تخيل أنك في اجتماع على منصة زوم في أبريل بدايات 2020، وفي الوقت نفسه، تتصفح الأخبار على وسائل التواصل الاجتماعي، ستمر أمامك على الشاشة عناوين مثل: «ارتفاع مستمر في أعداد الوفيات»، أو «قد يتسبب كوفيد-19 في حدوث آثار صحية طويلة الأمد»، أو «أنظمة الرعاية الصحية غارقة». إن ذلك كافٍ لتكدير مزاجك، لكنك لا تستطيع التوقف عن التصفح.

إن كنت ترى هذا السيناريو صحيحاً، فأنت لست وحدك. تشير الأبحاث إلى أن الناس يميلون إلى البحث عن المعلومات في أوقات عدم اليقين؛ إنها آلية تأقلم طبيعية.

لكن هل يعتبر البحث المستمر عن المعلومات على وسائل التواصل الاجتماعي، الذي يسمى أحيانًا تصفح الأخبار السيئة، مفيدًا في أثناء الجائحة، أو في أي وقت؟
تشير الأبحاث إلى تأثير الأخبار السيئة على الحالة المزاجية عمومًا، وأن التعرض لأخبار كوفيد السلبية قد يكون ضارًا بسعادتنا العاطفية، وبالفعل، عكست ذلك الأدلة المبكرة حول تأثيرات تصفح أخبار كوفيد على الاضطراب العقلي.

وجدت دراسة أجريت في مارس 2020، وشارك فيها أكثر من 6000 أمريكي، أنه كلما زاد الوقت الذي يقضيه المشاركون في تصفح أخبار كوفيد خلال يوم واحد، شعروا بالتعاسة أكثر.

هذه النتائج مدهشة ولكنها تترك بعض الأسئلة الرئيسية دون إجابة.

هل يؤدي تصفح الأخبار السيئة إلى جعل الناس غير سعداء، أم أن الأشخاص غير السعداء هم أكثر عرضة لتصفح الأخبار السيئة؟ كم من الوقت يجب أن نقضي في تصفح الأخبار السيئة حتى يمثل ذلك مشكلة؟ وماذا سيحدث إذا تصفحنا الأخبار الإيجابية بدلًا من الأخبار السيئة، كأن نقرأ مثلًا عن الاستجابات البشرية الإيجابية لأزمة عالمية؟

لمعرفة ذلك، أجريت دراسة على مئات الأشخاص، إذ عُرض محتوىً من العالم الحقيقي إما على تويتر أو يوتيوب مدة تتراوح بين دقيقتين إلى أربع دقائق. تضمنت موجزات تويتر ومقاطع فيديو يوتيوب إما أخبارًا عامة حول كوفيد، أو أخبارًا إيجابية عن أحداث حصلت في أثناء فترة كوفيد. ثم فُحصت الحالة المزاجية لهؤلاء المشاركين باستخدام استبيان، وقورنت حالتهم المزاجية بالمشاركين الذين لم يتفاعلوا مع أي محتوى على الإطلاق.

عانى الأشخاص الذين عُرضت عليهم الأخبار العامة المتعلقة بكوفيد من مزاج أسوأ مقارنة بالأشخاص الذين لم يُعرض عليهم أي شيء على الإطلاق. في هذه الأثناء، الأشخاص الذين عُرضت عليهم قصص أخبارية إيجابية حول كوفيد لم يواجهوا الانخفاض نفسه في المزاج، لكنهم أيضًا لم يحظَوا بالدفعة الإيجابية التي توقعناها في المزاج.

تشير هذه النتائج إلى أن قضاء ما لا يقل عن دقيقتين إلى أربع دقائق في تصفح الأخبار السلبية المتعلقة بكوفيد-19، قد يكون ذا تأثير ضار على مزاجنا.

على الرغم من أننا لم نشهد تحسناً في الحالة المزاجية بين المشاركين الذين عرضت عليهم قصص إخبارية إيجابية تتضمن أعمالاً طيبة، فقد يرجع ذلك إلى أن القصص كانت لا تزال مرتبطة بكوفيد 19، وفي أبحاث أخرى، ارتبطت القصص الإخبارية الإيجابية بتحسن المزاج.

