تكثر أسباب قلة تقدير الشخص لذاته، ويستطيع المعالج النفسي التعامل مع أكثر تلك الأسباب. تتنوع هذه الأسباب من حيث نشأتها، يتعلق بعضها بجينات الإنسان وأخرى يكتسبها خلال نشأته، إضافةً إلى الأسباب المتعلقة بظروف معينة عايشها الشخص. قد يكون سبب قلة تقدير الذات واحد أو أكثر مما سبق.

يكتشف المريض السبب الكامن وراء قلة تقديره لذاته بالمساعدة المتخصصة. يركز العلاج النفسي على مساعدة المريض بكشف أسباب تعرضه لتجارب شخصية معينة، ويوضح له أن المخاوف التي يعانيها ما هي إلا نتاج أفكاره السلبية عن نفسه.

خطوتك الأولى هي أن تحدد المشكلة، ثم تجد طريقة لحلها. قد يتضمن ذلك تغيير نمط الحياة أو عادات الأكل أو حتى الطريقة التي تنظر بها إلى العالم. ستكتشف أن اجتيازك هذا التحدي وتحسينك طريقة شعورك سيزيد ثقتك بنفسك وتقديرك لذاتك.

أحيانًا، تتولد قلة تقدير الذات من صدمة ما أو طفولة صعبة. وقد تنتج عن علاقة زوجية سيئة أو الطلاق أو الانفصال. قد تكون أسباب قلة تقدير الذات أعقد، وتتطلب تفكيرًا متأنيًا للتوصل إليها. يمكنك أن تطلب مساعدة الاختصاصيين، إذ سيساعدونك على كشف الأسباب المستبطنة المسببة لقلة تقديرك لذاتك.

تشكل البيئة السلبية المحيطة عاملًا إضافيًا مشاركًا في قلة تقدير الذات، يشمل ذلك ندرة الطاقة الإيجابية في وسطك المحيط وكثروة لوم نفسك. يؤثر انتشار الطاقة السلبية فيك وفي الآخرين من حولك. ويمتد هذا التأثير ليشمل علاقاتك الشخصية وأفراد عائلتك وتقديرك لذاتك. يستطيع الاختصاصي أن يساعدك على تعزيز أفكارك الإيجابية ومعتقداتك وتعزيز احترامك لذاتك.

تؤدي بعض الظروف دورًا في هذه المشكلة، من ضمنها القلق الاجتماعي. لا يعد هذا الاضطراب مدمرًا لحياة الفرد الاجتماعية فقط، بل قد يضرّ بصحته. ينتج القلق الاجتماعي من الخوف من عدم القدرة على التفاعل الاجتماعي، أو الخوف من الإحراج ضمن الأماكن العامة، وكلما اشتدت الحالة كان من الصعب تجاوزها.

كيف تعرف أنك تعاني عدم احترام الذات - قلة تقدير الذات - الخوف من عدم القدرة على التفاعل الاجتماعي - الأسباب المستبطنة المسببة لقلة تقديرك لذاتك

قد تنتج قلة تقدير الذات أيضًا من أمراض جسدية، مثل الألم المزمن وآلام المفاصل والروماتيزم والشقيقة. المرضى الذين يعانون ما سبق عادةً ما يكونون تعساء وغير راضين عن جاذبيتهم. قد تسبب الحمية الفقيرة بالعناصر الغذائية والتغذية السيئة أيضًا قلة تقدير الذات.

لكن مهما تعددت الأسباب فلن تنعدم الحلول، لا سيما إذا عزمت على حل المشكلة. يستطيع الاختصاصي أن يساعدك على تحديد مشكلتك بدقّة واكتشاف أسبابها وحلها.

تأتي المشكلات الاجتماعية على رأس مسببات قلة تقدير الذات، لكنها قد تنتج عن أسباب أخرى مثل الاكتئاب. تاريخك المرضي من الاكتئاب يرجح احتمالية كونه سبب قلة تقديرك لذاتك. لذلك من الضروري أن تعالج الاكتئاب أولًا، قد يجد طبيبك التدبير الأمثل للاكتئاب الذي تعانيه بواسطة بعض النصائح التي تحسن مهاراتك الاجتماعية.

قد يولد سبب قلة تقديرك لذاتك معك، مثل الصمّ والمكفوفين ومرضى الأذيات الدماغية. يحتاج هؤلاء إلى مختص يساعدهم على رفع تقديرهم لذاتهم وتعلّم مهارات حياتية جديدة واكتشاف إمكانياتهم القصوى. يجعلهم ذلك أقدر وأكثر جاهزية على مواجهة التحديات التي تعترضهم وتجاوز المصاعب.

