الحصبة هي مرض فيروسي سريع الانتشار، وهي مرض متوطن ما يعني أنها توجد باستمرار في المجتمع. تعتبر الحصبة حالة غير سارّة ولكنها تشفى عادةً دون علاج في فترة لا تتجاوز 7 إلى 10 أيام. وبعد هذه الفترة يكتسب المريض مناعة ضد المرض لبقية حياته، ومن النادر جدًا أن يُصاب بالحصبة مرة أخرى.

أعراض الحصبة

تشمل أعراض الحصبة دائمًا الحمى وواحدة على الأقل من الحالات الثلاث الآتية:

  •  السعال.
  •  الزكام أو سيلان الأنف.
  •  التهاب الملتحمة (في العين).

تظهر الأعراض بعد 9 إلى 11 يومًا من الإصابة الأولية، وقد تشمل:

  •  سيلان الأنف.
  •  السعال الجاف.
  •  التهاب الملتحمة، أو انتفاخ الجفن والتهاب العين.
  •  دموعًا غزيرة.
  •  رهاب الضوء أو الحساسية منه.
  •  العطس.
  •  طفحًا جلديًا لونه بني محمر.
  •  بقع كوبليك، وهي بقع بيضاء رمادية صغيرة للغاية ذات مراكز بيضاء مزرقة تظهر في الفم، بطانة الخدين، الحلق.
  •  آلام عامة في الجسم.

غالبًا ما تُصاحب الحصبة بالحمى، وتتراوح بين كونها خفيفة الشدة، إلى أقصى مستوياتها حيث تصل إلى 40.6 درجة مئوية. كما يمكن أن تستمر عدة أيام، وقد تقل درجة الحرارة ثم ترتفع مرة أخرى عندما يظهر الطفح الجلدي. يظهر الطفح الجلدي البني المحمر بعد حوالي 3 إلى 4 أيام من الأعراض الأولية، ويمكن أن يستمر لأكثر من أسبوع.

يبدأ الطفح عادةً خلف الأذنين وينتشر على الرأس والعنق. وبعد يومين ينتشر إلى بقية الجسم، متضمنًا الساقين. ومع نمو البقع، فإنها غالباً تبدأ في الاتحاد سويًا لتكون بقعة واحدة كبيرة أو أكثر.

معظم طفح الطفولة ليس حصبة، ولكن تجب مراجعة الطبيب إذا:

  •  اشتبه أحد الوالدين في احتمالية إصابة طفله بالحصبة.
  •  إذا ظلت الأعراض ثابتة لا تتحسن، أو ازدادت سوءًا بمرور الوقت.
  •  ارتفعت درجة الحرارة إلى ما فوق 38 درجة مئوية أو 100.4 درجة فهرنهايت.
  •  اختفت الأعراض الأخرى، مع بقاء الحمى فقط.

المضاعفات

مضاعفات الحصبة شائعة إلى حد ما، وبعضها يمكن أن تكون خطيرة. الأشخاص الأكثر عرضة للخطر هم المرضى الذين يعانون من ضعف جهاز المناعة، مثل المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية المكتسب HIV (الإيدز) والمصابين بسرطان الدم، عوز الفيتامينات، والأطفال الصغار والبالغين الذين تزيد أعمارهم عن عشرين عامًا.

يعتبر كبار السن أكثر عرضة للمضاعفات من الأطفال الأصحاء الذين تزيد أعمارهم عن خمس سنوات.

يمكن أن تشمل المضاعفات:

  •  الإسهال.
  •  القيء.
  •  التهاب العين.
  •  التهابات الجهاز التنفسي: مثل التهاب الحنجرة والتهاب القصبات الهوائية.
  •  صعوبة في التنفس.
  •  التهابات الأذن، والتي يمكن أن تؤدي إلى فقدان دائم للسمع.
  •  تشنج حموي (نوبات من الصرع تحدث عند ارتفاع درجة حرارة الجسم).

المرضى الذين يعانون من ضعف الجهاز المناعي والذين أصيبوا بالحصبة هم أكثر عرضة للالتهاب الرئوي، وهو يمكن أن يكون قاتلًا إذا لم يُعالج.

هناك مضاعفات أقل شيوعًا ممكنة الحدوث أيضًا مثل:

  •  التهاب الكبد: يمكن أن تحدث مضاعفات كبدية عند البالغين والأطفال الذين يتناولون بعض الأدوية.
  •  التهاب الدماغ: يصيب هذا المرض حوالي واحد من كل 1000 مريض مصاب بالحصبة. وهو يمكن أن يكون قاتلًا في بعض الأحيان. وقد يحدث بعد فترة وجيزة من الحصبة، أو بعد عدة سنوات.
  •  نقص عدد الصفائح الدموية، وهو ما يؤثر على قدرة الدم على التخثر، ويكون المريض عرضة للكدمات بسهولة.
  •  الحوَل: قد تتأثر أعصاب العين وعضلاتها.

هناك أيضًا بعض المضاعفات النادرة جدًا مثل:

  •  التهاب الأعصاب، فالتهاب العصب البصري على سبيل المثال يمكن أن يؤدي إلى فقدان البصر.
  •  مضاعفات في القلب.
  •  التهاب الدماغ الشامل المصلب تحت الحاد (Subacute sclerosing panencephalitis): وهو مرض يصيب الدماغ، ونسبة حدوثه شخصين من بين كل 100,000 شخص، ويحدث عادة بعد شهور أو سنوات من الإصابة بالحصبة. يمكن أن يتسبب في حدوث تشنجات وتشوهات حركية ومشاكل إدراكية والموت.
  •  تشمل مضاعفات الجهاز العصبي الأخرى التهاب الدماغ السام، والتهاب الجزء الخلفي من العصب البصري، والتهاب النخاع المستعرض، والتهاب النخاع الصاعد.

الحمل

يمكن أن تؤدي الإصابة بالحصبة أثناء الحمل إلى الإجهاض، أو الولادة المبكرة، أو قلة وزن المولود. يجب على المرأة التي تخطط للحمل ولم يتم تطعيمها أن تطلب استشارة الطبيب.

أنواع الحصبة

هناك نوعان من الحصبة:

  •  الحصبة: هذا هو الشكل التقليدي الناجم عن فيروس الروبيلا.
  •  الحصبة الألمانية: ينجم هذا عن فيروس الحصبة الألمانية (الروبيلا).

تظهر الحصبة الألمانية بأعراض خفيفة، ولكنها تشكل خطراً أكبر على الأجنة أكثر من الأطفال الصغار، وهو ما يحدث إذا أصيبت المرأة بالفيروس أثناء الحمل. لكنها ليست معدية ولا بنفس حدة الحصبة العادية. يحتوي لقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية (MMR) على مناعة ضد النوعين معًا.

الأسباب

تنتج الحصبة عن الإصابة بفيروس الروبيولا كما ذكرنا، ويعيش هذا الفيروس في مخاطية الأنف والحنجرة للطفل أو البالغ المصاب به. ويظل الفيروس فعالًا خارج الجسم لمدة ساعتين.

يكون المرض معدياً لمدة 4 أيام قبل ظهور الطفح الجلدي، ويستمر كذلك لمدة 4 إلى 5 أيام بعد ظهوره.

تنتشر العدوى عن طريق:

  •  الاتصال الجسدي المباشر مع شخص مصاب.
  •  الوجود بالقرب من المصابين إذا سعلوا أو عطسوا.
  •  لمس سطح ملوث بمخاط مريض ثم وضع الأصابع في الفم، أو فرك الأنف أو العينين بها.

كيف تتطور عدوى الحصبة

يتكاثر الفيروس في الجزء الخلفي من الحلق والرئتين والجهاز اللمفاوي بمجرد دخوله إلى الجسم. ولاحقًا يصيب ويتكاثر في المسالك البولية، والعينين، والأوعية الدموية، والجهاز العصبي المركزي.

يستغرق الفيروس من أسبوع إلى 3 أسابيع ليثبت نفسه، لكن الأعراض تظهر ما بين 9 و11 يومًا بعد الإصابة الأولية.

من المحتمل أن يصاب بالفيروس الأشخاص الذين لم يُصابوا أو يُلقحوا مطلقًا إذا تنفسوا رذاذ المريض أو إذا كانوا على اتصال جسدي مباشر مع شخص مصاب. كما يصاب حوالي 90% من الأشخاص غير الملقحين بالحصبة إذا كانوا يسكنون مع شخص مصاب.

العلاج

لا يوجد علاج محدد، ولكن عمومًا إذا لم تكن هناك مضاعفات فسيوصي الطبيب بالراحة وتناول الكثير من السوائل لمنع الجفاف. تزول الأعراض عادة خلال 7 إلى 10 أيام.

التدابير التالية قد تساعد:

  •  إذا كانت درجة حرارة الطفل مرتفعة، فيجب خفضها (دون مبالغة). يمكن أن تساعد بعض الأدوية مثل: تايلينول أو إيبوبروفين في السيطرة على الحمى والأوجاع والآلام، لكن يجب ألا يتناول الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 16 عامًا الأسبرين.
  •  يجب تجنب التدخين بالقرب من الطفل المريض.
  •  ارتداء النظارات الشمسية، وإبقاء الأضواء خافتة أو جعل الغرفة مظلمة قد يعزز مستويات الراحة، حيث تزيد الحصبة من الحساسية للضوء.
  •  إذا كانت هناك قشرة حول العينين فقم بتنظيفها برفق باستخدام قطعة قماش دافئة ورطبة.
  •  أدوية السعال لن تخفف من سعال الحصبة، قد تساعد أجهزة الترطيب أو وضع وعاء من الماء في الغرفة. وإذا كان عمر الطفل أكثر من 12 شهرًا، فقد يساعد تناول كوب من الماء الدافئ مع ملعقة صغيرة من عصير الليمون وملعقتين صغيرتين من العسل. ويجب التأكيد على أنه لا يجب إعطاء العسل للرضع.
  •  قد تؤدي الحمى إلى التجفاف لذلك يجب أن يشرب الطفل الكثير من السوائل.
  •  يجب على الطفل الموجود في المرحلة المعدية من المرض عدم الذهاب إلى المدرسة وتجنب الاتصال المباشر مع الآخرين، خاصةً أولئك الذين لم يلقّحوا أو لم يسبق لهم الإصابة بالحصبة.
  •  أولئك الذين يعانون من نقص فيتامين (A) والأطفال المصابون بالحصبة الذين تقل أعمارهم عن سنتين قد يستفيدون من مكملات فيتامين (A) التي يمكن أن تساعد في منع المضاعفات، ولكن يجب أن تؤخذ فقط بعد موافقة الطبيب.

لن تساعد المضادات الحيوية في مكافحة فيروس الحصبة، ولكن قد توصف في بعض الأحيان إذا ظهرت إصابة بكتيرية إضافية.

التشخيص

يمكن للطبيب عادة تشخيص الحصبة من خلال فحص العلامات والأعراض على المريض، كما سيؤكد فحص الدم وجود فيروس الروبيلا.

تعتبر الحصبة في معظم البلدان مرضًا يلزم الإبلاغ عنه، إذ يجب على الطبيب إخطار السلطات بأي حالات مشتبه بها، وإذا كان المريض طفلاً، فسيقوم الطبيب أيضًا بإخطار المدرسة. يجب ألا يعود الطفل المصاب بالحصبة إلى المدرسة إلا بعد 5 أيام على الأقل من ظهور الطفح الجلدي.

الوقاية من الحصبة

الأشخاص الذين أصيبوا بالفعل بالحصبة هم عادة محصنون مدى الحياة، ومن غير المرجح أن يصابوا بها مرة أخرى. يجب على الأشخاص غير المُلقحين أن يأخذوا بعين الاعتبار الحصول على لقاح الحصبة.

التطعيم ضد الحصبة:

يحمل المواليد الجدد مناعة أمهم ضد الحصبة لبضعة أشهر بعد الولادة إذا كانت أمهاتهم قد حصلن على اللقاح، لكن في بعض الأحيان ينصح بالحصول على اللقاح قبل عمر 12 شهرًا، وفي وقت مبكر مثل عمر 6 أشهر. هذا إذا كانوا أو من المحتمل كونهم في منطقة بها وباء.

تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن برامج التطعيم ضد الحصبة أدت إلى انخفاض عدد الوفيات الناجمة عن الحصبة بنسبة 79% على مستوى العالم من عام 2000 إلى عام 2015 وهو ما أدى إلى منع حوالي 20.3 مليون حالة وفاة.

لا ينبغي أن يؤخذ اللقاح بواسطة:

  •  النساء الحوامل أو اللاتي يخططن للحمل قريبًا.
  •  الأشخاص الذين يعانون من حساسية خطيرة للجيلاتين أو النيومايسين (مضاد حيوي).

كان هناك قلق بشأن وجود صلة مزعومة بين لقاح MMR وخطر التوحد، ولكن لم يجد العلماء أي دليل على وجود هذه الصلة.

اقرأ أيضًا:

لقاح الحصبة و النكاف و الحصبة الالمانية – اللقاح الثلاثي كل ما يجب ان تعرفه

فقر الدم الانحلالي بالمناعة الذاتية: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

توسع القصبات: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

لقاح الإنفلونزا الجديد يعلم جهاز المناعة كيف يبدو الفيروس

لماذا من المهم تطعيم أو تلقيح الجميع وعدم استثناء أحد؟

ترجمة: أحمد حسين إبراهيم

تدقيق: علي قاسم

المصدر