ومن المثير للسخرية، أن التغطية الأخبارية لنتائج البحث أتت بعناوين، مثل: «توصلت الدراسة إلى أن قضاء خمس دقائق فقط على وسائل التواصل الاجتماعي كافية لتجعلك بائسًا»، وقد تكون بحد ذاتها جزءًا من المحتوى السيء لشخص ما.

لكننا لم نجد ما يثبت أن استخدام جميع وسائل التواصل الاجتماعي يجعل الناس بائسين. بدلاً من ذلك، وجدنا أن تصفح محتوى سلبي حول كوفيد عبر تويتر أو يوتيوب في أثناء الوباء أمر يزيد الناس بؤسًا.

إذن، ما الذي يمكننا فعله للاعتناء بأنفسنا، ولجعل وقتنا على وسائل التواصل الاجتماعي أكثر إمتاعاً؟

أحد الخيارات هو حذف حسابات وسائل التواصل الاجتماعي تمامًا. تظهر الأرقام أن ما يقارب نصف مستخدمي فيسبوك في المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية فكروا في مغادرة المنصة في عام 2020.

ولكن ما مدى واقعية إبعاد أنفسنا عن المنصات التي تربط ما يقارب نصف سكان العالم ببعضهم، خاصةً عندما توفر هذه المنصات تفاعلات اجتماعية بين الناس في وقت قد تكون فيه التفاعلات وجهًا لوجه محفوفة بالمخاطر أو مستحيلة؟

نظرًا إلى أن تجنب وسائل التواصل قد لا يكون عمليًا، فإليك بعض الطرق الأخرى لجعل تجربتك على وسائل التواصل الاجتماعي أكثر إيجابية.

  1.  ضع في اعتبارك ما تتصفحه على وسائل التواصل الاجتماعي. إذا قمت بتسجيل الدخول للتواصل مع أشخاص آخرين، فركز على الأخبار الشخصية والصور المنشورة بدلاً من تركيزك على أحدث العناوين الرئيسية.
  2.  ابحث عن المحتوى الذي يجعلك سعيدًا لتحقيق التوازن في صفحة آخر الأخبار في حسابك. قد يكون ذلك صور قطط لطيفة أو مناظر طبيعية جميلة أو مقاطع فيديو لأطعمة أو أي شيء آخر. يمكنك حتى متابعة حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي مخصصة لمشاركة الأخبار السعيدة والإيجابية فقط.
  3.  استخدم وسائل التواصل الاجتماعي لتعزيز الإيجابية واللطف. يمكن أن تؤدي مشاركة الأشياء الجيدة التي تحدث في حياتك إلى تحسين أسلوبك، ويمكن أن ينتقل مزاجك الإيجابي إلى الآخرين. قد ترغب أيضاً في مدح الآخرين على وسائل التواصل الاجتماعي. على الرغم من أن هذا قد يبدو محرجًا، فإن الناس سيقدرونه أكثر مما تعتقد.

الأهم من ذلك، أننا لا نقترح عليك تجنب كل الأخبار والمحتوى السلبي. نحن بحاجة إلى معرفة ما يحدث في العالم. ومع ذلك، يجب أن نضع في اعتبارنا صحتنا العقلية أيضًا.

مع استمرار الوباء وأنبائه في تغيير حياتنا، تسلط نتائج البحث الضوء على أهمية إدراكنا للتأثيرات العاطفية للأخبار السلبية، ولكن هنالك خطوات يمكن اتخاذها للتخفيف من هذه الخسائر وجعل وسائل التواصل الاجتماعي مكانًا أكثر سعادة.

اقرأ أيضًا:

هل نعيش داخل عالم افتراضي؟

خمس طرق تساعد عبرها وسائل التواصل الاجتماعي المراهقين المكتئبين على التغلب على محنتهم

ترجمة: ديانا بريمو

تدقيق: وسام عمارة

مراجعة: حسين جرود

المصدر