يختلف المطر بين مطرٍ يسقط بلطف وسلاسة ساقيًا تربة الأرض، ومطر يهطل فجأةً وبغزارة وعنف قد يُنذر بحدوث أضرار على البيئة والإنسان كالفيضان وانجراف التربة.

ما الذي يسبب هذا الاختلاف؟

ينزل المطر حين تصعد تيارات الهواء الرطبة وتلتقي بالسحب في السماء فيحصل تلاقح داخلها يؤدي إلى تبريد الهواء وتحوُّل المياه داخله من حالتها الغازية إلى الحالة السائلة لتنزل أخيرًا على شكل قطرات المطر. تحدث نفس هذه العملية حين تنفخ في يدك فتتحول أنفاسك الدافئة في صباح يوم بارد إلى قطرات ماء أو ندى، وذلك بسبب تغير درجة حرارة أنفاسك من دافئة إلى باردة.

تظل قطرات الماء الخفيفة حبيسة داخل السحب، لكن حجم هذه القطرات وثقلها يظل يتزايد مع انتقال هذه السحب إلى مناطق مرتفعة أكثر بفعل تيارات الهواء لتسقط في آخر المطاف على شكل مطر.

العواصف الباردة معتدلة وبطيئة:

يحتوي الهواء البارد على نسبة أقل من الرطوبة مقارنة بالهواء الدافئ، ومن ثمّ لا تحتوي السحب الشتوية على مياه كثيرة؛ لذلك يكون شكل قطراتها عند سقوطها رقيقًا وقصيرًا وليس منتفخًا وطويلًا. يَسهُل غوص هذه القطرات الرقيقة إلى أعماق الأرض، ما يجعل عملية تبخرها أبطأ والتيارات الهوائية الصاعدة بها في الجو أهدأ وألطف. ومن ثمّ حين تتداخل هذه التيارات الهوائية مع السحب ذات الكثافة القليلة تتشكل قطرات مطر صغيرة يسهل سحبها نحول الأسفل من قبل الجاذبية (قبل أن ترتفع ويزداد حجمها وثقلها).

بالمختصر، عندما تكون السحب رقيقة، أي قليلة الكثافة، والهواء يتحرك ببطء نحصل على أمطار لطيفة ومسالمة.

لماذا يسقط المطر بشدة أقوى في بعض الأيام - التيارات الهوائية الرطبة الصاعدة - العواصف الرعدية العنيفة - لماذا تمطر السحب مطرًا شديدًا

العواصف الشتوية العنيفة والرعدية سريعة وقوية:

تحدث العواصف المطرية عندما تتحرك التيارات الهوائية المشبَعة بالرطوبة بسرعة إلى أعلى الجو، إذ يصعد الهواء الرطب الدافئ –مثل منطاد هوائي ساخن– بسرعات تقارب 30-40 ميلًا في الساعة. وتبلغ رطوبة السحب الصيفية خمسة أضعاف مثيلاتها الشتوية.

يؤدي كل هذا إلى تشكيل سحب كبيرة عالية الكثافة والرطوبة، الأمر الذي سيُسرّع من وتيرة تكوين قطرات ماء صغيرة فور مرور تيارات هوائية داخل السحب، ولكن بما أن الرياح تَهُبّ بسرعة نحو الأعلى فقد يزداد حجم قطرات الماء الصغيرة وقد تتضخم قبل أن تسحبها الجاذبية نحو الأرض.

تحدث العواصف الرعدية الصيفية حين يصبح وزن قطرات الماء المتزايد ثقيلًا جدًا لدرجة أن يستحيل حمله بتيار الريح فيضعف وينهار فاتحًا المجال لقطرات الماء بسقوط فوري وعنيف. وقد تبلغ كمية الأمطار في العواصف الرعدية من واحد حتى ثلاثة بوصات في أقل من ساعة، ما يؤدي إلى هطول المطر بغزارة مفاجئة قد تتسبب في حدوث فيضانات تغمر مجاري المياه والطرقات وتحبس الناس أينما كانوا.

لحسن الحظ لا تطول مدة العواصف الرعدية العنيفة كونها تحدث على نطاق جغرافي صغير نسبيًا، إذ تضمحل السحب وتختفي بمجرد نزول المطر منها وعبوره وكسحه للتيار الهوائي الصاعد، وليس غريبًا أن نشهد سماءً زرقاء صافية بعد ذلك.

بالتأكيد قد يداهمنا الشتاء بعواصف عنيفة أيضًا، خاصة فوق نطاق مياه المحيطات الدافئة. إذ تتكرر نفس العملية التي تحدث في الصيف في حالة العواصف الشتوية: هواء مشبع بالرطوبة ينتقل بسرعة إلى أعلى الجو مشكلًا سحب كبيرة عالية الكثافة.

ختامًا لما سبق، تختلف العواصف المطرية باختلاف السحب والتيارات الهوائية الصاعدة، فبعض الأمطار تهطل بشدة، وفي أوقات أخرى تهطل على شكل رذاذ خفيف هادئ. وبهذا بِتَّ تفهم الآن لماذا تبدأ أحيانًا بالغناء تحت وقع المطر، وأحيانًا أخرى تشعر بأنك تغرق.

اقرأ أيضًا:

الغيوم – ما هي أنواعها وكيف تتشكل؟

ومضات زرقاء غريبة قد تكشف أسرار العواصف الرعدية

ترجمة: رضوان بوجريدة

تدقيق: نغم رابي

المصدر