كم عدد أقمار كوكب نبتون ؟

نبتون، العملاق الغازي المتجمد هو ثامن كواكب مجموعتنا الشمسية بعدًا عن الشمس، اكتشفه عالما الفلك أوربان لوفيرييه ويوهان جدفريد سنة 1846، وسُمِّي نبتون وفقًا للعرف السائد في تسمية الكواكب باسم: إله البحر الروماني؛ المعادل للإله بوسيدون عند الإغريق، وبعد سبعة عشر يوم فقط من اكتشافه، بدأ العلماء ملاحظة أن له نظام من الأقمار خاصًا به. فما هي أقمار كوكب نبتون وما عددها؟

في البدء، كان يمكن رصد ترايتون فقط؛ وهو أكبر أقمار كوكب نبتون ، لكن بفضل تطور تلسكوبات الرصد الأرضي ومجسات الفضاء الروبوتية في منتصف القرن العشرين، أصبح من الممكن اكتشاف عددٍ أكبرَ من الأقمار ، والآن يمتلك نبتون 14 قمرًا معترفًا بهم، وتقديرًا للكوكب الأب؛ أطلق على جميع هذه الأقمار أسماء آلهة فرعية تابعة لإله الماء الإغريقي.

الاكتشاف والتسمية:

نظرًا لكون ترايتون هو أكبر أقمار نبتون فقد اكتُشف أولًا في 10 أكتوبر 1846 بواسطة عالم الفضاء ويليام لاسيل؛ بعد سبعة عشر يومًا فقط من اكتشاف كوكب نبتون نفسه، ثم استغرق الأمر حوالي قرن كامل لاكتشاف أقمار أخرى لنبتون.

أقمار كوكب نبتون الأقمار

أقمار كوكب نبتون

نيريد، ثاني أكبر أقمار كوكب نبتون والثاني في الترتيب من حيث الاكتشاف، كان ذلك في اليوم الأول من شهر مايو 1949 من قبل جيرارد كايبر (الذي سُمِّيَ حزام كايبر تيمنًا به) وذلك باستخدام صفائح فوتوغرافية من مرصد ماكدونالد في منطقة فورت دايفيس بولاية تكساس، أما القمر الثالث والمسمى لاريسا؛ فقد شوهد للمرة الأولى من قبل كل من هارولد رايتسيما وويليام هوبارد ولاري ليبوفسكي ودافيد ثولن في 1 مايو 1981.

كان اكتشاف هذا القمر مجرد مصادفة قد حدثت نتيجة بحث عن حلقات مماثلة لتلك المكتشفة حول كوكب أورانوس قبل أربع سنوات، ففي حال وجود حلقات؛ فإن إضاءة النجم ستقل قليلًا قبل وصول الكوكب لأقرب نقطة منه، وفي أثناء مراقبة أحد النجوم قبل وصوله لأقرب نقطة من نبتون ؛ خفتت إضاءة النجم لثوانٍ قليلة؛ وهو ما رجَّح وجود قمر وليس مجرد حلقة.

لم تُكتشف أية أقمار جديدة حتى حلقت المركبة (فوياجر 2) حول نبتون سنة 1989، وفي مسارها خلال مجاله؛ اكتشفت المجساتُ الفضائيةُ القمرَ لاريسا بالإضافة إلى خمسة أقمار أخرى وهي: ناياد، ثالاسا، ديسبينا، جلاتيا، بروتوس.

اكتشفت خمسة أقمار خارجية إضافية سنة 2001 بعد رصدهم من قبل تلسكوبات أرضية ضخمة بمرصدي سيرو تولو الأمريكي وتلسكوب كندا – فرنسا – هاواي ما يوصل عدد أقمار كوكب نبتون إلى ثلاثة عشر قمرًا، وفي أبحاث لاحقة سنة 2002 و 2003 أعيد رصد هذه الأقمار وهي هاليميدي وساو وبساماثي وليوميديا ونيسو.

وفي 15 يوليو 2013 كشف فريق من علماء الفلك من معهد سيتي -SETI بقيادة مارك شفالتر أنهم قد اكتشفوا في الصور الملتقطة في الفترة من 2004 حتى 2009 عبر التلسكوب “هابل” قمرًا رابع عشر لم يكن معروفًا من قبل، ويعرف هذا القمر الجديد حتى الآن باسم S/2004 N 1 ويُعتقد أن قطره يتراوح ما بين 16-20 كم.

وفقًا لنظام تسمية الكواكب: أطلق على كل أقمار كوكب نبتون أسماء آلهة إغريقية ورومانية، وفي هذه الحالة جميعها يحمل أسماء آلهة البحر على النحو التالي: أبناء بوسيدون (ترايتون، بروتيوس، ديبسينا، ثالاسا)، وآلهة الماء الإغريقية (ناياد ونيريد)، وحوريات البحر (هاليميدي، جالاتيا، نيسو، ساو، ليوميديا، بساماثي).

ومع ذلك لم تطلق أية أسماء على هذه الأقمار حتى القرن العشرين، وعلى الرغم من أن اسم ترايتون – والذي اقترحه كاميل فلاماريون في كتابه Astronomie Populaire إلا أن هذا الاسم لم يستخدم قبل سنة 1930.

الأقمار الداخلية (المنتظمة):

أقمار كوكب نبتون المنتظمة هي تلك الأقمار القريبة من الكوكب، والتي تتبع مدارًا دائريًا متقاربًا عند خط الاستواء. وترتيبهم حسب بعدهم عن نبتون كالتالي: ناياد، ثالاسا، ديسبينا، جالاتيا، لاريسا، S/2004 N 1، وأخيرًا بروتيوس. كل هذه الأقمار باستثناء الأخيرين تقع ضمن المدار المتزامن للكوكب؛ وهو ما يعني أنها تدور أبطأ من دوران الكوكب نفسه؛ بسبب التقيد المَدِّي للكوكب.

ترتبط الأقمار الداخلية بنظام الحلقات الداخلي لنبتون، إذ يدور ناياد وثالاسا بين حلقتي جالي وليفيريير، بينما يدور قمر ديسبينا داخل حلقة ليفيريير، ويدور جالاتيا دائمًا داخل حلقة آدامز؛ كما تساهم جاذبيته في الحفاظ على جزيئات هذه الحلقة سويًا.

فقط ترايتون ونيريد؛ أكبر أقمار نبتون هما الذَيْن قد صُوِّرا بوضوحٍ يمكن معه استبيان شكليهما؛ وخصائص سطحيهما، إلا أن كل ٌامار كوكب نبتون الداخلية – باستثناء لاريسا وبروتيوس أصحاب الأجسام المستديرة – تمتلك شكلًا بيضاويًا بنسبة تتراوح بين 7: 10%.

وتشير أطياف هذه الأقمار إلى أنها مكونة من جليد الماء الملوث بمادة شديدة القتامة يرجح أنها مكونات عضوية، وعلى هذا النحو؛ تعتبر أقمار كوكب نبتون الداخلية شبيهة جدًا بأقمار أورانوس الداخلية.

الأقمار الخارجية (الشاذة):

أقمار نبتون الشاذة – أي ما تبقى من الأقمار؛ ومن ضمنهم ترايتون- تتبع مدارًا ذا ميل عشوائي أو متراجع بعيدًا عن الكوكب نفسه؛ ويستثنى من ذلك القمر: ترايتون؛ الذي يدور بالقرب من الكوكب في مسار دائري، لكنه مائل ومتراجع في ذات الوقت.

وترتب هذه الأقمار حسب بعدها عن الكوكب كالتالي: ترايتون ثم نيريد ثم هاليميدي ثم ساو ثم لاوميديا ثم نيسو وأخيرًا: بساماثي، وتتشابه هذه الأقمار بأجسامها ذات المدار التراجعي أو التقاربي – باستثناء ترايتون ونيريد- مع أقمار الكواكب العملاقة الأخرى؛ إلا أنه من المرجح أن جاذبية نبتون سيطرت عليها.

ترايتون ونيريد:

يعد كلا القمرين عشوائيًّا بشكل خاص؛ لذا يعاملان بشكل منفصل عن باقي الأقمار الشاذة الخمسة، إذ سُجِّلت أربعة اختلافات رئيسة بينهما. أولًا: يعد هذان القمران أكبر الأقمار الشاذة المعروفة في نظامنا الشمسي كله، ويعد ترايتون قوة مغناطيسية أكبر من كل الأقمار والأجسام غير المنتظمة بكتلة تمثل 99.5% من كل الكتلة المعروفة في مجال كوكب نبتون؛ بما فيها حلقات الكوكب وثلاثة عشر قمرًا آخرين.

ثانيًا: كلاهما يمتلك محاور صغيرة شبه رئيسة؛ مع كون ترايتون أكبر قوة مغناطيسية من باقي الأقمار الشاذة لنبتون.

ثالثًا: كلاهما يمتلك مدارًا غير اعتيادي؛ إذ يمتلك نيريد أحد أكثر المدارات غير الاعتيادية المعروفة، في حين يقترب مدار ترايتون من كونه دائرة تامة.

رابعًا: يمتلك نيريد أقل درجة ميل بين كل الأقمار الشاذة.

كثافة ترايتون عالية نسبيًا؛ تصل تقريبًا إلى 2 جرام/ سم3 وهو ما يشير إلى أن الصخور تشكل ثلثي كتلته بينما يشكل جليد المياه الثلث الأخير، قد توجد أيضًا طبقة من السوائل داخله مكونة محيطًا جوفيًا، وتشمل خصائص سطحه كلًا من الغطاء القطبي الجنوبي الكبير والسهول المجروفة التي تقطعها المنحدرات والتصدعات الأخدودية، بالإضافة إلى بعض الملامح الحديثة الناتجة عن إعادة تشكيل سطح الكوكب ذاتيًا؛ أي: من داخل الكوكب نفسه.

نيريد ثالث أكبر أقمار كوكب نبتون ، لديه مدار قريب؛ لكنه غير منتظم مع الكوكب، ومن المعتقد أنه كان أحد الأقمار الداخلية المنتظمة لنبتون؛ إلا أنه تحول إلى مداره الحالي أثناء عملية أسر القمر ترايتون، وقد رُصد جليد الماء على سطحه. كما يُظهر نيريد تنوعات غير منتظمة في مغناطيسيته الظاهرة، وقد ينجم ذلك عن المداورة القسرية والدوران العشوائي بالإضافة إلى الشكل الممدود والبقع الساطعة أو الداكنة على سطحه.

التكوين:

بالأخذ في الاعتبار توزيع الكتلة غير المنتظم في أقمار نبتون، فإنه يُعتقد أن القمر ترايتون قد أُسِر بعد تكون نظام الأقمار الأصلي الخاص بنبتون ؛ والذي يحتمل أن معظمه قد دُمِّر أثناء عملية الأسر، وعلى مدار السنين؛ قُدِّمت العديد من النظريات التي تحاول شرح الآلية التي تمت بها تلك العملية.

أكثر هذه النظريات قبولًا هي: أن ترايتون هو الجسم الناجي من أحد الأجسام الثنائية في حزام كايبر، والذي اعترض بواسطة نبتون، في هذا السيناريو؛ أسر ترايتون نتيجة تلاقي ثلاثة أجسام ما أدى إلى سقوطه في مدار تراجعي، بينما دمر الجسم الآخر أو طرد خلال تلك العملية.

ويرجح أن مدار ترايتون في أثناء عملية الأسر كان غيرَ منتظمٍ بدرجة كبيرة؛ مما سبب اضطرابات فوضوية في مدارات الأقمار الداخلية لنبتون؛ وهو ما دفعهم للتصادم والتحول إلى أقراص من الحصى، ولم يتكونوا من جديد ليشكلوا نظام الأقمار الداخلية الحالي إلا بعدما أصبح مدار ترايتون دائريًا مرة أخرى؛ معنى ذلك أن الأقمار الداخلية الحالية ليست هي الأقمار التي تشكلت في البداية مع تكون نبتون.

وتُظهر المحاكاة الرقمية احتمالًا بنسبة %41 أن القمر هالميدي قد اصطدم بالقمر نيريد في مرحلة ما؛ على الرغم من أنه ليس معروفًا ما إذا كان هذا التصادم قد حدث بالفعل أم لا، غير أن كلا القمرين لديهما لون رمادي متشابه؛ وهو ما يشير إلى أن هالميدي قد يكون جزءًا من نيريد.

نظرًا لبعده عن الشمس؛ فإنَّ المهمة الوحيدة التي درست نبتون وأقماره عن قرب هي مهمة المركبة فوياجر2، وبالرغم من أنه لا توجد خُطَط لمهمات قادمة؛ فإنه قد قُدِّمت بعض الاقتراحات بإرسال مجسات روبوتية إلى نبتون في نهايات 2020 أو بداية 2030.

اقرأ أيضًا:

المصدر

ترجمة: مصطفى عبد المنعم

تدقيق: محمد الصفتي