تخيل صورة أحد المجرمين ، مثل واحد من هؤلاء الذين يظهرون على الأخبار بعد إقدامهم على جريمة شنيعة. من الشائع الظن بأن أفراد كهؤلاء يعانون من تاريخ طويل من المرض النفسي الذي يحثهم على التصرف بشكل مدمر، لكن بحثًا جديدًا نُشر في Clinical Psychological Science من قِبل جينيفر سكيم Jennifer Skeem عالمة النفس في الجمعية الأميركية لعلم النفس American Psychologist Society من جامعة كاليفورنا في بيركليUniversity Of California Berkeley وزملاؤها، يقترح أن العلاقة بين الذهان و العنف ليست قويةً كما نظن.

للبحث في الرابط بين الذهان- يُعرف بأنه الاضطراب النفسي الحاد الذي يترافق بالأوهام والهلوسات -وأفعال العنف؛ فحصت سكيم وزملاؤها معطيات من دراسة مكآرثر لتقييم خطر العنف MacArthur Violence Risk Assessment Study.

في دراسة مكآرثر، أُجريَت مقابلة مع أكثر من 1000 شخص من الجانيين العنيفين كل 10 أسابيع لمدة سنة بعد إطلاق سراحهم من السجن، فحصت هذه المقابلات المنظمة إذا ارتكب الجناة أية جريمة عنف (كالإيذاء الجسدي أو الاعتداء الجنسي أو استخدام الأسلحة) وإذا سبقت هذه الجرائم أية حالات ذهان. تضمنت الدراسة أيضًا معلومات حول صفات المشاركين، واضطراباتهم الشخصية والمشاكل المعرفية والمشاكل السلوكية الأخرى.

يعلم الخبراء أن أكثر الأفعال عنفًا نُفذت من قبل مجموعة صغيرة من المعتدين أو المجرمين المتكررين وأظهرت دراسة مكآرثر ما يلي: حوالي 10% من المجرمين كانوا مسؤولين عن 50% من الأفعال أو الحوادث المؤذية التي حصلت في السنة التي تلت تسريحهم.

أبلغ نصف المجرمين الذين أُطلِق سراحهم عن أعراض للذهان (كالأوهام والهلوسات) في وقت ما من تلك السنة. ولكن بشكل حاسم فإن 12% فقط من حوادث العنف استبقتها أعراض الذهان، ما يشير إلى أن الرابط ما بين العنف والذهان رابط ضعيف.

رغم أن الحوادث التي استبق فيها الذهان العنف كانت غير منتظمة، أرادت سكيم وزملاؤها معرفة ما إذا كان بعض هؤلاء الأفراد يختبرون الذهان قبل كل حدث عنيف. حدد الباحثون باستخدام النمذجة متعددة المستويات وجود نوعين رئيسيين من المجرمين الذين يرتكبون العنف المتكرر: أولئك الذين لم يختبروا الذهان قبل ارتكابهم للعنف بنسبة 80% من العينة، وأولئك الذين اختبروا الذهان قبل ارتكابهم للعنف بنسبة 15%. وبذلك، فإن المفهوم الشهير القائم على أن المجرم هو من يختبر نوبات ذهان تسبق فعل العنف هو خاطئ وحتى نادر، ويشكل حوالي 1 من 20 شخص من المجرمين المتكررين.

استنتج المؤلفون:» يوجد القليل من الدلائل على مجموعة ثانوية حصرية تسبق فيها حالات الذهان العنف.«

أشارت المعلومات المكتشفة أن هناك فرقًا خفيفًا بين الأفراد الذين يختبرون الذهان قبل ارتكابهم للعنف وأولئك الذين لم يختبروا ذلك. كان الأشخاص الذين اختبروا الذهان أكثر ميلًا لإصابتهم باضطراب ثنائي القطب Bipolar Disorder أو انفصام الشخصية Schizophrenia والأمراض النفسية الأخرى.

على الجانب الآخر، مال هؤلاء الذين لم يظهروا أية علامات لحالة ذهان قبل ارتكاب العنف أن يسجلوا نتائج أقل في الذكاء اللغوي وأظهروا ميلًا لا اجتماعي Antisocial. كانت هذه الأنماط صعبة الملاحظة لكن المؤلفين اقترحوا أن هؤلاء الناس يمثلون سبيلًا مثيرًا للاهتمام لدراسات مقبلة.

استنتجت سكيم وزملاؤها أن أعراض الذهان يجب أن تُراقب وتُقيّم في المجرمين مرتكبي العنف، ووصف علاجات متعددة للأنواع المختلفة من المجرمين بناءً على تشخيصهم بالذهان قد لا يكون أفضل استخدام للموارد المتوفرة.

كتب الباحثون: »على العلاج الفعال للذهان امتلاك تأثير مباشر على العنف لمعظم المرضى وتأثيرات مهمة ولكن جزئية بالنسبة للباقي«.

كتب المؤلفون عوضًا عن ذلك: »قد تحتاج برمجة الأفراد ذوي الأفعال العنيفة المتكررة لشمل العوامل المرتبطة بالانحراف الاجتماعي، حتى إن شارك المرضى بأفعال عنف مرتبطة بالذهان أو لا.«

بمعنىً آخر، قد يكون تأمين علاج التحكم بالغضب لجميع المجرمين المتكررين ذوي أفعال العنف أكثر فعالية في تقليل جرائم العنف من تقديم علاج متخصص لأولئك الذين يختبرون الذهان.

اقرأ أيضًا:

التسمم بجرعة زائدة من الكوكايين

بعض مضادات الاكتئاب والأدوية المضادة للذهان قد تزيد من خطر الإصابة بالخرف

متلازمة الجنين الكحولي FAS: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

اضطراب ثنائي القطب: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

الاكتئاب: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

الترجمة: إيلي عساف

التدقيق: عون حداد

المصدر