نحن إمَّا نكون نائمين أو مستيقظين، أليس كذلك؟ ليس بالضرورة. اكتشف علماء الأعصاب في الولايات المتحدة أنَّ هناك دائرة داخل المخ يمكنها إدخال مناطق صغيرة في المخ في حالة إغفاءة، حتى عندما يظل بقية المخ مستيقظًا. يمكن لهذه العملية مساعدتنا على تثبيت ذكرياتنا على نحوٍ أكثر فعالية، ويظن الباحثون أنَّ بإمكانهم التحكُّم فيها باستخدام أجهزة ليزر منخفضة الطاقة.

 

تقع الدائرة داخل النواة المهادية الشبكية TRN، وتنقل الإشارات إلى المهاد (Thalamus) ثم إلى القشرة (Cortex)، قد تشمل هذه الإشارات حزمًا من موجات المخ المتذبذبة البطيئة التي تشير إلى حالةٍ من النوم العميق. كما تظهر هذه الذبذبات البطيئة أيضًا عندما يكون شخص ما في غيبوبة أو تحت تأثير مُخدِّر عام.

يعتقد فريق معهد ماساتشوستش أنَّ النواة المهادية الشبكية قد تُزامِن بين أفعال أجزاء مُحدَّدة من المخ عبر أنماط الموجات هذه، ومن المُحتمَل أن يُمكِّنها من مشاركة معلومات مثل الذكريات بسهولةٍ أكثر. كما قد يكون هذا هو السبب وراء شعورك بالشرود عندما تجد صعوبةً في البقاء مُتيقِّظًا حتى في منتصف قيامك بأحد الأنشطة.

 

قالت لورا لويس (Laura Lewis)؛ عالمة الأعصاب وإحدى الباحثين: «قد تكون لبعض المناطق المُحدَّدة في المخ موجات بطيئة في نفس الوقت خلال النوم لأنَّها بحاجة إلى تبادل المعلومات مع بعضها البعض، بينما لا تكون لدى البعض الآخر».

 

بدأ العلماء مؤخرًا البحث عن قربٍ أكثر في التحكُّم الداخلي في النوم في المخ، وقد أظهرت الدراسات السابقة التي بحثت في الحيوانات المحرومة من النوم انتقال نفس الموجات البطيئة عبر أمخاخ الحيوانات حتى بينما كانوا مستيقظين، وقد يعني ذلك أنَّ أمخاخنا قد تُغلِق أقسامًا مُعيَّنة في أوقات مختلفة.

 

إنَّ موقع النواة المهادية الشبكية مثالي للتحكُّم في مستوى التيقُّظ الداخلي؛ فهي تحيط المهاد مثل القوقعة وتعمل حارسًا للمعلومات الحسّاسة الداخلة إلى مركز المخ. عندما أجرى باحثو معهد ماساتشوستس اختبارات على مجموعة من الفئران، وجدوا أنَّ تحفيز منطقة النواة المهادية الشبكية يُولِّد هذه الموجات المتذبذبة البطيئة.

تشرح لويس: «وجدنا أنَّه عند إثارة هذه الموجات البطيئة في القشرة تبدأ الحيوانات في التصرُّف كأنَّها ناعسة، فتتوقَّف عن التنقُّل وترتخي عضلاتها. أميل إلى الاعتقاد بأنَّ النُعاس يحدث بسبب بدء المخ في التحوُّل إلى حالة النوم، وتُصبح بعض مناطق المخ الداخلية ناعسة حتى إذا أجبرت نفسك على أن تظل مستيقظًا».

 

نُشِرت النتائج في مجلة eLife. وإذا استطاع علماء الأعصاب في النهاية التوسُّع في هذه الاكتشافات، سيمكننا الحصول على فوائد العلاجات والحبوب المُنوِّمة التي ستكون أكثر طبيعيةً واتِّساقًا مع نشاط المخ الطبيعي.


 

المصدر