الكروموسومات هي وحدة بنائك

كم عدد الكروموسومات في الإنسان ؟ داخل جسم الإنسان، هناك تريليونات من الخلايا الميكروسكوبية الشاملة لجميع الأشياء التي تتيح لأجسامنا تأدية وظائفها. توجد نواة في داخل كل من تلك الخلايا ، والتي يمكنك اعتباراها مركز قيادة الخلية، وهي منزل الكروموسومات. الكروموزومات هي كامل سلسلة ال «DNA» (الحمض النووي الريبوزي منقوص الاكسجين) الخاصة بك مرفقة بمجموعة من البروتينات التثبيتية. الجينوم الخاص بك أو المجموعة الكاملة من الجينات وموادك الجينية مكتوبة عبر 23 زوجًا من الكروموسومات، ما يجعلها 46 كروموسومًا بالإجمال. من أين أتت هذه الكروموسومات؟ حسنًا، عندما حملت بك أمك تلقيت نصف تركيبتك الجينية من والدتك والنصف الآخر من والدك.

الكروموسومات مهمة للغاية في تعبئة حمضك النووي على شكل لفائف أنيقة للمساعدة في عملية الانقسام الخلوي. كذلك هي تحتوي على تركيبتك الجينية الكاملة فهي ما تجعلك أنت!

تفكيك الكروموسومات

لو فككت كروموسومًا معينًا، ستجد أنه يشبه في تركيبته الخيوط، ولو فككته أكثر وأكثر ستجد كتلًا من البروتينات تُسمى الهستونات مغلفة في هذا الحمض النووي.

تختلف جزيئات ال «DNA» عن الجزيئات الأخرى، إذ تتحد ذراتها لتشكل سلمًا حلزونيًا (لولبيًا) يخدم مثل مخطط وراثي لجميع الكائنات الحية. يتكون سلم الحمض النووي الطويل هذا من أربعة أنواع من النيوكليوتيدات: الأدينين والغوانين والسايتوسين والتايروسين، وهي السلاسل التي تربط هذا التركيب اللولبي ببعضه. تُعد النيوكليوتيدات وحدة البناء الأساسية للبروتينات والتي بدورها تنتج كل الأنسجة والأعضاء التي تسمح لك بالتنفس والرؤية والسمع والتفاعل مع محيطك ومع العالم من حولك على أكمل وجه.

عادة ما تُرسم الكروموسومات على شكل اثنين من النقانق متصلين في نقطة وسط أو بما يسمى (القطعة المركزية-Centromere). ومع ذلك، يتوفر الحمض النووي معظم الأحيان في شكله الأصلي – مثل كرة صوف طويلة فوضوية ومتشابكة حُشرت داخل النواة. فقط عندما يحين أوان انقسام الخلية يبدأ الكروموسوم بالتكثف إلى شكله اللولبي المنتظم. يوفر هذا الشكل هيكلًا متينًا وعمليًا، ما يتيح للحمض النووي الانقسام بشكل متعادل.

عدد الكروموسومات الحمض النووي الخلايا

عدد الكروموسومات

كيف للكروموسومات أن تجعلنا مختلفين قليلًا (أو كثيرًا)؟

ولكن ما هو الدور التي تلعبه الكروموسومات في جعلك مختلفًا عن أخيك أو أختك؟ أو حتى ما الذي يجعلك مختلفًا عن الكلاب أو الفيلة؟

هذه التغيرات ناتجة عن تحورات وراثية (طفرات جينية)، أو عن تغير دائم في جزء من ال «DNA» والذي يشكل جينًا معينًا. يمكن لهذه الطفرات أن تحدث بطريقتين رئيسيتين. هنالك الطفرات المُورَثة، وهي التي ورثتها عن أبويك والكامنة مدى حياتك في كل خلية من خلايا جسدك.

قد يكون أفراد عائلتك حساسين لسكر اللاكتوز (العجز عن هضمه)، أو يملكون شعرًا أصهبًا أو عيونًا زرقاء، هذه الطفرات موجودة دائمًا في كروموسوماتك ويمكن إيراثها لأطفالك فيما بعد.

تشير الدراسات إلى أن الأبوين يورثان ما يقارب ال 60 طفرة جينية لنسلهم – تساعد هذه الطفرات في خلق الأنماط الخارجية أو التصرفات التي تجعلك مختلفًا عن أقرانك. وهناك أيضًا طفرات مكتسبة، والتي تحدث في مرحلة ما من حياتك وفي خلايا محدودة داخل جسدك، قد تحصل هذه الطفرات نتيجة انقسام الخلايا أو عن طريق العوامل البيئية كالأشعة فوق البنفسجية والفيروسات.

يساعد عدد الكروموسومات في الكائنات الحية على التفريق بينها والأنواع الأخرى. كما ذكر سابقًا، لدى الإنسان 46 كروموسومًا مرتبًا في شكل 23 زوجًا. لدى (الأيائل الصغيرة-Reeves’s muntajacs) والظبيان 46 كروموسومًا كذلك، قد تُفاجأ بأن البطاطا والغوريلا والفئران الصغيرة تملك 48 كروموسومًا.

والأغرب من ذلك أن سمك الشبوط يملك 104 كروموسومات، ولدى الأفعى المجلجلة 184 كروموسومًا، بينما يملك التوت البري الأسود 308 كروموسومات. حتمًا إن عدد الكروموسومات لا يكافئ التعقيد الجلي في الكائنات الحية. بالإضافة لذلك، لا يمكنك التمييز بين أصناف الكائنات الحية عن طريق عدد الكروموسومات فحسب.

يتحدد عدد الكروموسومات للحيوان أو النبات عن طريق الصدفة المحضة، يمكن لعدد الكروموسومات أن ينقص بواسطة الاندماج أو يزيد عن طريق تعدد الصيغ الصبغية – ما يجعل الأنواع الجديدة تشمل على عدد مختلف من الكروموسومات مقارنة بأسلافها. يحدث الاندماج عند اتحاد كروموسومين عن طريق الصدفة، وهذا التفسير المُرجَّح لكيفية تطور القرود إلى بشر. وجد العلماء أن الكروموسوم 2 في الإنسان يشبه كروموسومين اثنين لدى القرود قد اتحدا. ما يعني أنه ربما هذه هي الطريقة التي حولتنا من كائنات أولية إلى الإنسان الذي نراه اليوم.

على الوجه الآخر، يحدث تعدد الصيغ الصبغية نتيجة أخطاء في انقسام الخلايا. تنقسم الحيوانات المنوية أو البويضات أو الخلايا الجنسية من خلال آلية الانقسام الاختزالي. يتكثف ال «DNA» خلال هذه العملية ليشكل الكروموسومات، والتي تُسحب إلى جوانب متعاكسة من الخلية.

تنقسم هذه الخلية بعد ذلك إلى خليتين جديدتين. يحصل الخطأ في بعض الأحيان عند عدم فصل الكروموسومات بالشكل الصحيح، ما يؤدي إلى خلية جديدة شاملة على عدد كروموسومات أكبر من المعتاد. في حال خُصِّبت هذه الخلية عن طريق حيوان منوي، سينتهي الحال بالكائن الحي الجديد مع عدد كروموسومات أكبر من أسلافه. يُعد هذا الخطأ قاتلًا في الإنسان ولا تنجو هذه الأجنة. ولكن في بعض الكائنات غير الفقارية كالديدان المسطحة والعلق والعديد من النباتات، يواصل الكائن الجديد الحياة.

الكروموسومات: بهار الحياة

من دون الكروموسومات، سنفقد استنساخ ال «DNA» وبالتالي التنوع في الإنسان والكائنات الأخرى. نحن بحاجة هذه الجزيئات الشبيهة بالخيوط لتنظيم ال «DNA» المتداخل والمعقد خاصتنا سواء كان في النواة أو أثناء عملية الانقسام. على الرغم من أن عدد الكروموسومات لا يحدد مدى تعقيد عملية التطور في النباتات أو في الحيوانات، الجينات التي تحويها هذه الكروموسومات تفعل ذلك بالتأكيد. هذه المعلومات الجينية التي تحملها الكروموسومات هي ما يجعلك – كائنًا حيًا يحمل 46 كروموسومًا و24.000 جينًا – مختلفًا عن جميع تلك الكائنات الحية الأخرى بأنواعها التي تعيش في هذا الكوكب الواسع.

اقرأ أيضًا:

ترجمة: صالح الشيخ
تدقيق: نغم رابي

المصدر