يحارب البشر الفيروسات حتى من قبل أن تتطور أنواعنا إلى شكلها الحديث. وقد ساعدتنا الأدوية والعقاقير المضادة للفيروسات على منع عدوى بعض الأمراض الفيروسية من الانتشار بصورة واسعة إلى جانب أنها ساعدت على تعافي المرضى. بالنسبة لمرض الجدري: فقد تمكنّا من القضاء عليه وتخليص العالم من أي حالات جديدة له.

لكننا ما زلنا بعيدين عن الفوز في المعركة ضد الفيروسات، فقد انتقلت العديد من الفيروسات من الحيوانات إلى البشر في العقود الأخيرة ما أدى إلى أعداد ضخمة من الحالات وآلاف الضحايا. تقتل السلالة الفيروسية التي أدت إلى تفشي فيروس الإيبولا 2014-2016 في غرب أفريقيا نحو 90% ممن يصابون بها؛ ما يجعلها أكثر أعضاء عائلة الإيبولا فتكًا.

لكن هناك فيروسات أخرى متواجدة معنا بنفس درجة الفتك تلك، حتى أن هناك ما هو أشد فتكًا منها. إن بعض الفيروسات مثل فيروس كورونا المستجد الذي يقود حالات التفشي حول العالم الآن لديها معدلات وفيات أقل؛ لكنها تشكل تهديدًا حقيقيًّا على الصحة العامة لأننا لم نمتلك بعد وسائل مكافحتها.

إليك أسوأ 12 فيروسًا مميتًا اعتمادًا على احتمالية وفاة الشخص المصاب بها وعدد الأشخاص الذين قتلوا بسببها وما إذا كانت تمثل تهديدًا متزايدًا.

فيروس ماربورغ

أخطر اثني عشر فيروسًا على وجه الأرض - الفوز في المعركة ضد الفيروسات - فيروسات هانتا - الجدري - فيروس ماربورغ - الإيبولا - سارس-كوف-2

تعرّف العلماء على فيروس ماربورغ عام 1927، عندما اندلعت حالات تفشٍ صغيرة للفيروس بين عاملي المختبرات في ألمانيا الذين تعرضوا للقردة الأوغندية المصابة بالعدوى. يشبه فيروس ماربورغ فيروس الإيبولا في أن كليهما يسبب الحمى النزفية؛ أي إنهم يصابون بحمى شديدة وبنزيف في جميع أنحاء الجسم، ما قد يؤدي إلى الصدمة وفشل أجهزة الإنسان والموت.

وفقًا لمنظمة الصحة العالمية فقد كان معدل الوفيات في حالة التفشي الأولى 25%، لكنه كان أكثر من 80% في تفشي 1998-2000 في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وكذلك في تفشي عام 2005 في أنغولا.

فيروس الإيبولا

نشبت أول حالات تفشي معروفة لفيروس الإيبولا بين البشر في جمهورية السودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية في آن واحد عام 1976. ينتقل فيروس الإيبولا عبر ملامسة الدم أو سوائل الجسم الأخرى أو مناديل المصاب أو الحيوانات المصابة. أخبرت إلكي مولبرجر الخبيرة في فيروس الإيبولا والأستاذة المساعدة في علم الأحياء الدقيقة بجامعة بوسطن مجلة لايف ساينس أن السلالات المعروفة تتباين بشكل كبير في درجة فتكها.

طبقًا لمنظمة الصحة العالمية فإن إحدى السلالات «إيبولا ريستون» لم تُمرض الأشخاص حتى. لكن معدل الوفيات يصل إلى 50% في سلالة بندبيوجيو ويصل إلى 71% في سلالة السودان. ويُعد التفشي الحالي في غرب أفريقيا الذي بدأ عام 2014 هو التفشي الأكبر والأكثر تعقيدًا حتى الآن.

داء الكَلَب

إن لقاحات داء الكلب -التي قُدمت للعالم في عشرينيات القرن الماضي- ساعدت على جعل المرض نادرًا جدًا في العالم المتقدم، لكن الحالة ما تزال مشكلة خطيرة في الهند وأجزاء من أفريقيا.

قالت مولبرجر: «إنه يدمر الدماغ، إنه حقًا مرض سيء للغاية»، وتتابع: «إننا نمتلك لقاحًا مضادًا لداء الكلب، ونمتلك أجسامًا مضادة تعمل على القضاء على داء الكلب، لذلك إذا تعرض شخص لعضة حيوان مسعور سيمكننا معالجته».

وعلى الرغم من ذلك فإنها تقول: «إذا لم تحصل على العلاج، فهناك احتمالية 100% أنك سوف تموت».

فيروس العوز المناعي البشري «فيروس الإيدز»

قد يعد فيروس الإيدز هو الفيروس الأشد فتكًا ووحشية في العالم الحديث. قال الطبيب أميش أدالجا طبيب الأمراض المعدية والمتحدث باسم جمعية الأمراض المعدية بأمريكا: «إنه ما يزال القاتل الأعظم».

مات ما يقدر بنحو 32 مليون شخص بسبب فيروس الإيدز منذ التعرف على المرض لأول مرة في أوائل ثمانينيات القرن الماضي. يقول أدالجا: «إن فيروس الإيدز هو أكثر الأمراض المعدية المسببة للخسائر البشرية في الوقت الحالي».

ساعدت مضادات الفيروسات البشر أن يعيشوا لسنوات مع فيروس الإيدز. لكن المرض يواصل أثره التدميري في الكثير من الدول منخفضة ومتوسطة الدخل حيث تحدث 95% من حالات الإصابة الجديدة بفيروس الإيدز. قرابة 1 من كل 25 بالغًا في المنطقة الأفريقية لمنظمة الصحة العالمية مصاب بفيروس الإيدز، ممثلة أكثر من ثلثي المصابين بفيروس الإيدز حول العالم.

الجدري

أعلنت منظمة الصحة العالمية عام 1980 أن العالم أصبح خاليًا من الجدري. لكن قبل ذلك، فإن البشرية قاتلت الجدري لآلاف السنين، وقتل المرض نحو واحد من كل ثلاثة مصابين بالعدوى. كان الناجون من المرض يعانون ندوبًا عميقة ودائمة وغالبًا يصابون بالعمى.

كان معدل الوفيات أعلى بكثير في الشعوب خارج أوروبا؛ إذ كان الناس على اتصال قليل بالفيروس قبل أن ينقله الزائرون إلى مناطقهم. على سبيل المثال، يقدر المؤرخون أن 90% من السكان الأصليين بأمريكا قد ماتوا بسبب الجدري المنتقل إليهم من المستكشفين الأوروبيين. قتل الجدري نحو 300 مليون شخص في القرن العشرين فقط.

يقول أدالجا: «لقد تسبب بحمل كبير على الكوكب، ليس بسبب الموت فقط ولكن العمى أيضًا، وهو ما دفع للقيام بحملة لتخليص الأرض منه».

فيروسات هانتا

لاقت المتلازمة الرئوية لفيروس هانتا اهتمامًا واسعًا في بداية الأمر في الولايات المتحدة عام 1993، عندما مات شاب وخطيبته اللذان يعيشان في منطقة فور كورنرز بالولايات المتحدة بعد أيام من حدوث تضاعفات في ضيق التنفس.

بعد بضعة أشهر، استخرجت السلطات الصحية فيروس هانتا من فأر غزال -وهو نوع من القوارض يعرف بفأر الأيل- يعيش في منزل أحد المصابين بالعدوى. طبقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها فقد أصيب إلى الآن أكثر من 600 شخص في الولايات المتحدة بالمتلازمة الرئوية لفيروس هانتا، ومات نحو 36% بسبب المرض.

لا ينتقل الفيروس من شخص لآخر، ولكن الناس يلتقطون المرض عن طريق التعرض لروث الفئران المصابة بالعدوى.

طبقًا لبحث نشر عام 2010 في صحيفة كلينيكال ميكروبيولوجي ريڤيوز فقد تسبب فيروس هانتا آخر في حالة تفشي في مطلع خمسينيات القرن الماضي في أثناء الحرب الكورية، أصيب أكثر من 3000 جندي بالعدوى وتوفي ما يقرب من 12% منهم.

