالتهاب الشبكية الصباغي، ولكن هناك بعض الإجراءات التي تقلل من سرعة تدهور الشبكية، ومنها:

1)الأسيتازولاميدAcetazolamide:

في المراحل الأخيرة من المرض، تتضخم المنطقة المركزية من الشبكية، ما سبب فقدانًا سريعا في الرؤية. هذا العلاج يقلل من التورم، وبالتالي يبطئ فقدان البصر.

2)بالميتات الفيتامين A :

استخدام هذا الدواء يمكن أن يقلل من آثار المرض مع السنين، ولكن الكمية الزائدة منه تكون سمية. لذلك، عليك متابعة الدواء بحذر مع طبيبك.

3)النظارات الشمسية:

تقلل من تعرض شبكية العين للضوء، ولا سيما الأشعة فوق البنفسجية، والتي يمكنها تسريع تدهور المرض.

4)الغرس الشبكي: 

هو جهاز إلكتروني يوضع في العين، ويمكنك من رؤية الأحرف الكبيرة، والتجول دون الحاجة إلى عصا أو كلب دليل.

وهناك بعض العلاجات الاخيرة التي ما تزال تجريبية:

مثل استبدال خلايا سليمة بتلك المصابة، والمعالجة الجينية لإحلال الجينات الصحيحة في خلايا الشبكية الطافرة.


  • ترجمة: عيسى ضومط
  • تدقيق: م. قيس شعبية
  • تحرير: زيد أبو الرب

المصدر