بينما يطالب العالم بطعام أكثر، تتوق البيئة إلى مساكنها الطبيعية التي لا يمسها البشر. ما زال هذا الصراع موجودًا بين البيئة وحاجتنا غير المتوازنة للأراضي الزراعية وذلك بقطع الغابات وجعلها أراضٍ للزراعة وتربية المواشي.

يوجد مصدر غذائي جديد قد يحسن من مشكلة تحويل الغابات إلى أراضٍ زراعية، اقترحت دراسة جديدة أن الفطر الصالح للأكل وخاصةً من النوع Lactarius indigo سيقدم مصدرًا غذائيًا غنيًا بالبروتين، ويمتص الكربون الزائد من التلوث، إضافةً إلى عدم الحاجة إلى تدمير الغابات بل زيادة التشجير.

يقول أليستر جامب وهو عالم بيئة في جامعة ستيرلينغ بالمملكة المتحدة ومساعد بول توماس مؤلف هذه الدراسة: «لدينا أهداف تشجير مستقبلية في مواقع عديدة من اسكتلندا وعبر المملكة المتحدة عمومًا، وستكون هذه الأشجار على حساب الأراضي الزراعية».

ويتابع: «سيمنحنا هذا سبيلًا لزراعة الفطر مع هذه الأشجار وفي المكان ذاته».

يُعد الفطر عمومًا مصدرًا غذائيا فقيرًا وغير متوازن، لكنه غني بالألياف والأحماض الدهنية المهمة، ويمكن أن يُستخدم بديلًا لمصادر البروتين الأخرى، مثل لحم البقر والخنزير والدواجن في الحميات الغذائية.

افترض الباحثون اعتمادًا على مقياس عالمي وخبرة عقود من التشجير والزراعة أن زراعة الفطر في الغابات قد يزيد من إنتاج الغذاء دون الحاجة لتدمير هذه الغابات، إضافةً إلى إطعام الملايين سنويًا، وذلك طبعًا إذا أمكن توسيع استخدام هذه التقنيات المنبثقة حديثًا في مجال الزراعة.

الفكرة الأساسية لهذه الطريقة هي القدرة على زراعة الفطر الصالح للأكل بين الأشجار المزروعة بطريقة البستان أو مع أشجار الغابات، وهذا ما يناسب الباحثين بالحفاظ على الموارد الطبيعية.

تُجمع الفطور المثمرة وتُزرع في المخبر بظروف مناسبة، وباستخدام الأبواغ تُخصب شتلات الأشجار اليافعة قبل غرسها.

يشكل الفطر علاقةً قويةً مع الأشجار، فيشتبك مع جذور الأشجار الطويلة ويتبادل معها المعادن والمغذيات مقابل الكربون الذي تمنحه الشجرة.

وبتطور الشجرة ونموها تتطور شبكة الفطر الأرضية وتتبرعم.

يقول أحد مالكي شركة لزراعة الفطر: «إذا زُرع على مناطق واسعة سيؤدي إلى زيادة في إنتاج الطعام والحفاظ على البيئة، وذلك دون تحمل أعباء زراعية مثل السقاية أو السماد المُخصّب أو استخدام الأعلاف».

توجد مشكلة معروفة ومتصاعدة في مجالات زراعية عديدة وهي إطلاق الغازات الدفيئة بسبب حراثة الأرض وفلاحتها، وإذا بقيت هذه الغازات ستتمسك بالكربون الذي تمتصه النباتات وتنزله إلى الجذور لصناعة السماد الطبيعي، وبدوره عند استخدام هذا السماد على المحاصيل سيطلق أكسيد النيترات.

بالمقابل يوجد نوع من الفطور mycorrhizal fungi يُخزن الكربون في التربة مدةً طويلةً جدًا وذلك إذا لم تُحرث، يتم ذلك من خلال شبكة واسعة من الألياف تدعى hyphae.

تقترح افتراضات التحليل الذي جمع بيانات من مناطق تجريبية للغابات أن زراعة هذا الفطر في الغابات الشمالية في البيئات الشمالية سيعطي فرصة إنتاج 12.8 طنًا من الكربون سنويًا.

وهذا فقط نصف ما يمكن إنتاجه من الكربون في حال تمت هذه العملية في غابات معتدلة.

يجب التنويه إلى أن زيادة الكربون في التربة هو علم غامض ومبهم، وقد نكون متفائلين جدًا بالتوقعات.

يعتمد ذلك على قياسات جيدة لمستوى الكربون في التربة وبقاء الغابات محمية إلى الأبد.

حذّر الخبراء أيضًا من أن تفضيل زراعة أنواع محددة على المحافظة على الغابات الأصلية سيوّلد زراعةً أحادية النوع، التي تفشل في إعادة التوازن والتنوع الطبيعي للغابات.

شُكك مؤخرًا في شبكة الفطر الواسعة التي تربط بين جذور الأشجار وذلك بسبب ادعاء ثلاثة باحثين أن هذه الشبكة قد يكون مبالغًا فيها.

إن استخدام مصادر بروتينية بديلة سيقلل من استهلاك اللحوم، اقتُرح أيضًا أن تغيير نظام إنتاج الطعام، وتناوله من مصادر محلية، إضافةً إلى معالجة عدم المساواة في الطعام. جميعها طرق مهمة تساعد في تقليل انبعاث الغازات الدفيئة وضمان الغذاء للمستقبل.

اقرأ أيضًا:

ما هو الفطر – ما هي الفطور ؟

ما أهمية تناول وجبة الفطور في خسارة الوزن ؟

ترجمة: عمار علي نصري

تدقيق: باسل حميدي

مراجعة: لبنى حمزة

المصدر