كشفت دراسة جديدة تبحث في العلاقة بين ألعاب الفيديو والإدراك أن لعب ألعاب الفِيديو في الصغر قد يحسن الذاكرة العاملة لمهام معينة بعد مرور أعوام. قد تُعد ألعاب الفيديو موضوعًا مثيرًا للجدل، خصوصًا عند الأهالي، بسبب قلقهم حول التأثيرات الناتجة عن قضاء ساعات في اللعب.

ومع ذلك، يبدو أن بعضها قد يكون مفيدًا بالفعل، فأظهرت دراسات حديثة أن لعب ألعاب الفيديو قد يحسن التعلم ويحمي كبار السن من الخرف.

توصل الباحثون في مراجعة حديثة للأدلة على ألعاب الفيديو إلى أن هذه الألعاب قد تمتلك فوائد على الصعيد المعرفي والعاطفي.

في دراسة جديدة نُشرت في مجلة Frontiers in Human Neuroscience، درّب باحثون من جامعة كاتالونيا المفتوحة في برشلونة متطوعين على لعبة «سوبر ماريو 64»، وهي لعبة سبق للباحثين أن استخدموها لإحداث تغييرات هيكلية في أجزاء من الدماغ المرتبطة بالوظائف التنفيذية والذاكرة المكانية.

وجدت هذه الدراسة أن الأشخاص الذين لعبوا ألعاب الفِيديو في صغرهم أظهروا تحسنًا أكبر في ذاكرتهم العاملة مقارنةً بغيرهم، ما يشير إلى أن ألعاب الفيديو قد تكون لها فوائد معرفية طويلة الأمد.

العلاقة بين لعب ألعاب الفيديو في الصغر وتحسن الذاكرة - لعب ألعاب الفيديو في الصغر قد يحسن الذاكرة العاملة لمهام معينة بعد مرور أعوام

تحفيز مغناطيسي للدماغ:

جمعت هذه الدراسة بين لعب ألعاب الفيديو والتحفيز المغناطيسي للدماغ TMS، وهو نوع غير جراحي من تحفيز الدماغ استخدمه العلماء لعلاج اضطرابات المزاج، ووافقت إدارة الغذاء والدواء FDA على استخدامه لعلاج الاكتئاب الشديد عام 2008.

وأظهرت الدراسات أيضًا أن TMS يعزز الأداء المعرفي ضمن ظروف معينة، فأشارت أكثر من 60 دراسة منها إلى أن هذا العلاج قد أدى إلى تطورات كبيرة في الإدراك المعرفي، بما في ذلك الذاكرة العاملة (الاحتفاظ بالمعلومات ومعالجتها خلال فترة قصيرة).

وأراد باحثو الدراسة الجديدة معرفة ما إذا كان الدمج بين التدريب على ألعاب الفيديو وTMS قد يُحسن من الوظائف المعرفية أكثر من أي منهما على حدة.

وطلبوا من 27 متطوعًا يتمتعون بصحة جيدة ومتوسط أعمراهم 29 عامًا، المشاركة في 10 جلسات تدريبية على ألعاب الفيديو، متضمنة ساعة ونصف من لعبة «سوبر ماريو 64» في كل جلسة.

وطبقوا في نهاية كل جلسة TMS على جزء من القشرة أمام الجبهية، التي تقع في مقدمة الدماغ، وهي مهمة للوظائف المعرفية المعقدة، مثل الذاكرة العاملة والتفكير.

نتائج مفاجئة:

قيّم الباحثون الوظائف المعرفية للمشاركين قبل بدء الدراسة، وفي نهاية الجلسات العشر، وبعدها بـ 15 يومًا. مثل زمن رد الفعل والذاكرة العاملة ومدة الانتباه والمهارات البصرية المكانية وحل المشكلات.

على الرغم من أن النتائج الإجمالية أظهرت تغييرات محدودة للغاية في القدرة المعرفية، التي نتجت فقط عن التدريب على ألعاب الفيديو وليس عن TMS، وجد الباحثون أن المشاركين الذين لعبوا ألعاب الفيديو في الصغر قد تحسنت الذاكرة العاملة لديهم.

وأوضح الدكتور مارك بالاوس الباحث الرئيسي في الدراسة أن: «أداء الأشخاص الذين كانوا شغوفين بالألعاب قبل سن المراهقة كان أفضل في مهام الذاكرة العاملة التي تتطلب الاحتفاظ بالمعلومات ومعالجتها للحصول على نتيجة رغم توقفهم عن اللعب».

فوائد دائمة:

أظهر الأشخاص الذين لديهم خبرة سابقة في لعب ألعاب الفيديو (لكن ليس اللعبة المستخدمة في الدراسة) تحسنًا في المعالجة وكانوا أكثر قدرة على التركيز على المحفزات في أثناء المهام.

وأضاف الدكتور بالاوس: «كان أداء الأشخاص الذين لعبوا بانتظام منذ الصغر أفضل منذ البداية في معالجة الكائنات ثلاثية الأبعاد رغم أن هذه الاختلافات قد انخفضت بعد فترة التدريب على ألعاب الفيديو، بسبب تشابه مستويات المجموعتين».

وتشير النتائج إلى أن ألعاب الفِيديو قد تؤدي إلى تغييرات معرفية تدوم سنوات بعد توقف الأشخاص عن اللعب.

ويقول الدكتور بالاوس إن ألعاب الفيديو التي تقدم حوافز للاعبين؛ أي تجعلهم يرغبون في الاستمرار في اللعب، وتزداد صعوبة لتثير تحديهم، تتطلب استخدامًا مكثفًا لموارد الدماغ، وهذا ما يجعلها مثالية لتعزيز القدرة المعرفية.

من المهم معرفة أن هذه الدراسة تضمنت أعدادًا قليلة من مشاركين كانوا شبابًا وصحتهم جيدة وتأهيلهم التعليمي عالٍ، وهذا يعني أن النتائج قد لا تكون قابلة للتطبيق على نطاق أوسع.

وأكد الدكتور بالاوس في حديثه عن نتائج الدراسة أن هذه التحسينات لها تأثير محدود فقط في أداء الأنشطة الأخرى غير المرتبطة بألعاب الفيديو، مثلما هو الحال مع معظم التدريبات المعرفية.

اقرأ أيضًا:

هل توجد علاقة بالفعل بين ألعاب الفيديو والعنف؟

ممارسة ألعاب الفيديو تزيد كمية المادة الرمادية والاتصالات الدماغية

ترجمة: آية وقاف

تدقيق: عون حدّاد

المصدر