بينت نتائج بحث في الحفريات البشرية التي يعود تاريخها إلى حوالي مليوني سنة مضت أن نمط السمع يشبه الشمبانزي، ولكن مع بعض الاختلافات الطفيفة في اتجاه البشر.

“رولف” أستاذ مساعد في علم الإنسان في جامعة بينغهامتون، قاد فريق البحث الدولي في إعادة بناء جانبا من جوانب الإدراك الحسي لدى عدة أفراد من أشباه البشر الأحفوري hominins من مواقع ستركفونتن وسوارتكرانس في جنوب أفريقيا.

الدراسة اعتمدت على التصوير بالأشعة المقطعية الطبقية واعادة بناء افتراضي بالحاسوب لدراسة تشريح الاذن الداخلي. اشارت النتائج إلى أن النوعين أسترالوبيثكس الإفريقي وبارانثروبوس من اشباه البشر، كلاهما عاش قبل حوالي 2 مليون سنة، كانت قدراتهم السمعية تشبه الشمبانزي مع بعض الاختلافات الطفيفة المشابهة للبشر.

يختلف الانسان عن معظم الثدييات الأخرى، بما في ذلك الشمبانزي، بانه يسمع بصورة أفضل عبر مجموعة واسعة من الترددات، عادة تكون ما بين 1.0-6.0 كيلو هرتز. ضمن هذا النطاق من الترددات، والذي يشمل الأصوات المنبعثة من خلال اللغة المنطوقة، لكن قرود الشمبانزي ومعظم الثدييات الأخرى تفقد حساسيتها لهذه الترددات مقارنة مع الانسان.

قال رولف “نحن نعلم ان أنماط السمع تختلف في الشمبانزي عن الانسان من خلال قياس قدراتهم السمعية بالمختبر، لكننا نريد معرفة متى ظهرت اول قدرة سمعية مشابهة للإنسان من خلال تاريخنا التطوري. “

درس رولف وزملائه فيما سبق القدرات السمعية لعدة أفراد من أشباه البشر في موقع سيما دي لوس ( وهي حفرة عظام تم اكتشافها في شمال اسبانيا. يقدر عمرها 430.000 سنة)، واعتبرت انها أسلاف النياندرتال. اذ كانت قدرة السمع لديهم متطابقة تقريبا مع الإنسان الحديث، بالمقابل كانت قابلية السمع للاحافير المأخوذة من جنوب افريقيا اكثر تشابها الشمبانزي.

بينت حفريات الهياكل العظمية في جنوب افريقيا ان اقصى حساسية سمعية كانت قد تطورت بصورة بطيئة نحو الترددات العالية بالمقارنة مع الشمبانزي. وكانت قابلية السمع لدى شبيه البشر hominins أفضل من الشمبانزي والبشر. اذ كانت الترددات التي يسمعها حوالي 1.0-3.0 كيلو هيرتز. اتضح ان هذا النمط السمعي قد يكون مناسب بشكل خاص للعيش في مناطق السفانا، بينما في المناطق ذات المحيط المفتوح فان الموجات الصوتية لا تنقل بمدى بعيد بقدر ما تنتقل في الغابات المطيرة، لذلك فان الموجات القصيرة المدى هي المفضلة في مناطق السفانا.

وقال رولف ” نحن نعلم ان هذه الأنواع احتلت بانتظام مناطق السفانا بعد ان نفذ ما يقارب 50% من غذائهم المتوفر في البيئات المفتوحة” ويرى الباحثون ان هذا المزيج من الخصائص السمعية قد يفضل التواصل بترددات قصيرة المدى في المناطق المفتوحة.

بما ان هذه الأصوات تشبه اللغة، فهل يعني ان تلك الأنواع شبيهة البشر تمتلك لغة؟ يقول رولف ” لا، نحن لا نجادل في ذلك. ومن المؤكد كان التخاطب فيما بينها جهاراً، لكننا لا نقول انها طورت لغة متكاملة مع كل محتواها الرمزي كالإنسان الحديث”

ظهور اللغة هي واحدة من اكثر المسائل جدلاً بين المختصين بعلم الانسان (الانثروبولوجي), والذي يهتم بدراسة أصول الانسان، لان القدرة على استعمال اللغة المنطوقة هي اهم سمه للإنسان تميزه عن باقي الكائنات. وهنالك اجماع بين علماء الانثروبولوجيا على ان صغر حجم دماغ شبيه الانسان hominins وجمجمته المشابه تشريحيا لجمجمة القرد وتجويفها الصغير، تشير الى عدم قدرته شبيه الانسان البدائي على الأرجح لامتلاك اللغة.

ويقول رولف ” نشعر ان بحثنا يملك إمكانية كبيرة لتقديم رؤى جديده لظهور النمط السمعي لدى الانسان, وبالتالي متى طورنا اللغة “

وقال Ignacio Martinez وهو احد الباحثين الذين قدموا مساعدة لإتمام البحث ” نحن واثقون من نتائج بحثنا وتفسيرنا لها. وانه امر مفرح ان تتلاقى العديد من براهين البحوث المستقلة عن بعضها في تفسير شيء واحد لتعطي نتيجة واحدة”

ماهي نتيجة مقارنه نتائج هذا البحث مع اعلان اكتشاف لنوع جديد شبيه الانسان هو Homo naledi قبل عدة أسابيع من جنوب افريقيا؟

قال رولف ” سيكون من المثير فعلا دراسة النمط السمعي لدى هذا النوع الجديد. لذلك سأبقى اترقب”