ليست الكائنات الفضائية هي من بنت الأهرام، إنما الهندسة الذكية. قبل 4000 سنة، هبطت كائنات فضائية على كوكب الأرض، وبنت الأهرام لترمز إلى سيطرتهم الممتدة عبر المجرات. قد تكون الفرضية حقيقة، لكن غالبًا ثمة تفسير أكثر عمليةً ومنطقية لطريقة بناء الأهرام.

منحت الاكتشافات الجديدة في العقدين الماضيين منظورًا أعمق للطريقة التي بنى بها المصريون القدماء أهرامهم.

معاينة أحجام الأهرام

أمر الفرعون خوفو ببناء أكبر وأول أهرام الجيزة نحو سنة 2551 ق.م. وهو المعروف باسم الهرم الأكبر، ويبلغ ارتفاعه 138 مترًا، ويُعَد أول عجائب الدنيا السبع القديمة.

بُني الهرم الثاني نحو سنة 2520 ق.م من أجل الفرعون خفرع. وهو أصغر من الهرم الأكبر. لكنه أكثر ارتفاعًا بفضل قاعدته المرتفعة.

وبُني الهرم الثالث نحو سنة 2490 ق.م للفرعون منكاورع (منقرع). وهو أصغر الأهرام الثلاثة بارتفاع 65 مترًا فقط.

شاهد الفيديو

ظل الهرم الأكبر البناء الأكثر ارتفاعًا في العالم مدة 3800 سنة، أي معظم التاريخ البشري المسجل.

بالنظر إلى الهرم الأكبر، نجد أنه مكون من نحو 2.3 مليون كتلة صخرية مرتكزة فوق قاعدة واحدة. تُعَد تلك القاعدة في ذاتها معجزةً هندسية. سوى المصريون تلك القاعدة بمستوى خطأ بلغ سنتيمترين فقط، غالبًا باستخدام أدوات تسوية مكونة من عوراض ذات زوايا، إضافةً إلى قاعدة مربعة عند كل ركن بمسافة 11 سنتيمترًا.

غالبًا كانت قاعدة الهرم الأكبر أكبر ميدان بُني على الأرض آنذاك.

حقيقة أخرى مثيرة حول قاعدة الهرم، هي توافُق جوانبها تمامًا مع الجهات الأصلية، علمًا بأن البوصلات لم توجد في تلك الفترة، وأن نجم الشمال لم يكن في نفس النقطة. ربما تتبع المهندسون المصريون مسارات النجوم في السماء وأجروا حساباتهم ليجدوا الشمال الحقيقي ويحاذوا القاعدة معه.

فور اكتمال بناء القاعدة، أصبح بإمكان المهندسين والبُناة الانتقال إلى مرحلة بناء الجسم الرئيسي. بُنيَت الأهرام من الحجر الجيري المُستخرَج من مناجم مجاورة لموقع البناء، لكن السؤال هو: كيف استطاع هؤلاء العمال استخراج هذه الاحجار الضخمة من الأرض؟

الإجابة هي أنهم استغلوا الطبيعة الجيولوجية لموقع المنجم.

حدد سُمك طبقات الحجر الجيري في المحجر سُمك الحجر المُستخدَم في البناء. قد تنفصل الطبقات طبيعيًّا بتطبيق قوة أقل، لذا حفر العمال أنفاقًا على جانبي الحجر ثم استخدموا قضبان ثَقب كبيرة لصنع شقوق ستؤدي حتمًا إلى التصدع.

أما تمثال أبي الهول، فقد حُفِر هيكله من الأرض ونُحِت في مكانه. مكَّنت طريقة البناء تلك العلماء من استنتاج أن المهندسين القدامى استخدموا الطبقات الطبيعية للحجر الجيري في تحديد سمك الكتلة الحجرية المُستخدَمة في البناء.

كيف حُركت الكتل الصخرية؟

استنتج العلماء حديثًا أن المصريين القدماء استخدموا على الأرجح زلاجات تُسحَب فوق رمال رطبة لتقليل الاحتكاك. سمحت تلك التقنية بتقليل القوة المطلوبة بنسبة 50%، ما يعني تقليل الجهد المطلوب لتحريك تلك الأحجار.

الهندسة وراء أهرام الجيزة - ليست الكائنات الفضائية هي من ساهمت في بناء الأهرام إنما الهندسة الذكية - هبطت كائنات فضائية على كوكب الأرض

استغرق بناء الهرم الأكبر نحو 23 سنة، ظن كثيرون أن العمال المصريين ما كانوا ليتمكنوا من إكمال البناء دون تلقي مساعدة خارجية، لكن بتحليل الأمر جيدًا، نكتشف أنه ممكن فعلًا.

تطلب إنتاج الكمية المطلوبة من الكتل الصخرية لبناء الهرم، حفر ما يعادل مساحة حمام سباحة أوليمبي أسبوعيًّا، وتشير البيانات الحديثة أن هذا يمكن تحقيقه بواسطة 1200 عامل بناء فقط، وهو عدد كان من السهل الحصول عليه آنذاك.

بعد حفر الكتل الصخرية الضخمة، توجب نقلها إلى مكانها عند القاعدة المُمَهدة. اقترح المهندسون المعاصرون أنه ربما شُقَّ طريق حلزوني حول الهرم ابتداءً من القاعدة ويضيق كلما اتجهنا إلى أعلى. تُسحَب الكتل الصخرية فوق المزالج ثم تُثبَّت في مكانها باستخدام كرات من حجر دولريت البركاني. بعد ذلك يشرع الحرفيون المهرة في نحت الصخور إلى شكلها المطلوب.

يتميز تموضع الأحجار الخارجية ونحتها بالدقة البالغة، لكن هذه الدقة تتناقص بالاتجاه نحو الداخل.

ماذا عن الأيدي العاملة؟

اكتشف علماء المصريات مدنًا ضخمة مُقسمة بدقة في المنطقة المحيطة بالأهرام. آوت تلك المدن عائلات آلاف العمال. وقد فنَّدت الأبحاث الحديثة النظرية القائلة باستخدام العبيد في البناء، إذ توضح الأدلة أن عمال البناء لاقوا احترامًا وتبجيلًا من المجتمع المصري.

ربما تكون الأهرام أشهر المشروعات الهندسية في التاريخ. وفي حين تدل الضخامة ودرجة التعقيد على قدرات خارقة، توضح الأدلة أن البناء قام به عمال مهرة. وتلك هي روعة الهندسة: تحويل المستحيل إلى حقيقة على أرض الواقع.

اقرأ أيضًا:

العلماء يكتشفون الأسرار القديمة لعلم الفلك التي ساعدت في بناء الأهرام

هذا المنحدر البدائي من المحتمل أنه ساعد ببناء أهرامات مصر العظيمة

ترجمة: مصطفى عبد المنعم

تدقيق: عون حداد

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر