عندما حكم الترايلوبيت trilobites الأرض منذ نصف مليار عام، كانت الأرض حينها جافة وقاحلة. تبدلت أقطاب الأرض المغناطيسية ما يقرب من 80 مرة خلال بضعة ملايين من السنين؛ ما جعلها واحدة من أكثر الفترات اضطرابًا من الناحية الجيومغناطيسية في تاريخ الأرض. قاست مجموعة من علماء الجيولوجيا في الأكاديمية الروسية للعلوم Russian Academy of Science ومعهد فيزيك دو غلوب Institut de Physique du Globe de Paris في باريس اتجاهات الجسيمات الممغنطة الصغيرة في عينات صخرية جاءت من مجموعة منحدرات منهارة مطلة على نهر Khorbusuonka في شمال شرق سيبيريا (يعتبر النهر إرثًا قديمًا يعود إلى 500 مليون عام عندما كانت المنطقة مغطاة بالمياه).

عندما تنجرف جزيئات صغيرة من الماغنتيت والهيماتيت في المياه فإنها تصطف مع المجال المغناطيسي للكوكب وتصبح هدفًا لاتجاه البوصلة بمجرد أن تثبت في مكان معين بين الرواسب.

اهتم الفريق بطبقات الحصى التي تتوافق مع مرحلة تاريخية خلال العصر الكامبري تسمى (دروميان)، قدّر الباحثون بناءً على نتائج دراستهم السابقة أن حوالي ستة من انعكاسات القطبين حدثت كل مليون سنة تقريبًا خلال هذه المرحلة التاريخية.

لم تكن البيانات شاملة كما أرادها العلماء، فأعادوا إجراء الأبحاث عام 2016، مُستخدمين 437 عينة جديدة، حينها حدد الجيولوجيون ما مجموعه 78 تبدلًا بين القطبين على مدى ثلاثة ملايين عام.

نستنتج من ذلك اعتقادًا مدهشًا بأن هناك 26 تبدلًا كل مليون سنة، وانخفضت هذه التبدلات المكثفة في الجزء الأخير من العصر الكامبري إلى 1.5 تبدل فقط في المليون سنة كلها.

يتكرر تبدل أقطاب الأرض المغناطيسية أسرع مما نظن تبدل الأقطاب المغناطيسية للأرض انقلاب الشمال والجنوب تبدل القطبين الجيومغناطيسية

يوحي الاختلاف الشاسع في تكرار التبدلات بأن كل ما يتسبب في حدوثها في أعماق كوكبنا لا يتم من خلال عمليات دقيقة؛ بل قد يوجد وضعان مختلفان تمامًا في مولد الحقل المغناطيسي للأرض يعملان معًا إذا كان هناك تباين في تكرارية التبدلات بين أقطاب الأرض المغناطيسية.

على مدار العشرين مليون سنة الماضية مثلًا، غيّر القطبين مكانهما كل بضع مئات الآلاف من السنين، وحدث آخر تبدل كبير منذ حوالي 780 ألف سنة.

مرت بضع فترات مبهمة امتدت ما يقرب من عشرات الملايين من السنين إذ لا يمكن اكتشاف الكثير من التغييرات بين القطبين خلالها، يشار إلى هذه الفترة باسم superchrons، ربما حدث ذلك نتيجةً لانخفاض تدفق الحرارة بين النواة وقشرة الأرض، على صعيد آخر رُصدَت بعض الأدلة على تغير شديد في السجل الجيولوجي خلال العصر الإدياكاري Ediacaran Period منذ 550 مليون سنة حين خرج الحقل المغناطيسي عن المعقول وانعكس 24 مرة خلال ملايين من السنين.

يشك بعض الباحثين بتسبب تلك الانعكاسات السريعة في الكوارث الكوتلينية Kotlinian Crisis؛ أي حدوث انقراض كبير يمثل نهاية حقبة جيولوجية.

تساعدنا معرفة الدلائل والظروف المحيطة بتكرارهذه التبدلات على نطاقات زمنية واسعة في شرح سبب تكرار تغير المجال المغناطيسي بصورة درامية والتنبؤ بشكل أفضل بتقلبات المستقبل.

يتساءل الجيولوجيون ما إذا كنا سنشهد انعكاسًا كاملًا بين أقطاب الأرض المغناطيسية! من المؤكد أن أمرًا غريبًا على وشك الحدوث لكن من الصعب الحكم ما إذا كان هذا الانقلاب كليًا أو مجرد انحراف بسيط، وإذا حدث انقلاب فعلًا فهل كان عملية طويلة الأمد على مدار آلاف السنين أو هو حدث مفاجئ؟ وهل سيتسبب انقلاب كهذا بمشاكل تكنولوجية؟

نظرًا لوجود العديد من الأسئلة غير المجابة والمخاطر المحتملة، فإن علينا أن نتراجع لنرى ما يخبئه لنا الزمن.

روابط ذات صلة:

هل نحن مستعدون لانقلاب قطبي الأرض وهل علينا أن نقلق؟

الانقلاب القطبي الأخير، لقد استغرق وقتًا أطول من المتوقع

ترجمة: ساره حسين

تدقيق: سمية المهدي

المصدر