لقد فعلت كل ما يفترض بك فعله. تأكل حسب السعرات الحرارية التي تحتاج إليها، وتتدرب عدة مرات أسبوعيًا، وتقترب من الوزن الذي ترغب في الحصول عليه. ثم يستوي المنحني الخاص بخسارة وزنك قبل بضعة أرطال من الوزن المطلوب، ولا يبدو أنه يتزحزح.

تكثر الشكاوى حول أن تلك الأرطال الخمسة الأخيرة (نحو 2.2 كجم) قد تكون الأصعب في فقدها. تكشف الإجابة عن هذا الأمر الكثير حول العلاقة بين الوزن والشهية (أو ما نشعر به عندما نقول إننا جائعون)، وكيف أننا نحن البشر جاهزون دائمًا تقريبًا لتناول الطعام.

عند اتباع نظام غذائي لإنقاص الوزن، عادةً يبطئ سببان أساسيان من خسارة الوزن بمرور الوقت.

لماذا تصعب خسارة الوزن وفقًا للعلم - السعرات الحرارية التي تحتاج إليها - الوزن الذي ترغب في الحصول عليه - فقدان الوَزن بمرور الوقت

السبب الأول هو أن استهلاك السعرات الحرارية (الطاقة) ينخفض مع خسارة الوزن. يبطؤ التمثيل الغذائي لأن الجسم الأخف يحتاج إلى عدد أقل من السعرات الحرارية للحفاظ عليه وحركته.

يمكننا أن نقدّر بدقة منطقية كيف يتغير استهلاك السعرات الحرارية حسب الوزن. مثلًا، يحتاج رجل طوله 175 سم، ذو نشاط معتدل، يبلغ من العمر 45 عامًا ويزن 90 كيلوجرامًا إلى تقليل السعرات الحرارية التي يتناولها من 3200 إلى 2270 سعرة حرارية في اليوم ليفقد 15 كيلوجرامًا في ستة أشهر.

تجدر الإشارة إلى أن ما نسميه عادةً سعرة حرارية (كالوري) هو في الواقع كيلو كالوري، وهو ما يعادل 1000 سعرة حرارية.

إذا استمر على هذا النظام الغذائي الذي يتضمن 2270 سعرة حرارية يوميًا، فسيخسر في المتوسط 2.6 كيلوجرام في الشهر خلال الأشهر الخمسة الأولى و1.8 كيلوجرام في الشهر الأخير. وسيحتاج بعد ذلك إلى تناول نحو 2780 سعرة حرارية يوميًا للحفاظ على وزنه عند 75 كيلو جرامًا.

السبب الثاني الذي يصعب خسارة الوزن تدريجيًا هو أن خسارة الوزن يرافقه زيادة في الشهية.

يخبر هرمون اللبتين دماغنا عن كمية الدهون المخزنة في أجسامنا. عندما يكون لدينا المزيد من الدهون المخزنة، يزيد إفراز اللبتين ويقلل من شهيتنا. ولكن عندما نفقد دهون الجسم، يُثبَّط إفراز اللبتين جزئيًا، ما يجعلنا أكثر جوعًا.

يسبب تغير استهلاك السعرات الحرارية وتأثير مخازن الدهون في الشهية استقرار وزن الجسم على المدى الطويل. لكن آثارهما بالكاد ملحوظة على المدى القصير.

العامل المؤثر في شهيتنا في أثناء اليوم هو وقت آخر وجبة لنا، ومدى شعورنا بالامتلاء منذ وجبتنا الأخيرة. بعبارة أخرى، نشعر بالجوع عندما تخبر معدتنا دماغنا بأنها فارغة أو شبه فارغة.

إن ترك الإشارات المرسلة من معدتنا دون رادع سيجعلنا عرضة للإفراط في تناول الطعام. هذا لأن معدتنا لديها القدرة على استيعاب سعرات حرارية أكثر مما نستهلكه.

مثلًا، وجدت دراسة أنه عند تقديم بيتزا للمشاركين، وطُلب منهم تناول الطعام حتى الشعور بالشبع المريح، أكلوا 1580 سعرة حرارية. وعندما طُلب منهم تناول أكبر قدر يمكنهم تناوله، تناولوا ضعف هذه الكمية، أي أنهم تناولوا ما يعادل متطلبات السعرات الحرارية اليومية كاملةً في وجبة واحدة.

