قد تكون العمليات الجراحية القلبية هي العملية الجِراحية الأكثر إثارةً للقلق ما بين المرضى، ولكن يبدو المستقبل أكثر أمانًا مع ما تُتيحُهُ لنا التكنولوجيا المتقدمة، حيث ان الجراحين سيكونون مخطِطين مُسبقًا لما يجب القيام به قبل الشروع بالعملية الجراحية و ذلك بإستخدام نماذج ثلاثية الأبعاد عالية الدقة للقلب المُراد القيام بالعملية له.

هذا النظام الجديد تم تصميمه من قبل باحثين في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) والذي يقوم على مبدأ تصوير قلب المريض بالرنين المغناطيسي (MRI) ثم إستخدام هذه الصور لطباعة القلب ثلاثي الأبعاد بشكلٍ يُحاكي تمامًا قلب المريض و الذي بواسطته يستطيع الجراحون التدرب على كل عملية قبل إجرائها فعليًا، خصوصًا مع إمكانية هذا النظام الذي يُنتج نموذجًا في غضون ساعاتٍ معدودةٍ.

وفي بيانٍ صحفيٍ قالت البروفيسور بولينا غولاند (Polina Golland) الأستاذة في الهندسة الكهربائية و علوم الحاسب في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) :

“المشاركون في هذا المشروع مقتنعين بأن هذه التكنولوجيا ستُتحدِثُ فرقًا”  و لعلنا نذكر المقولة المشهورة في عالم الطب بأن الجراحين يرون بأيديهم.”

هذة التقنية أتت بمشاركة أبحاث سابقة أُجريت في مستشفى الأطفال في بوسطن والتي تطلبت الكثير من الإبتكارات المختلفة لإيصال هذه التقنية إلى أرض الواقع. من بينها نظامٌ برمجيٌ متطورٌ قادر على تحليل صور الرنين المغناطيسي بشكلٍ مستقلٍ، مع إجراءات جديدة لتعزيز دقة صور الرنين المغناطيسي حتى عشرة أضعاف.

عانت المحاولات السابقة لإنتاج تكنولوجيا مماثلة مِن عدة مشاكل، إذ تطلبت النماذج القلبية الكثير من التدخل اليدوي من قبل الخبراء لتحديد المناطق المتراكبة – حيث تطلب مسح القلب الواحد مئات من صور الرنين – مما يستغرق الكثير من الوقت لتكامل ودمج هذه المعلومات.

حيث قالت غولاند عن النظام القديم “كان الأطباء يُحضِرونَ الأطفال لقضاءِ يوم أو اثنين معهم يتدربون على كيفية سير العملية الجراحية و يومٍ آخر لمعالجة الصور, كان هذا غير عمليٍ بشكلٍ واضحٍ “.

على النقيض من ذلك فإن التقنية الجديدة تُعطي أفضل النتائج مع التدخل البشري بحده الأدنى و جعل الخوارزميات تقوم ببقية العمل.

“أعتقد لو قال لي أحد أنه يمكنني تمثيل قلب كامل بواسطة ثماني شرائح عِوَضًا عن 200، لم أكن لأصدقه. لكن النتائج كانت مُفاجئةً لنا “.

سيتم عرض النظام الحالي في المؤتمر الدولي لمعالجة الصور الطبية و الإبتكارات الحاسوبية الطبية في ميونخ، ألمانيا خِلالَ الشهرِ المقبل. و يتم حاليًا تقييمها عمليًا من قِبل سبعة جراحي قلب في مستشفى الأطفال في بوسطن بإستخدام 10 نماذج قلبية مُحاكية لقلوب 10 مرضى كأول مرضى يتم معالجتهم بمساعدة هذا النظام.

 يقول الدكتور سيتارام ايماني (Sitaram Emani) جراح القلب في مستشفى الأطفال في بوسطن “بالتأكيد فإن النماذج ثلاثية الأبعاد ستساعد حقًا”.

الدكتور ايماني هو ليس أحد المشاركين في البحث لكنه أضاف قائلًا: “لقد استخدمت هذا النوع من النماذج لعدد قليل من المرضى، وفي الواقع إنه يقوم بـ “عملية جراحية افتراضية ” على القلب لمحاكاة الظروف الحقيقية. القيام بذلك ساعد حقًا في الجراحة الحقيقية من حيث تقليل كمية الوقت الذي يقضيه فحص القلب وإجراء إصلاح”

 

وبعيدًا عن النتائج السريرية، هناك فائدة أخرى لاستخدام النماذج المادية الشخصية عند قيام الأطباء بشرح ما يجب القيام به للمرضى و خاصة للأُسر في حالة كون العملية لطفل وليست لشخصٍ بالغ.

حيث تُساعد هذه النماذج بتبسيط النقاش مع الأسر الذين يجدون المصطلاحات التشريحية مربكةً. يقول ايماني : “هذا يعطيهم فكرة بصرية، حيث علق الكثير من المرضى و أسرهم بأنه ساعدهم في فهم الحالة الطبية بشكل أوضح”.


 

المصدر