السل Tuberculosis (TB) هو إنتان خطير يصيب الرئتين فقط عادةً، ولهذا يُسمى السل الرئوي pulmonary tuberculosis. أحيانًا تدخل الجراثيم إلى الدم، وتنتشر في الجسم وتنمو في عضو أو أكثر. يُسمى هذا السل الدخني miliary TB، وهو السل المنتشر disseminated (أي الذي ينتشر من الرئتين إلى أعضاء أخرى).

أول من أطلق اسم السل الدخني هو جون جيكوب مانجيت John Jacob Manget سنة 1700، بناءً على ملاحظاته بعد تشريح جثث بعض المرضى. احتوت الجثث على العديد من البقع الصغيرة المشابهة لمئات البذور الصغيرة التي يبلغ حجمها تقريبًا مليمترين، متوزعةً في أنسجة مختلفة. سُميت الحالة بالسل الدخني لأن بذرة الدخن millet seed لها نفس الحجم تقريبًا. وهو مرض خطير جدًا ومهدد للحياة.

يُعَد المرض نادرًا حال كان الجهاز المناعي يعمل بكفاءة، أما أكثر من يصاب بالمرض فهم الأشخاص ضعيفو المناعة immunocompromised.

يُصيب السل الدخني عادةً الرئتين، ونقى (نخاع) العظم والكبد، وقد ينتشر إلى بطانة القلب، والحبل الشوكي والدماغ، وأماكن أُخرى في الجسم. وفقًا لدراسة مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية CDC، تُصاب بطانة الدماغ عند 25% من المصابين بالسل الدخني. من المهم الانتباه لهذا لأنه يتطلب علاجًا أطول.

أسباب السل الدخني

يسبب السل الدخني جرثومة تسمى المتفطرات السلية Mycobacterium tuberculosis، وهي معدية وتنتقل بالهواء، عندما يستنشق شخص سليم الجراثيم المنتشرة في الهواء بعد أن سعل أو عطس شخص مصاب بالمرض، وتستطيع الجرثومة أن تبقى في الهواء عدة ساعات.

عند إصابة الجسم بالجراثيم وكان الجهاز المناعي قويًّا كفايةً لمحاربتها، يُسمى المرض السل الكامن latent TB. في هذه الحالة، لا تظهر أعراض ولا يصبح الشخص مُعديًا. لكن إذا ضعفت كفاءة الجهاز المناعي، يتحول السل الكامن إلى سل نشط active TB، وتظهر الأعراض ويكون الشخص معديًا.

عوامل الخطورة

حتى ثمانينيات القرن الماضي، كان السل الدخني يصيب أساسًا الرضع والأطفال، أما الآن فيصيب البالغين أكثر، وذلك لانتشار حالات نقص المناعة.

أي شيء يضعف الجهاز المناعي يزيد من فرصة الإصابة بأنواع السل. يحدث السل الدخني فقط إذا كان الجهاز المناعي ضعيفًا جدًّا.

السل الدخني: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج - إنتان خطير يصيب الرئتين فقط - المتفطرات السلية Mycobacterium tuberculosis

تتضمن أسباب ضعف الجهاز المناعي:

  • الإيدز.
  • تناول الكحوليات.
  • سوء التغذية.
  • مرض الكبد المزمن.
  • اء السكري.
  • سرطان الرئة، أو الرقبة، أو الرأس.
  • الحمل أو الولادة حديثًا.
  • غسيل الكلى (التحال) لفترة طويلة.

الأشخاص الذين يتناولون الأدوية المؤثرة على عمل الجهاز المناعي هم أيضًا معرضون كثيرًا للسل الدخني. الاستخدام طويل الأمد للستيرويدات القشرية هو السبب الأكثر شيوعًا، أيضًا الأدوية المستعملة بعد زراعة الأعضاء، أو لعلاج الأمراض المناعية والسرطان، تُضعف الجهاز المناعي وتزيد فرصة الإصابة بالسل الدخني.

أعراض السل الدخني

أعراض السل الدخني عامة جدًّا. تتضمن:

  • حمى تستمر عدة أسابيع، وتشتد مساءً.
  • قشعريرة.
  • سعال جاف قد يصبح داميًا لاحقًا.
  • التعب.
  • الضعف.
  • ضيق في التنفس يزداد مع الوقت.
  • ضعف الشهية.
  • خسارة الوزن.
  • تعرق ليلي.
  • عدم الشعور بالراحة عمومًا.

إذا أصيبت أعضاء أُخرى غير الرئتين، سيؤثر ذلك على وظائفها، ما يسبب أعراضًا أُخرى، مثل نقص خلايا الدم الحمراء حال إصابة نقى العظم، أو طفح مميز حال إصابة الجلد.