هذا يدل على أننا دائمًا جاهزون لتناول الطعام، ولدينا القدرة على تناول كميات من الطعام تفوق ما يحقق مستوى الشبع المريح.

يتأثر الشبع جزئيًا بنسبة الدهون والكربوهيدرات والبروتين في الوجبة، وبالحجم الكلي للوجبة. مثلًا إذا كانت الوجبة تحتوي المزيد من الألياف، يزيد الشعور بالامتلاء، لذلك يصعب تناول الكثير من الفواكه والخضراوات.

لو قُدم التفاح للمشاركين في الدراسة بدلاً من البيتزا، لما تمكنوا من تناول 1580 سعرة حرارية، فكيف بضعف هذه الكمية؟ إن تركيز السعرات الحرارية في التفاح هو 50 سعرة حرارية فقط لكل 100 جرام، ومن ثم سيحتاج المشاركون إلى تناول 3 كيلوجرامات من التفاح للحصول على 1580 سعرة حرارية.

تبلغ السعرات الحرارية في البيتزا نحو 280 سعرة حرارية لكل 100 جرام، وهذا أعلى بخمسة أضعاف من تركيزها في التفاح. يزيد معدل الشبع من السعرات الحرارية في الأطعمة التي يقل بها تركيز الطاقة. لذلك نشعر بشبع أكبر إذا تناولنا نفس عدد السعرات الحرارية من التفاح عوضًا عن البيتزا.

لكن للأسف الأطعمة ذات المحتوى الأعلى من الطاقة تكون أطيب طعمًا! (مثل: البيتزا والشوكولاتة والبطاطس، إذ قد تحتوي أكثر من 500 سعرة حرارية لكل 100 جرام). بيولوجيًا، ربما كان هذا لأن هذه الأطعمة مصدر قيم للغذاء، فقلة الشبع من السعرات الحرارية لهذه الأطعمة يمكننا من تناول المزيد منها.

إذن نحن عرضة للإفراط في تناول الأطعمة ذات السعرات الحرارية العالية لسببين: قلة الشبع من سعراتها، وكونها ألذ ويشعرنا تناولها بالمتعة.

لكن الأبحاث الحديثة تظهر أن الأطعمة ذات السعرات الحرارية العالية لا تمنحنا بالضرورة المزيد من المتعة عند أكلها. ما قد يمكننا من تقليل تناول السعرات الحرارية دون تأثير كبير في شعورنا بالمتعة.

مثلًا، قد يكون اختيار تناول 100 جرام من زبادي الفراولة (95 سعرة حرارية) بدلاً من 100 جرام من تشيز كيك الفراولة (250 سعرة حرارية على الأقل) أقل متعة، لكن ليس بالقدر الكبير.

مع التعود، قد تجد نفسك تختار الأطعمة ذات السعرات الحرارية المنخفضة ومن ثم تسيطر على وزنك.

لكن بمرور الوقت، يصعب تناول القليل من الطعام والانتباه الدائم وضبط النفس لمقاومة الرغبة في تناول الأطعمة اللذيذة التي تحوي كثافة طاقة أكبر.

ومن هنا تحدث الهفوات، فبمرور الوقت يضعف دافعنا لضبط النفس وزيادة النشاط الجسدي. وهو ما يفسر أيضًا مشكلة صعوبة فقدان الأرطال الخمسة الأخيرة.

عمومًا، يستقر وزننا عند نقطة التوازن بين إغراء أطعمة نظامنا الغذائي، وضبط النفس للأكل، والطاقة التي نستهلكها في النشاط الجسدي. يمكننا تغيير أي من العوامل الثلاثة السابقة، وإن ظل اختيار الأطعمة ذات كثافة الطاقة المنخفضة خصوصًا الاستراتيجية الأكثر فعالية لتقليل الوزن.

للحفاظ على الوزن الصحي، فلنتذكر أن الأجسام الأخف وزنًا تتطلب سعرات حرارية أقل.

اقرأ أيضًا:

خسارة الوزن غير المبررة: الأسباب والعلاج

الهواء الملوث يسبب زيادة الوزن، كيف يحدث ذلك؟

ترجمة: شهد نداف

تدقيق: إسراء عويس

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر