التجارب السريرية هي طريقة اختبار سُبل جديدة لتشخيص الأمراض أو علاجها أو الوقاية منها، وذلك بتقييم الموضوع محل الاختبار بهدف معرفة مدى سلامته وفاعليته، مثل:

  •  الأدوية.
  •  تركيبات الدواء.
  •  الاستخدامات الجديدة للأدوية الموجودة سابقًا.
  •  الأجهزة الطبية.

قبل إجراء التجارب السريرية، يُجري الباحثون تجارب أولية في المختبرات باستخدام مزارع خلوية بشرية أو على الحيوانات، فمثلًا يختبرون سُمِّيَّة دواء جديد على عينة صغيرة من الخلايا البشرية.

إذا كانت النتائج واعدة، فإنهم يمضون قدمًا في التجارب السريرية لاختبار إمكانية استخدامها على البشر، إذ تمر بعدة مراحل تُطرح خلالها أسئلة مختلفة، ترتبط فيها كل مرحلة بنتائج سابقتها. فيما يلي مثال لتجربة سريرية على دواء جديد قبل الموافقة على استخدامه، وفقًا لقواعد إدارة الغذاء والدواء الأمريكية.

المرحلة (0)

تتميز هذه المرحلة بقلة المشاركين في التجربة، فهم عادةً أقل من 15 شخصًا، يستخدم الخبراء جرعة صغيرة جدًا من الأدوية للتحقق من أنها ليست ضارة للبشر، قبل بدء استخدامها بجرعات أعلى في مراحل مُتقدمة.

إذا كان تأثير الدواء خلاف المتوقع، يُجري الباحثون المزيد من الأبحاث الأولية قبل اتخاذ قرار بشأن مواصلة التجربة.

المرحلة الأولى

يُمضي الباحثون عدة أشهر في دراسة آثار الدواء على 20 – 80 شخصًا لا يُعانون أي أمراض، بهدف معرفة أقصى جرعة يستطيع الإنسان تناولها دون آثار جانبية خطيرة، إذ يراقب الباحثون المشاركين من كثب لمعرفة كيفية تفاعل أجسامهم مع الدواء. يوفر البحث الأولي عادةً معلومات مبدئية حول الجرعات، لكن آثار الدواء في جسم الإنسان قد تكون غير متوقعة.

إضافةً إلى تقييم سلامة الدواء ومعرفة الجرعة المثالية التي يحتاج إليها المريض، يسعى الباحثون أيضًا إلى معرفة أفضل طريقة لأخذ الدواء، من طريق الفم أو الحقن بالوريد أو موضعيًا.

وفقًا لإدارة الغذاء والدواء الأمريكية، ينتقل نحو 70% من الأدوية الموثوقة إلى المرحلة الثانية.

المرحلة الثانية

يُجري الباحثون تجارب على مئات المشاركين المصابين بالمرض الذي يُفترض أن يعالجه الدواء الجديد، بإعطاء المريض الجرعة التي وُجد أنها آمنة في المرحلة السابقة. تستغرق هذه العملية من عدة أشهر إلى سنوات، يراقب فيها الباحثون المشاركين لمعرفة مدى فعالية الدواء وملاحظة أي آثار جانبية قد يُسببها.

تشمل المرحلة الثانية عددًا أكبر من المشاركين مقارنةً بالمراحل السابقة، وهذا غير كافٍ لإثبات سلامة الدواء، لكن تبقى بيانات هذه المرحلة مهمةً لتحديد طرق إجراء المرحلة الثالثة.

ماذا يحدث في كل مرحلة من مراحل التجارب السريرية - طريقة اختبار سبل جديدة لتشخيص الأمراض أو علاجها أو الوقاية منها - مدى سلامة الدواء وفاعليته

تنتقل 33% تقريبًا من الأدوية الموثوقة إلى المرحلة الثالثة.

المرحلة الثالثة

تتضمن المرحلة الثالثة من التجارب السريرية عادةً نحو 3000 مشارك مصاب بالمرض الذي يُفترض أن يعالجه الدواء الجديد. تستمر هذه المرحلة عدة سنوات، بغرض تقييم كيفية عمل الدواء الجديد مقارنةً بالأدوية الموجودة سابقًا، الموجهة إلى نفس الفئة من المرضى. يهدف الباحثون في هذه المرحلة إلى إثبات فعالية الدواء وسلامته، ليماثل على الأقل نظائره من الأدوية المتاحة.

لتحقيق ذلك، يستخدم الباحثون طريقة تُسمى التوزيع العشوائي، تتضمن اختيارًا عشوائيًا للمشاركين ليتلقى بعضهم الدواء الجديد ويتلقى آخرون دواءً اختُبر سابقًا. وعادةً ما تكون تجارب المرحلة الثالثة ثنائية التعمية (Double-blind)، ما يعني أن المشارك والباحث كليهما يجهل طبيعة الدواء المُستعمل، لتجنب أي تحيز قد يُؤثر في تفسير النتائج.

تشترط إدارة الغذاء والدواء الأمريكية عادةً مُرور الدواء بالمرحلة الثالثة قبل الموافقة عليه، نظرًا للعدد الكبير من المشاركين ومدة التجارب الطويلة، فقد تظهر خلالها الآثار الجانبية نادرة الحدوث وطويلة المدى للدواء.

إذا أثبت الباحثون أن الدواء آمن وفعال مثل الأدوية الموجودة في السوق على أقل تقدير، غالبًا ما تُصادق عليه إدارة الغذاء والدواء الأمريكية. تنتقل 25 – 30% من الأدوية الموثوقة إلى المرحلة الرابعة.

المرحلة الرابعة

تشمل المرحلة الرابعة من التجارب السريرية الأدوية التي صرحت بها إدارة الغذاء والدواء الأمريكية. تضم هذه المرحلة آلاف المشاركين وقد تستمر سنوات، يبحث الخبراء خلالها عن المزيد من المعلومات حول سلامة الدواء وفعاليته على المدى الطويل، وعن فوائده الأخرى المُحتملة.

الخلاصة

تُعَد التجارب السريرية الأولية جزءًا مهمًا من البحث السريري، إذ تسمح بتقييم سلامة الأدوية وفعاليتها وطرق استهلاكها، قبل الموافقة على أن يستخدمها عامة الناس.

اقرأ أيضًا:

أول لقاح عالمي للإنفلونزا يخضع لتجارب سريرية بالفعل

هل يمكننا أن نثق بنتائج التجارب السريرية المبكرة؟

ترجمة: عبد الكريم زايدي

تدقيق: عون حدّاد

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر