الطحالب (Algae) هي مجموعة متنوعة من الكائنات المائية التي لديها القدرة على إجراء عملية التمثيل الضوئي. بعض الطحالب مألوفة لدى معظم الناس، على سبيل المثال الأعشاب البحرية كطحلب الكلب أو العوالق النباتية. إن الطحالب تزدهر في البحيرات. وجود هذا العالم الواسع والمتنوع من الطحالب الخضراء لا يفيد فحسب بل إنه أساسي للوجود.

تعريف الطحلب:

يغطي مصطلح «الطحالب» العديد من الكائنات الحية القادرة على إنتاج الأكسجين من خلال عملية التمثيل الضوئي (عملية الحصول على الطاقة الضوئية من الشمس لتوليد الكربوهيدرات). وهذه الكائنات ليست بالضرورة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا، لكن هناك سمات معينة توحدها، وتميزها عن المجموعة الرئيسية الأخرى من الكائنات الضوئية: النباتات البرية.

أولًا، لا يتم التمييز بشكل كبير بين الطحالب كما في النباتات الأخرى وذلك وفقًا لمؤلفي كتاب «الطحالب: التشريح، والكيمياء الحيوية، والتكنولوجيا الحيوية»
“hemistry, and BiotechnologyAlgae: Anatomy, Bioc” الذي أشار إلى أن الطحالب تفتقر للجذور الحقيقية والسيقان والأوراق والنظام الوعائي لتوزيع المياه والمواد الغذائية في أنحاء جسمها.

ثانيًا، وفقًا لمقال نشر عام 2014 في مجلة Current Biology، فالعديد من الطحالب تعتبر أحادية الخلية. ومن الممكن أن تتشكل بمجموعة متنوعة من الأشكال والأحجام؛ فيمكن أن توجد كخلايا واحدة مجهرية، ويمكن أن تكون مجهرية ومتعددة الخلايا تعيش في مستعمرات، أو أن تأخذ مظهرًا مورقًا كما هو الحال في الأعشاب البحرية كطحلب البحر العملاق. يتراوح قطر العوالق المائية بين 0.2 و2 ميكرومتر، بينما يبلغ طول ورق عشب البحر العملاقة 60 مترًا. وتوجد هذه التشكيلة الواسعة من الطحالب في مجموعة من المواطن المائية، سواء في المياه العذبة أو المالحة.

بحكم هذه الخصائص فإن المصطلح العام «الطحالب» يشمل الكائنات بدائية النواة؛ أي البكتيريا الزرقاء-Cyanobacteria، والمعروفة أيضًا باسم الطحالب الخضراء المزرقة. ويشمل كذلك الكائنات حقيقية النواة (أي جميع أنواع الطحالب الأخرى).

وقالت ليندا جراهام Linda Graham، أستاذة علم النبات في جامعة ويسكونسن ماديسون: «بما أن الطحالب لا تُشكل مجموعة طبيعية انحدرت من سلف مشترك، فإن ضم البكتيريا الزرقاء إلى المجموعة غير الرسمية -الطحالب- أمر شائع. وبالتالي فإن مصطلح «الطحالب حقيقية النواة» يستثني البكتيريا الزرقاء».

ومن المثير للاهتمام أيضًا أن نلاحظ أن البلاستيدات الخضراء (Chloroplasts) -موقع التمثيل الضوئي في النباتات البرية- هي أشكال مُكيفة من البكتيريا الزرقاء. وهذه البكتيريا الزرقاء المبكرة كانت مشتقة (منتسخة) في خلايا النباتات البدائية في وقت ما في أواخر عصر دهر الطلائع )Proterozoic( أو في العصر الكامبري المبكر، وفقًا لمتحف علم الحفريات بجامعة كاليفورنيا.

تشتمل بدائيات النوى على البكتيريا والبَدْئِيَات (البكتيريا القديمة). وهي كائنات أبسط؛ بدون بنية خلوية منظمة ويطفو الحمض النووي الخاص بها بحرية ككتلة متشابكة داخل الهيولى. من ناحية أخرى فإن حقيقيات النوى هي جميع الكائنات الحية الأخرى: الطلائعيات، والنباتات، والفطريات. وتكون خلاياها أكثر تنظيمًا ولديها هياكل تسمى العضيّات لتنفيذ مجموعة من الوظائف الخلوية، ويوجد الحمض النووي في حجرة مركزية تسمى النواة.

الخصائص العامة:

المسكن الطبيعي:

غالبية الطحالب تعيش في المَواطن المائية. مع ذلك، فإن كلمة «المائية» محدودة تقريبًا في قدرتها على شمول تنوع هذه المَواطن. يمكن لهذه الكائنات الحية أن تزدهر في بحيرات المياه العذبة أو في المياه المالحة للمحيطات. يمكنها أيضًا تحمُّل درجات الحرارة وتراكيز الأكسجين أو ثاني أكسيد الكربون وحتى الحموضة والتعكر.

فعلى سبيل المثال، عُثر على عشب البحر العملاق على بعد أكثر من 200 متر تحت الصفائح الجليدية القطبية، في حين أن أنواع الطحالب الخضراء أحادية الخلية توجد في بيئات مالحة جدًا أو مفرطة الملوحة مثل البحر الميت.

تُعرف الطحالب العائمة الحرة -ومعظمها من الطحالب أحادية الخلية التي تعيش داخل المناطق المضاءة بالمياه- باسم العوالق. وتعرف تلك التي تلزم السطوح باسم الطحالب القاعية. تنمو هذه الطحالب على الوحل أو الأحجار أو الطحالب والنباتات الأخرى أو الحيوانات.

إن الطحالب أيضًا قادرة على البقاء على قيد الحياة على الأرض. فمن بعض الأماكن غير المتوقعة التي تنمو فيها هي جذوع الأشجار، وفراء الحيوانات، والضفاف الثلجية، والينابيع الحارة، وفي التربة بما في ذلك القشور الصحراوية.

في أغلب الأحيان تعيش الطحالب بشكل مستقل في أشكال نموها المختلفة (خلايا مفردة، أو مستعمرات وما إلى ذلك)، لكن يمكنها أن تُشكل أيضًا علاقات تكافلية مع مجموعة متنوعة من الكائنات غير ذاتية التغذية بما في ذلك الهدبيات، والإسفنجيات، والرخويات، والفطريات (مثل الأشنيات). وأحد فوائد هذه العلاقات هي أنها تمكن الطحالب من توسيع مواطنها.

التغذية:

كقاعدة عامة، فإن الطحالب قادرة على التمثيل الضوئي وتنتج غذائها الخاص باستخدام الطاقة الضوئية من الشمس وثاني أكسيد الكربون من أجل توليد الكربوهيدرات والأكسجين؛ بعبارة أخرى فإن معظم الطحالب هي ذاتية التغذية (Autotroph)، أو بشكل أكثر تحديدًا ذاتية التغذية ضوئيًا (Photoautotroph) (تمثل استخدامها للطاقة الضوئية لتوليد المغذيات).

ومع ذلك هناك أنواع معينة من الطحالب تحتاج الحصول على غذائها من مصادر خارجية فقط؛ وهي ما تُدعى بغير ذاتية التغذية. تُطبق هذه الأنواع مجموعة متنوعة من الاستراتيجيات غير ذاتية التغذية للحصول على العناصر الغذائية من المواد العضوية (المركبات المحتوية على الكربون مثل الكربوهيدرات، والبروتينات، والدهون). كالتناضح أو التنافذ (امتصاص المواد المذابة)، والبلعمة التي تنطوي على ابتلاع البكتيريا أو غيرها من الفرائس من هذا القبيل.

أما الطحالب الأخرى المعروفة باسم (Auxotrophs) أي ذوات عوزٍ غذائي، فتحتاج فقط إلى الحصول على الفيتامينات الأساسية مثل B12 المعقد أو الأحماض الدهنية.

من المقبول على نطاق واسع أن الاستراتيجيات الغذائية للطحالب موجودة على امتداد الطيف الذي يجمع بين التمثيل الضوئي (ذاتية التغذية) والعوز الغذائي (غير ذاتية التغذية). وتعرف هذه القدرة باسم مختلط التغذية (Mixotrophy).

التناسل (التكاثر):

ينطوي التكاثر اللاجنسي على إنتاج بوغ متحرك، في حين أن الطرق النباتية تشمل الانقسام البسيط للخلايا (الانقسام المتساوي) لإنتاج ذرية متطابقة وتفرعات للمستعمرة. بينما ينطوي التكاثر الجنسي على اتحاد الأمشاج (ويتم إنتاجه بشكل فردي في كل والد من خلال الانقسام المنصف).

تصنيف الطحالب الخضراء:

البكتيريا الزرقاء (Cyanobacteria):

يُشار إلى هذه البكتيريا أيضًا باسم الطحالب الخضراء المزرقة. على الرغم من أنها قادرة على إجراء عملية التمثيل الضوئي المنتجة للأكسجين والعيش في العديد من البيئات مثل الطحالب حقيقية النواة، فإن البكتيريا الزرقاء هي بكتيريا بدائية النواة. وهي قادرة على إجراء تثبيت النيتروجين بشكل مستقل (عملية تحويل النيتروجين في الغلاف الجوي إلى أشكال قابلة للاستخدام من العناصر مثل الأمونيا).

“Cyano” تعني اللون الأزرق. وتحتوي هذه البكتيريا على أصباغ تمتص أطوال موجية معينة من الضوء وتمنحها ألوانًا مميزة. فتحتوي العديد من البكتيريا الزرقاء على الصباغ الأزرق (Phycocyanin) (صباغ حاصد للضوء؛ فهو يمتص أطوال موجات الأحمر من الطيف الضوئي).

كما تحتوي البكتيريا الزرقاء على شكل من أشكال الصباغ الأخضر الكلوروفيل-Chlorophyll (وهو المسؤول عن حصاد الطاقة الضوئية أثناء عملية التمثيل الضوئي). البعض الآخر لديه أيضا الصباغ الأحمر (Phycoerythrin) (يمتص الضوء من الطيف الأخضر ويمنح البكتيريا اللون الوردي أو الأحمر).

الطحالب حقيقية النواة )Eukaryotic algae(:

الطحالب حقيقية النواة هي كائنات متعددة الخلايا، وهذا يعني أنها لم تتطور من سلف مشترك واحد. يتضح هذا بوضوح في فهمنا الحالي لشجرة الحياة – والتي هي شجرة عائلة لجميع الكائنات الحية مرتبة وفق علاقاتها التطورية المختلفة فيما بينها. وتم العثور على الطحالب حقيقية النواة موزعة بين العديد من المجموعات المختلفة أو حتى الفروع الرئيسية للشجرة.

في مقالة نشرت عام 2014 حدد فابيان بوركيليستس Fabien Burkilists خمس مجموعات من الكائنات الحية حقيقية النواة وهي: )Ophiskontha(، والطلائعيات الأميبية )Amoebozoa(، والطلائعيات الكهفية )Excavata(، والطلائعيات البلاستيدية )Archaeplastida(، وSAR (التي تضم ثلاث مجموعات هي السوطيات المتغايرة )Stramenopiles(، والطلائعيات السناخية )Alveolata(، والطلائعيات الجذرية )Rhizaria().

تشمل الطلائعيات البلاستيدية النباتات ومجموعة متنوعة من أنواع الطحالب الضوئية، مثل اليخضورات-Chlorophytes (مجموعة فرعية من الطحالب الخضراء والتي تشكل عادة شراكات مع الفطريات)، والنباتات الكاريانية (Charophytes) (الطحالب الخضراء في المياه العذبة بشكل أساسي)، والطحالب الزرقاء (Glaucocystophytes) (طحالب المياه العذبة أحادية الخلايا).

عُثر على السوطيات الدوارة )Dinoflagellates( بين الطلائعيات السناخية. وهي في الأساس كائنات بحرية ونهرية أحادية الخلية. لقد فقدت العديد من السوطيات الدوارة البلاستيدات الخاصة بها -مواقع التمثيل الضوئي- خلال مسار التطور وأصبحت بلعمية (تتغذى بالبلعمة) أو تعيش كطفيليات. وعُثر على أنواع الطحالب الأخرى موزعة بين الطلائعيات السناخية، والطلائعيات الكهفية، والطلائعيات الجذرية، والطلائعيات الصباغية (Chromista).

أهمية الطحالب الخضراء:

ربما تكون أهم مساهمة للطحالب في بيئتنا هي توليد الأكسجين من خلال عملية التمثيل الضوئي. وقالت جراهام Graham لـ LiveScience: «إن الطحالب لا غنى عنها لأنها تنتج حوالي نصف الأكسجين في الغلاف الجوي للأرض».

وفقًا لمقال نُشر عام 2010 في مجلة Biofuels، فإن البترول مشتق جزئيًا من رواسب الطحالب القديمة. وقالت جراهام: «بعض رواسب النفط القديمة ترجع إلى البكتيريا الزرقاء، بالرغم من أن هوية المصادر العضوية لا تزال غير مؤكدة.