بينما كان الفيروس جديدًا على الطب الغربي حين كان مكتشفًا في الولايات المتحدة أدرك الباحثون لاحقًا أن حالات مقاطعة ناجاڤو الطبية تظهر مرضًا مشابهًا، وربطوا سبب المرض بالفئران.

الإنفلونزا

وفقًا لتصريحات منظمة الصحة العالمية فإن ما يقرب من 500000 شخص حول العالم يلقون حتفهم بسبب اشتداد المرض خلال موسم الإنفلونزا المعتاد. ولكن عندما تظهر سلالة جديدة من الإنفلونزا ينتج عنها وباء ذو انتشار أسرع وبمعدلات وفيات أعلى غالبًا.

بدأت أكبر جائحة مميتة للإنفلونزا عام 1918 -تدعى أحيانًا بالإنفلونزا الأسبانية- وقد أمرضت نحو 40% من سكان العالم، وأودت بحياة نحو 50 مليون شخص.

تقول مولبرجر: «أعتقد أن هناك احتمالية لحدوث ما يشبه إنفلونزا 1918 مرة أخرى»، وتتابع: «إذا تمكنت سلالة جديدة من الإنفلونزا أن تصيب البشر واستطاعت التنقل بينهم بسهولة وتسببت بأعراض حادة، فسوف يكون لدينا مشكلة كبيرة».

حمى الضنك

ظهر فيروس الضنك لأول مرة في خمسينيات القرن الماضي في الفلبين وتايلاند، ومنذ ذلك الحين ينتشر في كافة المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية في العالم. يعيش نحو 40% من سكان العالم في مناطق تستوطن حمى الضنك فيها، ومن المحتمل أن ينتشر المرض لمناطق أبعد مع ارتفاع درجة حرارة العالم ومعه البعوض الحامل للمرض.

وفقًا لمنظمة الصحة العالمية فإن حمى الضنك تُمرض من 50 إلى 100 مليون كل عام. ومع أن معدل وفيات حمى الضنك أقل من بعض الفيروسات الأخرى -بنسبة 25%- فإن الفيروس بإمكانه أن يسبب مرضًا مشابهًا للإيبولا يُطلق عليه: حمى الضنك النزفية، وتلك الحالة يصل معدل الوفيات فيها إلى 20% إذا تركت دون علاج. قالت مولبرجر: «إننا حقًا بحاجة إلى التفكير بأمر فيروس حمى الضنك بصورة أكبر لأنه يمثل تهديدًا حقيقيًّا لنا».

وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها فقد وافقت إدارة الغذاء والدواء بالولايات المتحدة على إنتاج لقاح لحمى الضنك عام 2019 لاستخدامه على الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 9 و16 عامًا، ويعيشون في مناطق تشيع فيها حمى الضنك ولها تاريخ مثبت من الإصابة والعدوى بالفيروس.

يوجد لقاح مصدّق عليه في بعض الدول لمن تتراوح أعمارهم بين 9 إلى 45 عامًا، لكن مرة أخرى ننبه على أنه يجب أن يكون لمستقبلي اللقاح تاريخ مسبق بحالة إصابة مؤكدة بحمى الضنك؛ لأنه إذا أعطي اللقاح لمن لم يصابوا بالفيروس مسبقًا فذلك يضعهم في خطر الإصابة بحمى الضنك الشديدة.

الفيروس العجلي «فيروس روتا»

يتوفر الآن لقاحان لحماية الأطفال من الإصابة بالفيروس العجلي، وهو السبب الرئيس لمرض الإسهال الشديد بين الرضع والأطفال الصغار.

يستطيع الفيروس الانتشار بسرعة عن طريق ما يدعوه الباحثون بالطريق الفموي-الشرجي «ما يعني أن جسيمات صغيرة من البراز تستهلك فمويًا».

ومع أن الأطفال في العالم المتقدم نادرًا ما يموتون بسبب عدوى الفيروس العجلي، إلا أن المرض قاتل في العالم النامي حيث لا تتاح علاجات الإماهة بصورة كافية.

تظهر إحصائيات منظمة الصحة العالمية أن 453000 طفل دون سن الخامسة قد لقوا حتفهم بسبب عدوى الفيروس العجلي عام 2008. لكن البلدان التي أدخلت اللقاح قد أبلغت عن انخفاضات حادة في حالات دخول المستشفيات والوفيات المتسبب بها الفيروس العجلي.

سارس-كوف

وفقًا لمنظمة الصحة العالمية فقد ظهر الفيروس المسبب للمتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة -أو السارس- لأول مرة عام 2002 في مقاطعة جوانجدوج بجنوب الصين. من المحتمل أن الفيروس قد ظهر أول الأمر في الخفافيش، ثم انتقل إلى ثدييات ليلية تدعى قطط الزباد قبل أن تنتقل العدوى في نهاية المطاف إلى البشر. وبعد أن نشبت حالة التفشي الأولى في الصين، انتشر السارس في 26 دولة حول العالم، ناقلًا العدوى إلى أكثر من 8000 شخص وموديًا بحياة أكثر من 770 على مدار عامين.

يسبب المرض الحمى والقشعريرة وآلآم الجسد، وغالبًا ما يتطور إلى التهاب رئوي وهي حالة مرضية شديدة تلتهب فيها الرئتان وتمتلئان بالقيح والصديد. ويقدر معدل وفيات السارس بنحو 9.6% ورغم ذلك ليس له علاج أو لقاح مصدّق عليه؛ ولكن طبقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها لم يبلغ عن أي حالات جديدة للسارس منذ بدايات القرن الواحد والعشرين.

سارس-كوف-2

ينتمي سارس-كوف-2 إلى نفس عائلة الفيروسات الكبيرة التي ينتمي لها سارس-كوف والمعروفة بفيروسات كورونا، وكان التعرف عليه أول مرة في ديسمبر 2019 في مدينة ووهان الصينية. وقد نشأ الفيروس أغلب الأمر في الخفافيش -مثل سارس-كوف- وانتقل عبر الحيوانات المتوسطة قبل أن يصل بالعدوى إلى البشر.

أصاب الفيروس منذ ظهوره عشرات الآلاف من البشر في الصين ومئات الآلاف الآخرين حول العالم. وتسببت حالة التفشي تلك في حجر صحي شامل في مدينة ووهان والمدن المجاورة لها، ووضعت قيودًا على السفر من الدول المصابة بالعدوى أو السفر إليها، وتسببت الجائحة أيضًا في جهد عالمي كبير لتطوير علم تشخيص المرض وعلاجات واللقاحات.

يقدر معدل الوفيات لسارس-كوف-2 المعروف بكوفيد 19 بنحو 2.3%. يبدو أن كبار السن ومن يعانون حالات صحية كامنة هم الأكثر عرضة لخطر الإصابة بالمضاعفات الشديدة والأعراض الحادّة للمرض. وتتضمن الأعراض الشائعة: الحمى والسعال الجاف وضيق التنفس، ويتطور المرض إلى التهاب رئوي في الحالات الشديدة.

ميرس-كوف

نشبت حالة تفشي الفيروس المتسبب بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية -أو ميرس- في السعودية عام 2012 ومرة أخرى في جنوب كوريا عام 2015.

وينتمي فيروس ميرس إلى نفس عائلة فيروسات سارس-كوف وسارس-كوف-2 ويُحتمل أنه قد نشأ أول الأمر في الخفافيش أيضًا. وقد أصاب المرض الجمال قبل أن ينتقل إلى البشر مسببًا الحمى والسعال وضيق التنفس للمصابين بالعدوى. غالبًا ما يتطور ميرس إلى التهاب رئوي شديد، ويقدر معدل الوفيات له بين 30% إلى 40% وهو ما يجعله أكثر فيروسات كورونا المعروفة التي انتقلت من الحيوانات إلى البشر فتكًا. وكما هو الحال مع سارس-كوف وسارس-كوف-2 فإن ميرس ليس له علاج أو لقاح مُصدّق عليه.

اقرأ أيضًا:

هل يملك بعض الأشخاص حصانة ضد فيروس كورونا المستجد ؟

اكتشاف سلالة جديدة من فيروس إنفلونزا الخنازير قد تسبب جائحة في الصين

ترجمة: ريهاند علي حسن

تدقيق: محمد الصفتي

المصدر