تندمج المجرات طوال الوقت في الكون، وهذه الاصطدامات الكونية ليست اصطدامات كارثية تحصل بلمح البصر، بل تحصل على مدى مليارات السنين، لكن ومهما تكن المدة الزمنية لذلك، فالتأثيرات تدوم طويلًا. اندمجت مجرة درب التبانة مع العديد من المجرات الصغيرة خلال فترة حياتها الطويلة، واكُتشِفت إحدى تلك الاندماجات في شهر أكتوبر من العام الماضي، إذ استخدم علماء الفلك مرصد غايا الفلكي ليكتشفوا دليلًا على حدوث اندماج سابق.

بعثرت مجرتنا مجرة Gaia-Enceladus الأصغر منها بكثير قبل حوالي 10 مليارات سنة.

كما ذُكِر في مجلة نيتشر لعلم الفلك Nature Astronomy، استخدم فريق آخر البيانات من مرصد غايا لتحليلات أخرى.

كان بإمكان الباحثين تحديد أعمار حوالي 600,000 نجم تقريبًا، وتتموضع هذه النجوم في القرص الثخين Thick disk، المنطقة التي تحيط بالقرص الضيق Thin disk حيث توجد الأذرع الحلزونية Spiral arms والهالة المجرية Halo، في المنطقة الكروية التي تحيط بالمجرة كلها.

رؤى جديدة لعلماء الفلك تكشف كيف شكل التصادم المجري مجرة درب التبانة حصول علماء الفلك على رؤى جديدة حول كيفية تشكيل تصادم مجري لمجرة درب التبانة

قاس مرصد غايا الموقع والكثافة واللون بدقة لمئة وخمسين مليون نجم، ما سمح للباحثين بأن يحددوا وجود تجمعين واضحين في سديم مجرة درب التبانة، لون أحدهما أكثر زرقةً بينما يظهر الآخر أحمر اللون.

واتضح أن هذَين التجمعين يملكان نفس التصنيف العمري، ما يقترح أنهما قد توقفا عن التشكل في نفس الوقت، والشيء المفاجئ بالرغم من ذلك هو الاختلاف في التركيب الكيميائي.

تمتلك النجوم الحمراء عناصر أثقل ما يشير إلى أنها قد تشكلت في مجرة ضخمة، وهو السلف الرئيسي لمجرة درب التبانة، وتنحدر النجوم الزرقاء من مجرة Gaia-Enceladus.

كتب المؤلفون في ورقتهم البحثية: «يظهر تحديدنا للعمر أن النجوم كانت من أول النجوم التي تشكلت في مجرة درب التبانة، خلال أول 3 مليارات عام تقريبًا من تطورها، قبل حصول الاندماج مع مجرة Gaia-Enceladus. نستطيع أن نرجع تاريخ حدوث الاندماج إلى حوالي 10 مليارات عام مضت».

جعل هذا الاندماج مجرة درب التبانة كما نعرفها اليوم، بعض النجوم من مجرة Gaia-Enceladus كانت متراميةً في الهالة المجرية عندما بدأت هذه المجرة الصغيرة في الاندماج، لكن توجب على النجوم في قرص المجرة الأصلية أن تكون مرميةً بالقرب منها أيضًا، في حين ينتهي الحال ببعضها كسلسلة النجوم الحمراء التي شوهدت خلال هذه الدراسة.

ووجد الفريق تشابهات بارزة بين النجوم في القرص الثخين ونجوم السديم الأحمر، إذ يقترحون أنها قد تشكلت سوية، وأُبعِدت إلى مدارها الحالي بواسطة الاندماج، وجلب هذا الحدث المزيد من الغازات أيضًا، موفرًا المواد اللازمة لتشكل نجوم جديدة، بينما اختفت مجرة Gaia-Enceladus منذ زمن بعيد، ما زالت آثارها تؤثر في مجرة درب التبانة حتى يومنا هذا.

اقرأ أيضًا:

ماذا يحدث إذا تصادمت العناقيد المجرية؟ تعرف على العواصف الكونية

العلماء يكتشفون تصادمًا عنيفًا وقع منذ مليارات السنين وملأ مجرّتنا بالنجوم

ترجمة: مصطفى عيد

تدقيق: صهيب الأغبري

مراجعة: آية فحماوي

المصدر