وجدنا وفقًا لدراسةٍ حديثة علامات الاضطراب الدماغي القاتل (داء كورتزفِلد-ياكوب (CJD) Creutzfeldt-Jakob disease) في العين.

فقد تمكّن الباحثون من إثبات وجود البريونات -البروتينات المعدية الّتي تسبّب المرض- في عيون ما يقارب إثني عشر مصابًا بمرض كورتزفِلد-ياكوب (CJD).

وتكمن أهميّة ذلك في فتح بوّابة على الدماغ يمكن أن تساعد الباحثين في الكشف المبكّر عن المرض وذلك عند اكتشاف طرق فحص عينيّة جديدة.

وكما ذُكِرَ في البحث أّنّ النتائج تشير إلى إمكانية انتشار المرض عن طريق الفحوص العينيّة الروتينيّة والجراحة العينييّة إذ يمكن أن تتلوّث الأدوات بالبريونات الممرضة.

لقد قام بهذه الدّراسة باحثون في المعهد الوطني للحساسيّة والأمراض المعدية، في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو وَ يو – سي سان فرانسيسكو ونُشرت بتاريخ (20 تشرين الثاني) في (مجلّة م-بيو journal mBio).

البريونات في العين:

مرض Creutzfeldt-Jakob: هو اضطّراب عصبيّ مترقٍّ يصيب قرابة المليون شخص حول العالم في السنة وفقًا لإحصائيّات (المعاهد الوطنيّة للصّحّة National Institutes of Health)(NIH).

يوجد تشابه بين هذا المرض Creutzfeldt-Jakob مرض جنون البقر (mad cow disease) في الأبقار إذ ينتج كلا المرضين عن الإصابة بالبريونات: وهي بروتينات مطويّة بشكل غير صحيح تؤدّي إلى آفات الدماغ.

يعدّ النّمط الفُرَادِي sporadic type هو الأكثر شيوعًا بين أنماط مرض Creutzfeldt-Jakob وما نعنيه بذلك هو غياب ظهور أسباب جينيّة أو بيئيّة للمرض.

لا يوجد علاج لمرض CJD كما أنّه يؤدّي عادةً إلى الموت خلال سنة من التّشخيص.

لقد وُجد سابقاً عددٌ قليلٌ من المرضى المصابين ب CJD ويحملون البريونات في عيونهم، ولكن لم يكن مدى شيوع وانتشار البريونات في مناطق العين واضحًا، ويُعزى ذلك إلى إجراء تلك الدّراسات السابقة قبل تطوّر الاختبارات الأكثر حساسيّة، والّتي نشهدها اليوم، في الكشف عن البريونات.

قام الباحثون بتحليل ودراسة عيون 11 مريضًا ممن توفّوا نتيجة الإصابة بـ CJD ووافقوا أن يتبرّعوا بأعينهم لإجراء البحث، وتعدّ تلك الدراسة أكبر دراسة إلى تاريخنا هذا تقوم بفحص عيون مرضى CJD والبحث عن البريونات فيها.

لقد عثر الباحثون على البريونات في ثمان مناطق درسوها في عيون هؤلاء المرضى المتبرّعين بأعينهم وتشمل المناطق المدروسة: القرنيّة، الجسم البلّوري (عدسة العين)، السّائل العيني، الشّبكيّة،المشيميّة (إحدى طبقات العين تتألّف من أوعية دمويّة ونسيج ضامّ)، الصّلبة (المنطقة البيضاء في العين)، العصب البصري (الّذي يربط بين الجزء الخلفي للعين والدماغ) كما أنّهم وجدوا تلك البريونات في العضلات خارج المقلتين (الّتي تتحكّم بحركة العين).

يقول الباحثون: «تشهد الشّبكيّة -طبقة العين الّتي تحوي الخلايا الحسّاسة للضّوء وتتوضّع في القسم الخلفي من العين- المستويات الأعلى من البريونات، وتكاد تلك المستويات تقترب في بعض الحالات من المستويات الموجودة في الدّماغ».

 

ولكن، هل يوجد تشخيص للمرض؟

الطّريقة الوحيدة لتأكيد تشخيص مرض CJD في وقتنا الحالي هي فحص عيّنة من نسيج الدّماغ للمريض بعد الوفاة.

إلّا أنّه توجد طرق لتشخيص الحالات المحتملة والمشكوك بحدوثها عندما يكون الإنسان على قيد الحياة ويتم ذلك بتحليل النشاط الكهربائي للدّماغ، أو مسح الدّماغ، أو اختبارات الكشف عن البريونات في السّائل الدّماغي الشّوكي.

ما يزال CJD مرضًا صعب التشخيص بسبب تنوّع الأعراض التي يظهرها المريض والتي يمكن أن تشابه أعراض حالات أخرى أكثر شيوعًا.

تشمل الأعراض المبكّرة: التوتّر، الاكتئاب، فقدان الذاكرة، تغيّرات الشخصيّة، مشاكل في الرّؤية، الأرق، مشاكل في التّفكير والتّنسيق بين العضلات وفقًا لـ (مايو كلينيكMayo clinic ).

يقول الباحثون: «يمكننا استغلال النتائج التي توصلنا إليها في هذا البحث، وخاصّة بعد معرفتنا أنّ البريونات تتركّز في شبكيّة العين، في الكشف المبكّر عن المرض الّذي يسببه البريون إذ يمكن تطوير اختبارات عينية بإمكانها الكشف عن وجود البريونات في العين».

ويفترض الباحثون أنّه يمكن قياس الاستجابة الكهربائية لخلايا الشّبكيّة ومنها يمكن ملاحظة الشّذوذات وبالتالي نحتاج إلى المزيد والمزيد من الأبحاث لتطوير تلك الاختبارات والفحوصات العينيّة لتشخيص مرضى CJD، ولاحظ الباحثون أيضًا أنّ ما يقارب 40% من مرضى CJD يعانون من أعراض عينيّة والتي تظهر أحيانًا في مراحل مبكّرة من المرض ما يضطّر بعضهم إلى استشارة طبيب العيون وقد يؤدّي إلى تلوّث أجهزة الفحص العيني بتلك البريونات المعدية وانتقال المرض إلى الآخرين.

ويقول الباحثون: «إنّ ما وجدناه أخيرًا بعد فحص عيون مرضى كورتزفِلد-ياكوب CJD يدعم الإرشادات التي تنصّ على منع استخدام الأدوات الشخصيّة من قبل الآخرين بالإضافة إلى العديد من إجراءات إزالة التّلوّث الأخرى».


  • ترجمة: رهف السّيّد
  • تدقيق: محمد قباني
  • المحرر: ماتيو كيرلس
  • المصدر