تقييم قلة تقدير الذات

أجب عن الأسئلة التالية:

  •  هل يمكنني أن أتحدث عن صفاتي الإيجابية، مهاراتي، قدراتي، إنجازاتي، نجاحي أمام الآخرين؟
  •  هل يمكنني أن أمنع الآخرين من التعدي على حدودي الشخصية أو انتهاك حقوقي؟ هل يمكنني أن أصرّ على وجهة نظري وأواجه ما لا أريد فعله؟
  •  هل أنا سعيد تمامًا بما أنا عليه وكيف أتصرف وما يشغل حياتي؟
  •  هل تساورني مشاعر القلق وانعدام الأمان عندما أقابل أشخاصًا جدد؟
  •  هل أعد حياتي متوازنة من ناحية العائلة والحياة الاجتماعية ومتعتي الشخصية ورفاهيتي وحياتي الروحية؟ إذا انجذبت بدرجة أكبر تجاه الأنشطة الترفيهية الملهية، قد يرجِّحُ ذلك محاولتك تجنب الاصطدام بالواقع.
  •  هل أنا على دراية بالدور الذي أديته ضمن عائلتي حيث نشأت، وهل كنت قادرًا حقًا على التصرف وفق سلوكيات معينة وجعلها نافعة لي؟
  •  هل أملك روابط مع أشخاص محددين ضمن المنزل أو العمل أو المدرسة أو الأنشطة أو في أي تجمع اجتماعي؟
  •  هل أجيد حلّ المشكلات؟ أم أنّ الطريقة التي أفكّر بها تغشاها المخاوف والاعتقادات غير العقلانية؟
  •  هل أجد نفسي قادرًا على خوض صراع ضروري للحصول على حقوقي؟

إذا أجبت بـ «لا» على ثلاثة أو أكثر من الأسئلة السابقة، فأنت غالبًا بحاجة إلى رفع مستوى تقديرك لذاتك.

يتصرف الأشخاص منخفضو تقدير الذات وفق شخصيات مزيفة تريحهم وترضي غرورهم. يتظاهرون بأشياء كثيرة بهدف الحصول على الإطراء والقبول الذي ينتظرونه ويتوقون إليه. ومن الشخصيات الشائعة التي يتقمصونها ما يلي:

الشخص الفاشل:

يرسم هذا النوع من الأشخاص صورة وهمية عن نفسه أمام الآخرين، هذه الصورة غالبًا ما تكون شخصية قليلة الحيلة، غير قادرة على التعامل مع العالم الخارجي. يعيشون في انتظار «الفارس لامع الدرع»، علّه يأتي وينقذهم. يتسمون بالشفقة تجاه أنفسهم ويلعبون دور الضحية، لأنهم يخافون تحمل مسؤولية تغيير حياتهم. يبحثون دائمًا عن طريق شقّه آخرون ليسيروا فيه، ما يقلل مصداقيتهم ويقلل مستوى إنجازهم، ويكثرون من الاعتماد على الآخرين.

الشخص الساعي للكمال:

تغطي هذه الفئة قلة تقديرها لذاتها بواجهة من ادعاء السعادة والنجاح، وهو ما لا يشعرون به حقيقةً. يكونون في الواقع خائفين من الفشل، أو أن يظهروا فاشلين، أو أن يرى الناس حقيقتهم. يحتاجون إلى تحقيق نجاحات مستمرة حتى يحافظوا على الصورة عالية الثقة بالنفس التي يرسمونها لأنفسهم. يوصف هؤلاء عادة بأنهم تنافسيون وساعون تجاه الكمال، ويرهقون أنفسهم في سبيل الحفاظ على تلك الصورة.

الشخص المتمرد:

كنت يومًا شخصًا متمردًا، اعتقدت أن ذلك يجعلني رائعًا ومختلفًا، لكن في الحقيقة كنت أجاهد في سبيل تقدير ذاتي. تجعل مخالفة القواعد والقوانين الثائرين يشعرون بتفوقهم. غالبًا يشعرون بكونهم غير جيدين، أو أنه يُساء فهمهم. محاولة إثبات خطأ الآخرين هي وسيلتهم لتأكيد كونهم على حق.

يتظاهرون أغلب الوقت بتجاهل أحكام الآخرين وانتقاداتهم، بينما هي في الواقع السبب الأساسي الكامن وراء رغبتهم المتزايدة في إثبات أنفسهم.

إذا رأيت أنك تشبه إحدى الشخصيات السابقة، فمن المحتمل أنك تعاني في علاقاتك. إذ تشعر أن علاقاتك المهنية والأسرية والعاطفية وصداقاتك لا تكفيك، ما يتركك في صراع مع نفسك. اطلب المساعدة ما دمت تستطيع، إذ قد تكون بحاجة إلى زيادة تقديرك لذاتك.

اقرأ أيضًا:

هل يؤثر الفيسبوك على مدى تقديرنا لذواتنا وشعورنا بالانتماء ؟

الإجهاد العاطفي: الأسباب والعلاج

ترجمة: ميس إبراهيم الإبراهيم

تدقيق: أحمد الحميد

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر