يقرر الناس غالبًا خسارة الوزن عند رغبتهم في الحصول على نتائج سريعة، وقد تكون لديهم مناسبة قريبًا أو مشكلات صحية يريدون تخفيفها أو لمجرد التخلص من شعور عدم الارتياح.

بيد أن نصائح الخبراء توصي بخسارة الوزن البطيئة لعلاج السمنة، ما يتماشى مع الاعتقاد الشائع الذي يقول إننا أكثر ميلًا إلى استرجاع الوزن الذي نفقده سريعًا. ويُنظر إلى خسارة الوزن البطيئة في المقابل على أنها أكثر استدامة وأفضل للصحة. ويشيع اتباع العديد من البرامج التي تعد بخسارة الوزن سريعًا، غير أن هذا النوع من الحميات يحصر السعرات الحرارية بشدة أو يمنع تناول بعض الأطعمة.

لكن هل خسارة الوزن ببطء طريقة نافعة فعلًا، أم أن خسارة الوزن السريعة لا تختلف عنها من ناحية الفعالية والأمان؟

ما الفرق بين خسارة الوزن البطيئة والسريعة؟

توصي الهيئات الإدارية عادةً بخسارة الوزن بمعدل يتراوح بين نصف كيلوغرام وكيلوغرام واحد أسبوعيًا، ما يُصنف على أنه معدل بطيء لخسارة الوزن.

بوضع ذلك نصب أعيننا، يصبح معدل خسارة الوزن سريعًا عند خسارة أكثر من كيلوغرام واحد أسبوعيًا على مدى عدة أسابيع.

ماذا تقول الأبحاث عن خسارة الوزن السريعة؟

تناولت عدة دراسات موثوقة هذين النهجين. فمثلًا، تضمنت إحدى الدراسات 200 شخص وُزعوا عشوائيًا على مجموعتين إما لخسارة الوزن ببطء خلال 36 أسبوعًا أو خسارة الوزن بسرعة خلال 12 أسبوعًا، وكان الهدف خسارة الوزن بنسبة 15%.

خضعت مجموعة خسارة الوزن السريعة لحمية ذات طاقة منخفضة جدًا اعتمدت على وجبات بديلة، مثل المشروبات المخفوقة، وألواح الطاقة، والشوربات ثلاثة مرات يوميًا. في حين اتبعت مجموعة خسارة الوزن البطيئة إرشادات الدليل الأسترالي للأكل الصحي، بهدف تقليل سعراتهم الحرارية بمقدار 500 سعرة عن الكمية المعتادة يوميًا، ولكنهم تناولوا أيضًا وجبة أو وجبتين بديلتين في اليوم.

نجح قرابة 50% من مجموعة خسارة الوزن البطيئة و81% من مجموعة خسارة الوزن السريعة بفقدان الوزن بمعدل 12.5% أو أكثر خلال المرحلة الأولى، وخضع هؤلاء الأشخاص بعد ذلك لحمية أخرى للحفاظ على الوزن مدة 2.75 عام تقريبًا.

استرجع 76% من المجموعتين الوزن الذي فقدوه خلال المرحلة الأولى من التجربة قبل انتهاء العام الثالث؛ أي أن سرعة فقدانهم الوزن لم تصنع فارقًا من ناحية استرجاع الوزن.

مع ذلك، وجدت دراسة أخرى تضمنت 101 امرأة تجاوزت سن انقطاع الطمث أن خسارة الوزن السريعة أعطت نتائج أفضل من خسارة الوزن البطيئة بحلول العام الثالث.

بيد أنه لا يزال هناك عوامل أخرى ينبغي مراعاتها إلى جانب خسارة الوزن، مثل التغيرات التي تطرأ على بنية الجسم وكثافة العظام.

أبرزت دراسة تحليل تلوي ضخمة هذه المسألة على أفضل وجه؛ إذ يدمج هذا النوع من الدراسات نتائج جميع الدراسات السابقة الموثوقة التي تناولت الموضوع.

في حين أن هذا التحليل وجد أن مقدار الوزن المفقود كان متماثلًا في الطريقتين البطيئة والسريعة، إلا أنه أظهر أن خسارة الوزن البطيئة أدت إلى نتائج أفضل من السريعة، من ناحية معدل الأيض الأساسي أو كمية السعرات التي تُحرق عند الراحة.

لم يكن هناك فارق في كمية الكتلة الخالية من الدهون أو الكتلة العضلية المفقودة بين المجموعتين، ولكن خسارة الوزن البطيئة أدت إلى انخفاض أكبر في الكتلة الدهنية، ومن ثمّ حسنت نسبة الدهون إلى العضلات.

