توجد أكثر من طريقة كي تكون جذابًا لشريك رومانسي محتمل. حقيقةً، يميل الناس إلى البحث عن صفات معينة في شريكهم، وعادةً ما تثير الصفات المميزة أو النادرة إعجابًا يزداد مع الوقت وينمو. إذن، ما دور الذكاء في هذه الصورة؟ وهل القوة العقلية نافعة في سوق التزاوج ؟

إليكم ما تقدمه الدراسات العلمية من بعض الأجوبة عن ذلك.

الدراسات حول الذكاء والجاذبية

للإجابة عن هذا النوع من الأسئلة، أجرى الباحثون جيجناك وداربيشاير وأواي عام 2018 دراسة سألوا فيها المشتركين في البحث أن يُقيِّموا قابليتهم لأن ينخرطوا جنسيًا في علاقة قصيرة أو طويلة المدى بشركاء تختلف مستويات ذكائهم. صمم الفريق البحثي أيضًا استمارة تقيس درجة إحساس المشتركين بأن الذكاء مغرٍ جنسيًا عمومًا (Sapiosexuality)، واستخدموا استمارة تقيس ذكاء المشتركين أنفسهم بهدف استبعاد احتمالية أن يكون الأذكياء بطبيعتهم ميالين جنسيًا إلى الأذكياء أيضًا.

تبعًا لتحليل النتائج، وجد الباحثون أن المشتركين يجدون الشريك المحتمل أكثر جاذبية كلما ارتفع معدل ذكائه، ويستمر الأمر على هذا المنوال إلى أن يصبح الشريك المحتمل ضمن الفئات التي تفوق ذكاءً 90% من المجتمع (أي عند IQ 120). عندها يصبح الذكاء العالي جدًا أقل جاذبية بقليل على الصعيد الجنسي والعلاقات طويلة الأمد.

وفقًا لتحليل الباحثين، يحصل هذا الانخفاض نتيجةً للعلاقة العكسية بين مستوى الذكاء وبعض الصفات المرغوبة الأخرى. فكلما ارتفع الذكاء، ضعف أداء الشريك المحتمل في وظائف أخرى تتعلق بالمهارات الاجتماعية والعلاقات الشخصية، وهذا طبيعي بعض الشيء، فالنجاح الباهر في مجال محدد يؤدي إلى ضعف في التركيز والنمو في مجالات أخرى. ومع ذلك، أظهرت بعض نتائج الدراسة فئةً من الناس يجدون الأشخاص شديدي الذكاء جذابين، وتحديدًا على صعيد الشراكة الجنسية.

قُيّم 8.1% من المشاركين في الدراسة بأنهم يمتلكون مستويات عالية من الانجذاب الجنسي إلى الذكاء. هذا النوع من المشتركين كان أكثر ميلًا إلى الموافقة على جمل مثل: «إن مستوى عاليًا جدًا من الذكاء يكفيني لأنجذب جنسيًا لشخص ما» و«الاستماع إلى شخص ما يتكلم بذكاء يثيرني جنسيًا» و«إن وجود درجة عالية جدًا من الذكاء عند الشريك المحتمل أمر مهم جدًا لي كي أشعر بانجذاب جنسي نحوه».

ومن هذا نستنتج أنه في حين تفقد مستويات الذكاء المرتفعة شيئًا من الجاذبية عند أغلب الناس، فإن بعض الناس يجدون مستويات مرتفعة كهذه مهمة وضرورية ولا تقاوم في الشريك.

ما يثير الفضول هنا هو غياب العلاقة بين الانجذاب الجنسي إلى الذكاء ومستوى الذكاء الشخصي. أي إنك إن كنت ممن ينجذبون جدًا إلى ذوي الذكاء شديد الارتفاع، فهذا لا يعني أنك شديد الذكاء، والعكس بالعكس.

أجرى الباحث جوناسون وزملاؤه دراسة عام 2019 تناولوا فيها ذكاء الشريك المحتمل بالنسبة إلى المشتركين. فبدلًا من استخدام متغير الذكاء المُقاس موضوعيًا، سأل الباحثون المشتركين أن يُقيِّموا مدى رغبتهم في شريك ما على المدى القصير والطويل إذا ما كان هذا الشريك أكثر ذكاءً منهم، أو بمستوى ذكائهم، أو أقل ذكاءً منهم. وإضافةً إلى ذلك، قاس الباحثون مستوى الجاذبية الداروينية (mate value)، ومستوى تفضيلهم لوجود عنصر جاذبية جسدية لدى الشريك.

