قال مات كراوفورد، أستاذٌ مساعدٌ في التاريخ في جامعة كينت في أوهايو: «للإجابة عن هذا السؤال ينبغي علينا النظر إلى سمعة كولومبوس في الوقت الذي سمّى فيه الأوروبيون القارات الجديدة، بالإضافة إلى الحملة الدعائية الناجحة التي قادها المستكشف الإيطالي أمريكو فيسبوتشي».

انتقل كريستوفر -الذي وُلد عام 1451 في مدينة جنوة بإيطاليا- إلى البرتغال عام 1476 ليبدأ نشاطه الجديد في رسم الخرائط.

أُطلق على هذا الوقت عصر الاستكشاف، وكانت البرتغال في ذلك الحين رائدةً بعد اكتشافها جزر ماديرا والأزور في المحيط الأطلنطي، وأبحرت حتى جزء من الساحل الغربي لأفريقيا.

ما كانت تريده أوروبا في ذلك الوقت هو طريقٌ للوصول إلى الهند، وكانت الإمبراطورية العثمانية قد منعت وصول الأوروبيين عبر القسطنطينية وشمال أفريقيا والبحر الأحمر أيضًا.

أراد كريستوفر أن يشارك في جزءٍ من العمل ليصبح ناجحًا وذا شهرة، واقترح -كما اقترح كثيرون من قبله- إمكانية الوصول إلى آسيا عبر الإبحار غربًا.

اكتشاف كولومبوس العالم الجديد وعدم ملاحظته ذلك

رفضت البرتغال فكرة كريستوفر كولومبوس، فأخذ خطّته إلى إسبانيا، لم ترفض البرتغال فكرته لأنه لم تكن له سمعةٌ جيدة، لكن لأنها ظنّت أنه قد قلّل من شأن المسافة بين أوروبا والهند.

كان اعتقاد الإسبان غير واضحٍ بشأن نجاح كريستوفر كولومبس، ومع ذلك، وعدوه بالكثير إذا وجد طريقًا إلى الهند، وقال كراوفورد: «لقد وُعد بأشياء كثيرة في مقابل ذلك، بجزءٍ كبيرٍ نسبيًا من التجارة والثروة التي تأتي من اتصالاتٍ مباشرة مع آسيا، لقد وُعد باللقب الكبير (أميرال بحر المحيط) و(نائب الملك في جزر الهند)».

وما حدث بعد ذلك صنع التاريخ، إذ أبحر كولومبوس مباشرةً إلى جزيرة باهامان في جواناهان.

وخلال الرحلات الأربع التي قام بها كولومبوس إلى العالم الجديد (أميركا) وطأت قدماه جزرًا مثل كوبا وهسبانيولا وبعض سواحل أمريكا الوسطى والجنوبية أيضًا، وأكّد مجددًا أنه قد وجد آسيا؛ ربما لأنه أراد أن يحتفظ بثروةٍ وعدةٍ ألقابٍ وعدت بها إسبانيا.

فشل كولومبوس في الوصول

قال كراوفورد إنَّ هذا الموقف جعل بعض معاصري كولومبوس ينظرون إليه على أنه شخصٌ مخادعٌ لا يمكن الوثوق به، وكان المستكشف البرتغالي فاسكو دي جاما في هذا الوقت قد سافر من البرتغال إلى الهند وعاد مرةً أخرى من طريق رأس الرجاء الصالح من ناحية جنوب إفريقيا من عام 1497 إلى 1499م، وهذا إن دل على شيء فهو يدلّ على أن البرتغال قد هزمت إسبانيا في اكتشاف طريقٍ للوصول إلى الهند.

كان الملك الإسبانيّ غير سعيدٍ بشأن فشل وصول كولومبوس إلى آسيا، فأرسل وكيلًا لاعتقال كولومبوس وإعادته إلى إسبانيا، وفي وقتٍ لاحقٍ جرّده من ألقابه.

الرسائل

كتب كولومبوس في عام 1493م رسالةً إلى أحد مؤيديه موضحًا فيها اكتشافه (أُعيدت طباعة تلك الرسالة في وقتٍ لاحقٍ وقُرئت من قِبل الكثيرين).

كانت لرسائل أمريكو فيسبوتشي (الذي أبحر تحت علم إيطاليا) شعبيةٌ كبيرة، فقد كانت أول رحلةٍ له للعالم الجديد في عام 1499م، وعندما وصل فيسبوتشي إلى هذه الأراضي أدرك أنها ليست آسيا بل قارات جديدة، وأرسل إلى راعيه رسائل حول العالم الجديد وكانت تلك الرسائل هي الأفضل مبيعًا في جميع أنحاء أوروبا.

كان لتلك الرسائل أثرٌ على رسّام خرائط مشهور يُسمّى مارتن فالديسمولر، إذ ابتكر مارتن أول خريطةٍ لاستخدام اسم أمريكا، ومع ذلك كانت لهذا الاسم شعبية في البرازيل.

لماذا سُمّيت أمريكا وليس أمريكو؟

أما بخصوص تسميتها بـ أمريكا وليست بـ أمريكو، فقد كانت تلك مقدمة كتيّبٍ لرسام الخرائط مارتن والديسملر، إذ قال: «إنَّ أوروبا وآسيا حصلتا على اسميهما من النساء، فلا أرى سببًا يمكّن أي شخصٍ من الاعتراض على هذا الاسم».

إدراك رسام الخرائط أحقية الاسم لكولومبوس

توقف مارتن عن استخدام اسم أمريكا في الخرائط التي صنعها في عامي 1513 و1516م؛ ربما لأنه أدرك أنَّ كولومبوس كان هو المكتشف الأول لها، لكن هذا كان متأخرًا فقد استخدم رسامو خرائط آخرين اسم أمريكا ونسخوه ونشروه في نطاقٍ واسع، وقال كراوفورد: «إنَّ اسم أمريكا قد تأصّل في نهاية القرن السادس عشر».

وأضاف: «هذا المشروع كله هو وضعٌ للخرائط وتخصيص علاماتٍ وأسماء أوروبية لأماكن لا تخصّها وليس لها أي علاماتٍ تجارية على سبيل المثال، فهذا جزءٌ من جهودهم للاستيلاء على تلك الأراضي».


  • ترجمة: أحمد أبو ليلة
  • تدقيق: تسنيم المنجّد
  • تحرير: صهيب الأغبري
  • المصدر