التشخيص

تشبه أعراض السل الدخني أعراض العديد من الأمراض الأخرى، ومن الصعب العثور على الجرثومة بفحص الدم، أو سوائل الجسم الأخرى، أو بفحص عينات نسيجية مجهريًّا، ما يصعب على الطبيب التشخيص، والتفرقة بين المسببات الأخرى المحتملة للأعراض. قد يلجأ الطبيب إلى طلب العديد من التحاليل.

اختبار سلين الجلد tuberculin skin test والذي يُعرف باختبار مشتق البروتين المنقى PPD test يُظهر وجود الجرثومة المسببة للسل، لكنه لا يفرق بين السل الكامن والنشط. عند ضعيفي المناعة، قد يُظهر الاختبار عدم الإصابة بالمرض في حين يكون الشخص مُصابًا بالفعل.

قد يطلب الطبيب صورة أشعة سينية للصدر إذا كان اختبار الجلد إيجابيًا أو إذا كان لديك أعراض السل. على خلاف السل النموذجي الذي قد يشابه الإنتانات الأخرى، نمط بذرة الدخن في صورة سينية للصدر مميِّز جدًّا للسل الدخني. يسهل التشخيص عند رؤية النمط، لكن أحيانًا لا يظهر إلا بعد وقت طويل من الإنتان والأعراض.

قد يطلب الطبيب فحوصًا أُخرى لتأكيد تشخيص السل الدخني، مثل:

  • فحص طبقي محوري CT scan، إذ يعطي صورةً أفضل للرئتين.
  • عينة بلغم للبحث عن الجراثيم مجهريًّا.
  • فحص دم لتحديد التعرض للجراثيم.
  • تنظير قصبات bronchoscopy، بإدخال كاميرا رفيعة ومُضيئة عبر الفم إلى الرئتين، ليتمكن الطبيب من البحث عن بقع غير طبيعية، وأخذ عينات لفحصها مجهريًّا.

بما أن السل الدخني قد يُصيب أعضاءً أخرى سوى الرئتين، قد يطلب الطبيب اختبارات أُخرى بناءً على الأعراض، مثل:

  • فحص طبقي محوري لأعضاء أُخرى في الجسم، خاصةً البطن.
  • تصوير بالرنين المغناطيسيMRI للبحث عن الإصابة في الدماغ أو الحبل الشوكي.
  • مخطط صدى القلبechocardiogram للبحث عن الإصابة في بطانة القلب.
  • عينة بول للبحث عن الجراثيم.
  • خزعة نقى العظم bone marrow biopsy، بإدخال إبرة إلى منتصف العظم لأخذ عينة للبحث عن الجراثيم مجهريًّا.
  • خزعة، بأخذ قطعة نسيج صغيرة من عضو يُعتقد إنه مصاب وتُفحص مجهريًّا.
  • بذل قطني spinal tap، حال الشك في إصابة السائل المحيط بالحبل الشوكي والدماغ.
  •  إدخال إبرة في تجمع السوائل حول الرئتين بحثًا عن الجراثيم.

علاج السل الدخني

هو نفس علاج السل النموذجي، ويتضمن:

 المضادات الحيوية

قد تُعالَج بعدة مضادات حيوية مدة 6-9 أشهر بعد عمل مزرعة جرثومية، لاختبار نوع المضاد الحيوي المناسب للقضاء على الجراثيم التي لديك، لكن مع ذلك قد تحدث مقاومة دوائية drug resistance، إذ لا يتمكن المضاد الحيوي من القضاء على العدوى، عندها يصف الطبيب مضادًّا حيويًّا آخر.

حال إصابة بطانة الدماغ، قد يستغرق العلاج 9 – 12 شهرًا.

المضادات الحيوية الشائع استخدامها لهذه الحالة هي:

  • أيسونيازيد.
  • إيثامبيوتول.
  • بيرازيناميد.
  • ريفامبيسين.

 الستيرويدات

قد تُعطى ستيرويدات حال إصابة بطانة القلب أو الدماغ.

 الجراحة

نادرًا قد تتطور لديك اختلاطات مثل خراجات تتطلب جراحةً لعلاجها.

الآفاق (التوقعات)

السل الدخني نادر، لكنه إنتان مُعد ومهدد للحياة. يتطلب علاج المرض عدة أشهر من استخدام المضادات الحيوية. من المهم تشخيص الإصابة مبكرًا وتناول المضادات الحيوية حسب إرشادات الطبيب، للحصول على نتائج جيدة ومنع نقل العدوى إلى أشخاص آخرين. إذا كانت تعاني أيًّا من أعراض السل أو تعلم بتعرضك للمرض، اتصل بالطبيب لحجز موعد بأسرع ما يمكن.

اقرأ أيضًا:

سوء التغذية

سرطان الرئة

ترجمة: مجد محمد المصري

تدقيق: محمد وائل القسنطيني

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر