جميعنا ندرك أن اللون الأزرق هو لون السماء، واللون الأخضر هو لون العشب، تبعاً للألوان التي نراها.

لكن هذه ليست الحال بالنسبة للفنان البريطاني نيل هاربسون (Neil Harbisson) المصاب بعمى الألوان.

نيل يستقبل الألوان بطريقة مختلفة تماماً حيث أنه يستقبلها عن طريق السمع!

ذلك بمساعدة عين إلكترونية تقوم بإلتقاط الترددات اللونية.

هذه العين عبارة عن جهاز يمكن ارتداؤه، حيث تم زرعه في جمجمته، يقوم بتحوّل الترددات اللونية إلى اهتزازات صوتية.
يقول نيل: “إن سماع الألوان يغير كيف ترى كل شيء، وعندما بدأت بإدراك الألوان من خلال الصوت أصبحت هذه العين الإلكترونية جزءاً من جسدي”

هاربسون لم يكن قادراً على رؤية الألوان أبداً (فقط درجات من اللون الرمادي) بسبب إصابته بعمى الألوان الكليّ (Achromatopsia) الذي يعد أحد الاضطرابات العينية الوراثية، حيث المريض لديه إنخفاض في الرؤية والحساسية للضوء الساطع وغياب القدرة على رؤية الألوان.

وحسب إحصائيات المعاهد الوطنية للصحة في الولايات المتحدة فإن هذا الإضطراب يصيب شخصاً من بين 33000 شخص.

هذا ما دفع هاربسون وأخصائي الروبوتات آدم مونتادون (Adam Montandon) أن يتعاونان سويةً لتطوير العين الإلكترونية.

العين الإلكترونية تقوم بقراءة التردد اللوني لأي شي يمر أمامها ثم تقوم بتحويل هذه الترددات اللونية إلى اهتزازات صوتية يتم إرسال هذه المعلومات إلى شريحة إلكترونية مثبتة بالجزء الخلفي من رأسه، وبهذه الطريقة يصبح قادراً على سماع الألوان من خلال ذبذبات الأمواج الصوتية المولَّدة والتي تمر إلى عظيمات أذنه الداخلية.

في عام 2012 وخلال حديثه في إحدى ندوات TED قال هاربسون: “في البداية، توجب علي أن أحفظ الأسماء المعطاة للألوان لذلك اضطررت لحفط النوتات الموسيقية (الصوتية)، ولكن بعد مرور بعض من الوقت أصبحت هذه المعلومات نوعاً من الإدراك لدي ولاحقاً لم أعد مضطراً إلى تذكر النوتات الموسيقية وبات ذاك الإدراك شعوراً حسياً في داخلي”.

الآن هاربسون لديه القدرة على ترجمة الحديث والأغاني بالألوان باستخدام الترددات الصوتية وعلاوة على ذلك أصبح قادراً على تصوّر الألوان التي لا تدركها العين البشرية كألوان الأشعة تحت الحمراء والفوق بنفسجية.

ويضيف بأنه بدأت تراوده أحلام ملونة، أي يسمع الموسيقى كحلم خلال نومه، حتى عندما لا يرتدي الجهاز!

تم الاعتراف بـ هاربسون على أنه الإنسان-الروبوتي الأول، حيث صورة جواز سفره هي صورته وهو مرتدياً الجهاز.

كما أنه يُعد عضواً فعالاً في مؤسسة البشرـالآليون (Cyborg Foundation) التي أسسها عام 2010 والتي تعد منظمة دولية تساعد المحتاجين على زراعة أجزاء آلية دائمة في أجسادهم.

يقول هاربسون: “سيبدأ الناس باستخدام التكنولوجيا كجزء من الجسم من أجل زيادة الإدراك وتوسيع الحواس”.


  • تحرير : إيناس الحاج علي