اكتشف كوكب خارجي (من خارج مجموعتنا الشمسية) أولٌ من نوعه، حيث يقع ضمن فجوة غريبة من الكواكب الخارجية القريبة جدًا من نجومها المركزية أو المضيفة. يدور الكوكب المكتشف ذو الحجم المماثل لكوكب نبتون حول نجمه مرة كل 19 ساعة. لم يُعثر مسبقًا على كوكب خارجي بحجم مماثل لحجم نبتون بفترة مدارية تقل عن يوم.

عادةً تكون الكواكب الخارجية القريبة جدًا من نجمها إما كواكب غازية عملاقة تعرف باسم الكواكب الشبيهة بالمشتري شديدة الحرارة، أو كواكب صخرية أصغر حجمًا شبيهة بالأرض وعطارد والمريخ والزهرة، وتعرف باسم كواكب الفترة القصيرة جدًا، وقد أطلق على هذه الفئة الجديدة الممثلة بهذا الكوكب لوحده اسم «الكواكب الشبيهة بنبتون فائقة السخونة».

ومن الغريب أن خصائصه تشير إلى أن الكوكب الخارجي له كثافة مماثلة لنبتون بغلاف جوي يشكل 9٪ على الأقل من كتلة الكوكب، وذلك يطرح السؤال: كيف لم يتبخر هذا الغلاف الجوي بتأثير حرارة نجمه الحارقة؟

قال عالم الفلك جيمس جينكينز من جامعة تشيلي: «يوجد ذلك الكوكب في ما يعرف باسم (صحراء نبتونية)؛ وهي منطقة خالية من الكواكب نظرًا إلى تعداد الكواكب وأحجامها».

اكتشاف كوكب فائق السخونة يشبه نبتون يدور حول نجم شبيه بالشمس - يدور الكوكب LTT 9779b المكتشف ذو الحجم المماثل لكوكب نبتون حول نجمه مرة كل 19 ساعة

«ومع أن الكواكب العملاقة الجليدية تبدو وكأنها منتج ثانوي شائع إلى حد ما لعملية تكوين الكواكب، فليس هذا هو الحال عندما تكون الكواكب قريبة جدًا من نجومها. نظن أن هذه الكواكب تجرد من غلافها الجوي بعد مرور زمن بالمقياس الكوني، وينتهي بها المطاف بما يسمى كواكب الفترة القصيرة جدًا».

يدور الكوكب المسمى LTT 9779b حول نجم يبعد 260 سنة ضوئية ويسمى LTT 9779، ويشبه هذا النجم شمسنا إلى حد كبير، بنفس الحجم والكتلة تقريبًا، ولكنه أبرد قليلاً وأصغر عمرًا -2 مليار سنة مقابل 4.6 مليار سنة- وعلى هذا فهو يحتوي على محتوى معدني أعلى، بضعفي كمية الحديد الموجودة في الشمس.

مدار الكوكب LTT 9779b حول هذا النجم قصير جدًا فهو 2.5 مليون كيلومتر عند المحور شبه الرئيسي، ويمثل ذلك نحو 1.6 بالمئة من المسافة بين الأرض والشمس. عند تلك المسافة القريبة، يسخن الكوكب الخارجي إلى درجات حرارة تزيد عن 1970 كلفن، أي نحو 1700 درجة مئوية.

تقاس الكواكب الخارجية باستخدام تقنيتين أساسيتين؛ يمكن استخدام بيانات عبور النجوم -مقدار خفوت ضوء النجم عندما يمر كوكب خارجي أمامه- لحساب حجمه. ويمكن استخدام بيانات السرعة الشعاعية -أي مقدار تذبذب النجم عندما يسحب قليلاً بواسطة جاذبية كوكب خارجي- لحساب الكتلة.
قدر الباحثون بواسطة هذه البيانات أن LTT 9779b تبلغ كتلته نحو 29.32 مرة كتلة الأرض، و 4.72 مرة حجمها، ويمكننا مقارنة ذلك بنبتون الذي تبلغ كتلته 17.1 مرة كتلة الأرض، و 3.88 مرة حجمها.

نظرًا إلى أنه يمكن استخدام الكثافة لاستنتاج التركيب، فإن خصائص LTT 9779b تشير إلى أنه يحتوي على تركيبة مماثلة لنبتون بمركز صخري كبير وغلاف جوي هائل وهنا تكمن المشكلة كما يقول العلماء. كان يجب حصول احتراق لهذا الجو من طريق عملية تسمى التبخر الضوئي.

قال عالم الفلك جورج كينج من جامعة وارويك في المملكة المتحدة: «ستؤدي الأشعة السينية والأشعة فوق البنفسجية المكثفة الصادرة عن النجم المصدر الفتي إلى تسخين الغلاف الجوي العلوي للكوكب، ومن المفترض أن تدفع غازات الغلاف الجوي نحو الفضاء».

«كان من المفترض أن ينتج عن التبخر الضوئي إما صخرة مجردة أو عملاق غازي، ما يعني أنه يجب أن يكون هناك شيء جديد وغير عادي علينا أن نحاول شرحه حول تاريخ هذا الكوكب».

ربما تكون فلزية النجم دليلًا؛ فمن المرجح أن تستضيف مثل هذه النجوم كواكب خارجية عملاقة غازية أكثر من أقاربها الأكثر فقرًا بالمعادن. قد يكون LTT 9779b وسيطًا نادرًا ما يرى بين الكواكب العملاقة الغازية وكواكب الفترة القصيرة الصخرية.

قال جينكينز: «نماذج بنية الكواكب تخبرنا أن الكوكب ذو مركز عملاق، ولكن حتمًا، يجب أن يكون هناك ما بين كتلتين إلى ثلاث كتل أرضية من غاز الغلاف الجوي. ولكن إذا كان النجم قديمًا جدًا، فلماذا يوجد أي غلاف جوي على الإطلاق؟».

«إذا بدأ LTT 9779b دورة حياته بهيئة عملاق غازي، فإن عملية تسمى (امتلاء حيز روش) قد تنقل كميات كبيرة من غاز الغلاف الجوي إلى النجم».

أعلن في وقت سابق من هذا العام عن اكتشاف كوكب صخري كبير يُظن أنه النواة المجردة لما كان ذات يوم عملاقًا غازيًا، في مدار يستغرق 18 ساعة حول نجمه. ولذلك من المنطقي أننا قد نرصد الخطوة الوسيطة في العملية عاجلاً أم آجلاً.

من المحتمل أيضًا أن يكون LTT 9779b قد بدأ دورة حياته بعيدًا جدًا عن نجمه وانزاح نحو الداخل، وتشوه مداره بتفاعلات الجاذبية مع الكواكب الأخرى. إن كان الأمر كذلك، فقد احتفظ بغلافه الجوي لفترة أطول بكثير مما لو كان قد تشكل في وضعه الحالي.

ما نعرفه هو أن هذا الكوكب الخارجي يبدو أنه يملك غلافًا جويًا هائلًا، ويمر أمام نجمه كل 19 ساعة وذلك يجعله مرشحًا ممتازًا لنا لمتابعة دراسته، فيمكن تحليل الضوء القادم من النجم الذي يمر عبر الغلاف الجوي للتأكد من تكوين الغلاف الجوي.

قال جينكينز: «الكوكب شديد الحرارة، ما يحفز البحث عن عناصر أثقل من الهيدروجين والهيليوم إضافةً إلى النوى الذرية المؤينة».

«من الواقعي أن نفكر بأن هذا الكوكب غير المحتمل نادر جدًا لدرجة أننا لن نجد مختبرًا آخر مثله تمامًا لدراسة طبيعة الكواكب الشبيهة بنبتون شديدة الحرارة بالتفصيل. لذلك، تجب علينا الاستفادة المعرفية القصوى من هذا الكوكب، ورصده باستخدام كل من أجهزتنا في الفضاء وتلك في الأرض خلال السنوات المقبلة».

اقرأ أيضًا:

وجد العلماء نوع جديد من الكواكب المملوءة تماما بالأحجار الكريمة

اكتشاف كوكب خارجي نادر.. حجمه ضعف حجم الأرض وقد يحوي مياهًا سائلة

ترجمة: رولان جعفر

تدقيق: جعفر الجزيري

المصدر