يبدو أنك وشريكك على أتم وفاق أغلب الأحيان، ولا يخلو الأمر من بعض الجدال بين الفينة والأخرى وعلى أمور تافهة أحيانًا. مع استقرار حياتكما وتوافق أنماطها معًا تجد نفسك تتساءل عن إمكانية تحسين العلاقة بينكما. لهذه العلاقة الطيبة سلبياتها المحتملة في الواقع. مر وقت طويل منذ أن تساءلت هل بإمكانك أن تكون ألطف تعاملًا مع شريكك، وبدوره، يبدو امتثال شريكك بالمسار الثابت للعلاقة محل شك أحيانًا.

لا تخلو العلاقة من تكاليف خفية قد تضطر لسدادها ثمنًا لتحقيق الاستقرار. لا يستفز أحدكما الآخر ولا يبحث عن طرق جديدة لتأكيد حبك له. وقدر المستطاع، تمتنعان عن الخوض في الموضوعات الجدلية بينكما بهدف تجنب الخلافات المحتملة. ربما يصعب الاعتراف بذلك، إلا أن العلاقة قد تصطدم بحائط الملل.

وفقًا لدراسة حديثة تتناول العلاقات، أشرف على إجرائها براين دون وفريقه في جامعة كارولينا الشمالية، تخبو العلاقة وتفقد حيويتها عندما تنحصر دوافع الشريكين بالتجنب أو الرغبة في تقليل حدة الصراع. بدلًا من ذلك، يمكن الأزواج الاستفادة من مفهوم الدافع المتقارب، إذ يبحثون عن المحفزات الإيجابية ويسعون إليها، ويستجيبون لها، بإتاحة المجال لتفاعلات إيجابية جديدة ضمن إطار العلاقة، والاستمتاع باللحظة وبالعلاقة تباعًا، بدلًا من الاقتصار على الحيادية والتجنب.

الإطار الأساسي لسلسلة الدراسات التي أجراها دون وآخرون. والنتائج التي تحدثت عن «فرضية التفاعل التصاعدي»، التي تقول إن الناس الذين تسيّرهم الحوافز والدوافع لخلق فرص التفاعل الحميمي سوف ينخرطون في سلوكيات إيجابية تجاه شركائهم، ما يؤدي إلى زيادة التجارب الجميلة، التي قد تحصد بدورها المزيد من الرضا في العلاقة.

وفقًا للباحثين، يشبه الأمر تأثير كرة الثلج، إذ تحفز سلوكيات أحد الطرفين الشريك الآخر بالاهتمام والتقدير، وهكذا. تُبنى المشاعر الطيبة المتبادلة على أساس تلك التفاعلات الإيجابية.

خروجك عن المألوف وعن إطار الطرق المعهودة لإسعاد شريكك ليس فقط تصرفًا لائقًا أو لطيفًا، بل له مدلولات تفاعلية تعزز سبل تواصلك وشريكك إذ تضعه أعلى قائمة الأولويات. ما يعني أنكما ستحصدان نتائج عاطفية إيجابية معززة.

أُجريت الدراسة على مجموعة من الأزواج الشباب، متوسط أعمارهم 27 عامًا، ممن تتسم علاقتهم بطول الأمد، واختُبرت فرضية التفاعل التصاعدي تحت ظروف المختبر والحياة العملية.

في الدراستين الأوليين، طُلب من المشاركين المشاركة في تفاعل التعبير عن «الامتنان» الذي تضمن الإشارة إلى شيء إيجابي محدد فعله الشريك من أجلهم. في الإصدار الثالث، المحاكي للحياة الحقيقية من البحث، طُلب من المشاركين الحديث عن تفاعل إيجابي حديث، لا يرتبط مباشرةً بالشريك، مثل تلقي أنباء سارّة ذات طابع شخصي، كالحصول على ترقية أو تلقي المديح أو الثناء في العمل.

ستة أمور بسيطة تظهر لشريكك أنك مهتم وتحسن علاقتك العاطفية - هل بإمكانك أن تكون ألطف تعاملًا مع شريكك - كيف تحسن علاقتك مع شريكك

أنجز الأزواج 14 استبيانًا كتبوا فيها وصفًا موجزًا لحدث في وقت سابق من اليوم. رتب فريق البحث تلك الأحداث وفقًا لدرجة الامتنان فيها.

اثبتت النتائج الرئيسة للدراسات الثلاث فرضية التفاعل التصاعدي، إذ اختبر الشركاء ذوو الدافع التقاربي الأعلى عواطف أكثر إيجابية مرتبطةً بالأحداث الإيجابية في العلاقات. وقد لاحظ هذه الآثار الشركاء، الذين أبدوا بدورهم استجابات عاطفية أكثر إيجابية.

يشكّل البحث عن اللحظات الجميلة مع شريكك أساسًا لتعزيز العلاقة والشعور بالرضا والسرور إثر كل تفاعل. خلص الباحثون إلى إسهام اللحظات الاجتماعية الإيجابية في تعزيز الدافع التقاربي لدى الشركاء، إذ يلاحظون هذا التفاعل التصاعدي، ويجنون بأنفسهم ثمار ذلك.

تدعم الأدلة المستقاة من الدراسة أهمية الاهتمام بالإيجابية في العلاقة بدلًا من الاكتفاء بتجنب السلبية، وبتبنيك توجهًا كهذا، تستطيع تعزيز الأثر الإيجابي لأفعالك، ما ينعكس على رضا الشريك وجودة العلاقة.

إليكم ستة أمور بسيطة تظهر لشريكك أنك مهتم بتحسين علاقتك العاطفية:

  1.  خصص وقتًا للاستماع إلى مخاوف شريكك: أعلِم شريكك أنك مستعد لسماع جميع ما يقلقه أو يزعجه، حتى الأمور التي قد تبدو تافهة.
  2.  شاركا معًا بأحد النشاطات الجماعية، وإن لم تكن من نشاطاتك المفضلة: كالانضمام إلى شريكك في نزهة طويلة سيرًا على الأقدام، تصبح عادةً لكما، وإن كانت لمرات قليلة، ستجد أنك بالفعل تستمتع بفكرة القيام بشيء مشترك مع من تحب.
  3.  انقل الأخبار السعيدة إلى شريكك: أثبتت الدراسة أن الاحتفاء بالأخبار السارة له آثار إيجابية في كلا الشريكين. وإن كان هذا يبدو تفاخرًا، فإن هذا السلوك من شأنه زيادة الرضا وإثراء العلاقة، إذ يبدو أنك تهتم برأي شريكك ومشاعره تجاه أمورك الشخصية.
  4.  الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة لمساعدة شريكك: مثل ملء زجاجة المياه الخاصة به صباحًا إذا كان في عجلة من أمره.
  5.  مساعدة الشريك على تحقيق أهدافه: تبنى من السلوكيات التي تهدف إلى تحقيق الغايات الخاصة للشريك. إن كان شريكك يحاول خسارة الوزن، فبدلًا من تقديم وجبات عالية السعرات الحرارية، خصص وقتًا للتبضع وإعداد الوجبات الصحية.
  6.  قم بواجباتك العاطفية: قد يحتاج الشريك إلى خبراتك في مجال ما، من أمر بسيط كرتق معطف، إلى الأكثر تعقيدًا كإصلاح عطل الحاسوب.

تذكر أن مما يساهم في الآثار المفيدة لهذه السلوكيات البسيطة التي من شأنها بث الإيجابية في علاقتك هو قدرتك على نقل هذه المشاعر الإيجابية.

الخلاصة أن للاستمتاع بأداء المهام الصغيرة، سواء مهام بادرت أنت بتأديتها أو مهام يجب عليك أداؤها، دور مهم في سير العلاقة ونوعيتها، ما يتيح لك ولشريكك تحقيق أكبر قدر من الإنجازات باستمرار.

اقرأ أيضًا:

طريقة جديدة لحل مشاكلك العاطفية: بحث يظهر أهمية الذاكرة الجيدة في تحسين العلاقات العاطفية

هل تشعر بأنك عالق في علاقة ولا تستطيع الخروج منها؟ إليك ما يجب فعله

ترجمة: بشرى عيسى

تدقيق: أكرم محيي الدين

المصدر