أمضيتُ ساعات كثيرة في لعبة MMO، لكن الشعور بالذنب المرافق لتلك الساعات الطوال ليس غريبًا على الإطلاق.

إن وجود أدلة متزايدة على أن هذه الهواية قد يكون لها تأثيرات إيجابية على دماغك لأمر مُفرح، كتحسين التحكم المعرفي، والتنظيم العاطفي، وثبات الحيز المكاني للرؤية، وتنسيق الحركات بين العين واليد، وحساسية التباين contrast sensitivity.

أجرى باحثون أستراليون وصينيون دراسة في عام 2015، ووجدوا أن اللعب المنتظم لألعاب الفيديو القتالية – action video games (AVG) يزيد من كمية المادة الرمادية في دماغ الشخص -وهي الجزء المسؤول عن التحكم في العضلات ومهارات الإدراك الحسي مثل الرؤية والسمع؛ وظيفة الذاكرة والعاطفة، والكلام، وتشكيل القرار- كما أنه يعزز وجود اتصال أفضل في مناطق فرعية معينة من الدماغ مرتبطة بهذه الوظائف.

استخدم الفريق، بقيادة باحثين من جامعة العلوم والتكنولوجيا الإلكترونية في الصين وجامعة ماكواري في سيدني، عمليات مسح بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI) لتحليل أدمغة 27 من اللاعبين الذين حققوا مستويات احترافية في ألعاب الفيديو القتالية، بعد أن فازوا ببطولات إقليمية ووطنية في League of Legends أو DOTA2.

قارن الفريق بين نشاط أدمغة هؤلاء اللاعبين الخبراء مع نشاط الدماغ للأشخاص الذين لا يلعبون عادةً هذا النوع من الألعاب.

ركزت فحوصات الرنين المغناطيسي الوظيفي على منطقة القشرة الدماغية في الفص الجزيري the brain’s insular cortex region، والتي يُعتقد أنها مرتبطة بوظائف إدراكية “أعلى” والتي غالبًا ما تُرى فقط في البشر والقرود العليا، مثل معالجة اللغة والتعاطف والشفقة.

كما يرتبط أيضًا بالقدرة على التركيز بانتباه على مهمة ما، ومهام التحكم الحركية التي تحتاج لتناسق بين العين واليد، والبلع، والحركة المعوية، والتعبير عن الكلام.

ويكشف الشكل أدناه عما وجدوه – زيادة الترابط بين مناطق فرعية معينة في القشرة المخية الداخلية، وزيادة السماكة، ومساحة سطح، وحجم المادة الرمادية.

شرح أليكس بيريزو النتائج في Real Clear Science: «يصور الشكل مسارات الدماغ مع تعزيز للاتصالات الوظيفية لدى لاعبي AVGs الخبراء مقارنةً بالهواة».

«لاحِظْ أن المناطق الأمامية (الخضراء)، الانتقالية (الصفراء) والخلفية (الحمراء) من الدماغ أظهرت مقدار أكبر من الاتصالات لدى الخبراء، ولا سيما في النصف الأيسر من الدماغ».

«وأظهرت الفحوصات اللاحقة أن لاعبي AVGs الخبراء لديهم مادة رمادية أكثر في قشرة الفص الجزيري الأيسر وثلم الفص الجزيري المركزي».

بناءًا على ذلك، يقترح الباحثون أن جعل ممارسة ألعاب الفيديو أمرًا روتينيًّا، يمكن أن يزيد من فعالية حجم المادة الرمادية والاتصال بين الشبكات في مناطق معينة من الدماغ.

«من خلال مقارنة خبراء AVG والهواة، وجدنا أن خبراء AVG قد عززوا الاتصال الوظيفي وحجم المادة الرمادية في مناطق الفص الجزيري»، كما كتب الفريق في التقارير العلمية.

«علاوةً على ذلك، أظهر خبراء AVG زيادة الاتصال الوظيفي بين شبكات الانتباه والاستشعار، وكان التعزيز المتعلق بالتجربة واضحًا في منطقة الفص الجزيري الأيسر، وهي منطقة دماغية رديفة. وبالتالي، قد يؤدي اللعب في AVG إلى تعزيز التكامل الوظيفي بين المناطق الفرعية المعزولة والشبكات ذات الصلة بها».

الآن، هذا لا يعني أن عليهم المبالغة بلعب ألعاب الفيديو لتطوير دماغ أفضل – فالنماذج الأخرى ذات المهام المتكررة، القائمة على المهارات مثل الرياضة والرسم والقيادة، من المحتمل أن يكون لها تأثيرات مشابهة.

وستكون النتائج أكثر وضوحًا على المدى الطويل، حتى نتمكن من رؤية دليل على نمو الاتصالات والمادة الرمادية.

لكن من الجيد أن تعرف أنه ليس بالضرورة أن تجعلك الألعاب غبيًا، أو تلتهم عقلك، بل في الواقع، يمكن أن تجعلك تتعلم بشكل أسرع.


  • ترجمة: كنان مرعي
  • تدقيق: مرح منصور
  • تحرير: مازن سفّان
  • المصدر