علاوةً على ذلك، كان تأثير خسارة الوزن البطيئة أفضل على كثافة العظام؛ إذ سببت خسارة الوزن السريعة انخفاض كثافة العظام ضعفين، وزادت خطر إصابة الأشخاص بهشاشة العظام.

ماذا عن أنواع الحميات الأخرى؟

في حين أن هناك تنوع كبير في كمية المغذيات التي تتضمنها الحميات المختلفة ونوعيتها، إلا أن البحوث تبين أن نوع الحمية لا يهم وأن جميعها تؤدي إلى نتيجة متشابهة من ناحية خسارة الوزن.

ينطبق ذلك أيضًا على الطرائق الأخرى التي تقلل السعرات الحرارية في النظام الغذائي، مثل الصيام المتقطع. فقد بينت البحوث أن هذه الحميات لا تؤدي إلى خسارة أكبر في الوزن مقارنةً بالحميات التي سبقتها، ويرجع ذلك إلى تكيف الجسم البشري جيدًا لحمايتنا من خسارة الوزن.

ما الذي يجب مراعاته عند خسارة الوزن؟

1) الأيض: عند خسارة كمية كبيرة من الوزن، ينخفض معدل الأيض الأساسي (مقدار الطاقة الذي يُحرق عند الراحة)، لذا يُعد إبقاء معدل الأيض الأساسي مرتفعًا ضروريًا للحفاظ على الوزن، فقد لا يعود لسوء الحظ معدل الأيض الأساسي إلى مستواه السابق عند انخفاضه، حتى بعد استعادة الوزن المفقود.

لكن أكدت البحوث أن خسارة الوزن البطيئة تحافظ على معدل الأيض الأساسي، على غرار برامج فقدان الوزن التي تتضمن التمارين الرياضية عوضًا عن التي تهتم بالحمية الغذائية فقط.

2) التأثيرات الجانبية: رغم أن الحميات القاسية قد تعطي نتائج سريعة، فإن الدراسات تشير إلى أنها قد تسبب تأثيرات سلبية، مثل زيادة خطر الإصابة بالحصى الصفراوية ونقص في بعض العناصر الغذائية، ما قد يؤدي إلى ضعف جهاز المناعة والضعف العام وانخفاض كثافة العظام. ويصعب على هذا النوع من الحميات تلبية احتياجاتنا الغذائية.

3) الاستمرارية: تمنع العديد من حميات خسارة الوزن السريعة بعض الأغذية التي نحتاجها للحفاظ على صحتنا على المدى الطويل أو تحصر كمية تناولها. فمثلًا، عادةً ما يُمنع تناول الكربوهيدرات، ولكن تُعد كربوهيدرات الحبوب الكاملة مصدرًا غذائيًا ضروريًا للمساعدة على خسارة الوزن والوقاية من الأمراض. وإلى جانب ذلك، لا يساعد تضمين بدائل الوجبات في الحميات القاسية على الاستمرار مدة طويلة.

خلاصة القول

بصرف النظر عن الطريقة التي ننوي تبنيها لخسارة الوزن، يُعد الحفاظ على الوزن ومنع استرجاع الوزن المفقود مهمة صعبة للغاية؛ إذ تبذل الأجسام قصارى جهدها لإبقاء الوزن عند نقطة محددة، بضبط الأنظمة الحيوية وفرض سلسلة من التغيرات الفسيولوجية لضمان استعادة الوزن الذي يُفقد. وينشأ ذلك من أسلافنا الذين كانوا يعيشون على الصيد وجمع الثمار، إذ طورت أجسامهم هذه الاستجابة الفسيولوجية للتكيف مع فترات انقطاع الطعام أو ندرته.

تعتمد خسارة الوزن الناجحة والدائمة على:

  1.  اتباع برامج مثبتة علميًا ومبنية على ما توصل إليه العلم عن السمنة.
  2.  خسارة الوزن تحت رعاية اختصاصي صحة مؤهل.
  3.  إجراء تغييرات تدريجية في أسلوب الحياة مثل الحمية والتمارين الرياضية والنوم، لضمان تبني عادات صحية تستمر مدى الحياة.

اقرأ أيضًا:

لماذا تصعب خسارة الوزن وفقًا للعلم؟

تغييرات صغيرة في الروتين اليومي تساعد على خسارة الوزن

ترجمة: رحاب القاضي

تدقيق: فاطمة جابر

مراجعة: هادية أحمد زكي

المصدر