ربما نشأت رواسب النفط الأحدث من الطحالب البحرية الخضراء حقيقية النواة، والبذيرات الجيرية (Coccolithophorids)، وغيرها من العوالق البحرية المجهرية». هذه الرواسب النفطية هي مورد محدود وتتضاءل ببطء مع الاستخدام البشري ونتيجة لذلك يبحث الباحثون عن البدائل المتجددة.

يُعتبر الوقود الحيوي الطحلبي بديلًا واعدًا للوقود الأحفوري؛ فجميع الطحالب لديها القدرة على إنتاج زيوت غنية بالطاقة؛ والعديد من أنواع الطحالب الدقيقة تُراكم بشكل طبيعي مستويات عالية من الزيت في كتلتها الجافة. علاوة على ذلك، توجد الطحالب في بيئات متنوعة ويمكن أن تتكاثر بسرعة.

كما أنها تستخدم بكفاءة ثاني أكسيد الكربون، وقد قالت جراهام: «إن الطحالب تساعد في الحفاظ على استقرار مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي من خلال تخزين الغاز في مواد عضوية، والتي تشمل رواسب النفط وصخور الكربونات غير العضوية». كما أن الطحالب الخضراء، والدياتومات، والبكتيريا الزرقاء ليست سوى بعض الأنواع من الطحالب المجهرية التي تعتبر مرشحًا جيدًا لإنتاج الوقود الحيوي.

الطحالب المُزهِرة (Algal blooms):

إن الطحالب التي على شكل طحالب مزهرة حصلت على سمعة سيئة لخلقها ظروفًا سامة في المحيطات والبحيرات. فمصطلح «الطحالب المزهرة» يُشير إلى النمو المتفشي لبعض الطحالب المجهرية؛ الأمر الذي يؤدي بدوره إلى إنتاج السموم وإخلال النظم الإيكولوجية (الإحيائية) المائية الطبيعية، وزيادة تكاليف معالجة المياه وفقًا لوكالة حماية البيئة (EPA).

وتزدهر هذه المستعمرات بألوان الطحالب الموجودة فيها. وذكرت جراهام أن المنتجين الرئيسيين للسموم في المحيطات هم بعض السوطيات الدوارة والدياتومات. أما في المياه العذبة فتعد البكتيريا الزرقاء هي المنتج الرئيسي لهذه السموم، على الرغم من أن بعض الطحالب حقيقية النواة تسبب هذه المشاكل أيضًا. كما لاحظت جراهام أن الطحالب في الظروف الطبيعية تستخدم السموم لحماية نفسها من أن تأكلها الحيوانات الصغيرة، وهي تحتاج فقط إلى كمية صغيرة لحماية نفسها.

السبب الرئيسي لنمو الطحالب المزهرة هو ظاهرة تسمى تلوث المغذيات (Nutrient Pollution). مع تلوث المغذيات هناك فائض من النيتروجين والفوسفور الذي يمكن أن يدفع الطحالب نحو نمو غير مقيد. وسبب هذه الظاهرة هو مجموعة متنوعة من الأنشطة البشرية؛ فالأسمدة التي نستخدمها في الزراعة والسماد الحيواني غنية بالنيتروجين، في حين أن مياه الصرف المعالجة بشكل غير صحيح عالية النيتروجين والفوسفور وفقًا لوكالة حماية البيئة.

قالت جراهام لـ LiveScience: «من المفاهيم المجتمعية الشائعة أن الطحالب ضارة ويجب التخلص منها في كل فرصة. لكن هذا التصور خاطئ؛ لأن الطحالب تصنع الأكسجين، والنفط والعديد من الأنواع الأخرى من المواد المفيدة. وهي مصدر رئيسي للغذاء للأسماك وباقي الكائنات المائية. هناك أنواع قليلة فقط من الأحياء تسبب المشاكل، وأسوأ هذه الأنواع هو الإنسان العاقل».

اقرأ أيضًا:

العلماء يشهدون تطور طحالب وحيدة الخلية إلى متعضيات متعددة الخلايا

لماذا تطفو كرات الطحالب هذه خلال النهار وتغرق عندما يحلّ الليل؟

ضمادة قابلة للحقن ومصنوعة من الطحالب لإيقاف النزيف الداخلي

الطحالب تحمل علاجًا للملاريا

ترجمة: فراس خزام

تدقيق: براءة ذويب

المصدر