أظهرت نتائج هذه الدراسة أن الناس يفضلون الأشخاص الذين يعادلونهم ذكاءً أكثر ممن يقلون ذكاءً عنهم، على المدى القصير والطويل. وأظهرت النتائج أن أغلب المشتركين لم يجدوا الأشخاص الذين يفوقونهم ذكاءً أكثر جاذبية. وبهذا، فإن الهدف لدى أغلب الناس هو إيجاد شريك يماثلهم ذكاءً على الأقل. ينطبق هذا الأمر تحديدًا على النساء اللائي سجلن مستويات مرتفعة من الجاذبية الداروينية، إذ أظهرن ميلًا أشد لرفض الشركاء الذين يقلون عنهن ذكاءً.

إضافةً إلى ذلك، وجد جوناسون وزملاؤه علاقة بين اهتمام المشاركين بالجاذبية الجسدية ومستوى الذكاء لدى الشركاء المحتملين. تحديدًا، أظهر المشتركون ميلًا إلى التركيز على إيجاد مستوى معين من الجاذبية الجسدية في الشريك (تحديدًا في العلاقات قصيرة الأمد) لينتقلوا بعدها إلى التفكير في مستوى ذكائهم. يبدو أن لدى بعض الأشخاص عتبة يجب ألا تنخفض دونها الجاذبية الجسدية لدى الشريك المحتمل (التي عادةً ما تكون مماثلة لمستوى جاذبية الشخص) ليتمكنوا بعدها من انتقالهم إلى التفكير في ذكائه.

من كل ما سبق نستنتج ما يلي:

  •  يميل بعض الأشخاص (نحو 8%) إلى إيجاد الذكاء الشديد وحده جذابًا بما فيه الكفاية. وبهذا، فإن شخصًا يرتفع لديه الانجذاب الجنسي إلى الذكاء سيفضل شخصًا شديد الذكاء كي يكون شريكه. ولأشخاص كهؤلاء، كلما ارتفع معدل الذكاء، كان الأمر أفضل. يظل هذا الواقع ساريًا حتى عند انخفاض الجاذبية الجسدية لدى الشريك المحتمل وتردي مهاراته الاجتماعية مقابل ذكائه المرتفع.
  •  يوجد أشخاص يقل لديهم الانجذاب الجنسي إلى الذكاء عن الفئة السابقة. يميل هؤلاء أولًا للبحث عن المتطلبات التي يعدونها أساسية عند الشريك المحتمل. مثلًا، سيحاولون إيجاد شركاء يماثلونهم في الجاذبية الجسدية والمهارات الاجتماعية، قبل وضع الذكاء العام في الحسبان.

إذ لا يعد هؤلاء الذكاء الشديد ضمن أولوياتهم. ولأن المهارات الاجتماعية قد تنخفض عند شديدي الذكاء، تميل هذه الفئة إلى ألّا يهتموا بشديدي الذكاء وأن يستبدلوا بهم من هم أقل ذكاءً بعض الشيء، لكن يفوقونهم جاذبيةً ومهارةً اجتماعية.

الأشخاص الأذكياء وفرصهم في المواعدة: متى يكون الذكاء جذابًا - دور القوة العقلية في سوق التزاوج - الانخراط جنسيًا في علاقة عاطفية

نصائح لمواعدة أكثر ذكاءً:

استنادًا إلى الأبحاث السابقة، يختلف ترتيب الصفات التي يبحث عنها الناس في الشركاء المحتملين، لكنها تبقى لدرجة معينة ضمن ما يماثل صفاتهم. تحديدًا، يضع الناس معيارًا لصفة ما لكي يرضوا عنها في الشريك المحتمل، ويفضلون الشركاء الذين تتشابه مستويات صفاتهم معهم كي تكون العلاقة أكثر توازنًا، خاصةً أن هذه الطريقة تسمح بخلق علاقة تعود بالنفع على الطرفين.

بناء على ما سبق، إليكم بعض النصائح التي يمكن للأذكياء استخدامها لتوسيع فرص نجاح مواعدتهم:

1. ركِّز على إيجاد شريك يُقدِّر الذكاء. يميل الأشخاص الذين ترتفع لديهم الانجذاب الجنسي إلى الذكاء إلى الشخص ذي الذكاء المرتفع. إذا كنت من الأشخاص الأذكياء ، فإنك ستثير إعجاب هذه الفئة من الناس. وبهذا، حتى وإن كان سوق المواعدة لديك ضعيفًا عمومًا، توجد فئة واعدة يمكنك وضعها في الحسبان.

يجد معظم الأشخاص شركاء مناسبين عبر أصدقائهم أو في أثناء الدراسة أو في العمل، ولكن قد تساعد المواعدة على المواقع الافتراضية على إيجاد أشخاص ذوي صفات محددة، خاصةً إذا ما كانوا بعيدي المسافة.

يساعد الانخراط في الأنشطة التي يربطها الناس بالذكاء على الالتقاء بأشخاص ترتفع لديهم الانجذاب الجنسي إلى الذكاء (قد تشمل هذه الأنشطة الكاريكاتير أو الإنمي أو الألعاب الإلكترونية أو ألعاب الطاولة أو الأنشطة الفنية الثقافية أو أندية القراءة.)

2. لا تهمل مظهرك الخارجي. مع أنك قد ترغب في إيجاد من يحبك (ويرغبك جنسيًا أيضًا) فقط لقدراتك العقلية، فإن الواقع يختلف لأن معظم الناس يهتمون بالمظهر الخارجي للشريك المحتمل ولو بنسبة قليلة. ولحسن الحظ، وبعكس ما يحاول الإعلام إقناعك به، لا يجب أن تكون خارق الجمال كالعارضين والعارضات كي تكون جذابًا جسديًا لشريكك، لكن يجب أن تتبع بعض أساسيات النظافة الشخصية والأناقة كي تبدو أكثر جاذبية.

ولهذا، حتى وإن أحسست أن هذه المهام لا قيمة لها مقارنةً بمستوى الذكاء، يجب ألا تهملها، فعليك أن تنظف أسنانك وأن تصفف شعرك وأن تحلق وترتدي ملابس نظيفة ومرتبة. ولأن معظم الناس يفضلون أشخاصًا تتماثل مستويات صفاتهم مع مستوياتهم الشخصية، لا تبالغ في الأناقة والترتيب وسائر الأمور الجسدية كي تظل ضمن المعقول والمرغوب فيه من قبل الغالبية.

بهذه الطريقة، وعند ملاقاة المعايير الأساسية للمظهر الخارجي، ستُفِسح المجال للشخص الذي أمامك كي يلتفت إلى قدراتك الذهنية المميزة. وإذا أردت أن تحسن من ذلك أيضًا، عليك أن تعرف أن امتلاك شخصية حسنة يجعلك تبدو أكثر جاذبية.

3. ركِّز على اكتساب المهارات الاجتماعية. عادةً ما تكون الأنشطة الفكرية خاصة وفردية، ولهذا قد يواجه الأشخاص الذين ينخرطون في هذا النوع من الأنشطة صعوبة في تطوير المهارات الاجتماعية لتقديم أنفسهم والتواصل مع الآخرين.

لكن لحسن الحظ، يستطيع الأشخاص الأذكياء التعلم، ولهذا يجب أن يركزوا على مهارات مثل التواصل الاجتماعي وكيفية تحقيق الانسجام وبناء حالة من الانجذاب عبر التحدث والكلام. يمكنهم أيضًا تعلم كيفية التغزل وقراءة لغة الجسد واستخدام الإشارات غير اللغوية.

وكما هو الحال مع الجاذبية الجسدية، أنت لست بحاجة إلى أن تكون خارق التميز في هذه المهارات كي تكون مرغوبًا في عيني شريكك، لكن يظل من المهم أن تعرف كيف تبدأ محادثة وكيف تقرأ بعض الإشارات غير الكلامية.

اقرأ أيضًا:

حياة العزوبية تصبح أفضل مع التقدم في السن

الأضداد تنجذب: ما رأي العلم بهذه المقولة؟

ترجمة: زهراء حدرج

تدقيق: عون حدّاد

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر