في العصر الحديث، يواجه الإنسان تحديًا حقيقيًا في الحفاظ على نمط حياة صحي ومتوازن، وقد تكون ساعات العمل الطويلة أهم سبب في ذلك.

وفي حين يشكل الغذاء المشكلة الأكثر أهمية في عالمنا الحالي، فقد يكون انتقاء النظام الغذائي المناسب أمرًا صعبًا لبعض الأفراد.

وجد المختصون في مجال التغذية ملايين الخطوات البسيطة التي تجعل تطبيق النظام الغذائي الصحي سهلًا وممكنًا.

حاليًا، لا يعني البدء بنظام غذائي التخلي عن الأطعمة المفضلة، ولا يكون الهدف منه دائمًا خسارة الوزن، فقد يتبعه بعضهم لتحسين الحالة الصحية لأعضاء مختلفة في الجسم، مثل القلب والدماغ وغيرها.

من أهم الخطوات المساعدة في اتباع نظام غذائي متوازن والاستمرار به فترة طويلة:

1. تناول الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية المتكاملة:

لا يتطابق نظامان غذائيان تمامًا، لكن توجد صفة مشتركة يفضل وجودها في كل نظام غذائي وهي أن يكون متكامل العناصر الغذائية وخاليًا من المواد الصناعية، ومن أهم الأغذية الصحية التي ينصح بها: الفواكه، والخضار، والبقوليات بأنواعها، والحبوب، والبيض، والألبان، والبروتينات الحيوانية الطازجة.

قد تكون المكملات الغذائية والوجبات المخفوقة والوجبات الحديثة الرائجة، الحاوية على عناصر غذائية مختلفة مفيدة أحيانًا، ولكن مع مرور الوقت أثبتت الوجبات كاملة العناصر الغذائية تحقيقها نتائجَ صحية أفضل على المدى البعيد.

تحتوي هذه الوجبات على عناصر غذائية مهمة مثل الألياف، والفيتامينات، والعناصر المعدنية، ومواد نباتية مغذية، ضرورية للحفاظ على سلامة الجهاز الهضمي وتقليل احتمال الإصابة بالأمراض المزمنة مثل البدانة، والسكري. بينما تعد الحلويات، والمشروبات الغازية، والمقرمشات سببًا للإصابة بأمراض التهابية مزمنة.

2. التفكير جيدًا قبل اختيار النظام الغذائي:

تحقّق بعض الحميات الغذائية نتائج سريعة في فقدان كميات كبيرة من الوزن، نذكر منها:

  •  حمية الكيتو: نظام غذائي منخفض الكربوهيدرات، معتدل البروتين، عالي الدسم؛ يساعد على فقدان الوزن بسرعة من طريق حرمان الجسم من الوارد السكري، ما يؤدي إلى تحويل الدهون الموجودة في الجسم إلى أحماض دهنية وأجسام كيتونية لتزويد الدماغ بالطاقة اللازمة لعمله (بسبب غياب الوارد السكري).
  •  حمية أتكنز: حمية منخفضة الكربوهيدرات، عالية البروتين والدسم؛ تساعد على خسارة الوزن، وتختلف عن حمية الكيتو بالسماح بإدخال الوارد السكري تدريجيًا مع مرور الوقت.

قد يختار بعض الأفراد برامج غذائية قاسية جدًا، تعتمد على تحديد شديد للسعرات الحرارية لضمان خسارة الوزن بسرعة، ولكن ذلك يخلّف آثارًا نفسية سلبية مع مرور الوقت، لذا يُنصح بالتركيز على تقوية الإرادة ومقاومة الرغبة في تناول الطعام أكثر من التفكير بالوزن المفقود.

أشارت الدراسات إلى أن الاعتماد على الأغذية الصحية المتكاملة بكميات معتدلة ومدروسة يحافظ على نتائج طويلة الأمد عكس الأنظمة الغذائية القاسية، منها حمية البحر المتوسط (حمية تعتمد على الأغذية المتوفرة في بلدان البحر المتوسط مثل إسبانيا وفرنسا وإيطاليا، وتتضمن هذه الأغذية أصنافًا مختلفة، مثل: الفاكهة والخضروات والبقوليات والمكسرات والدهون الصحية للقلب مع تحديد الوارد السكري، لذلك ينصح باتباعها بهدف الحماية من الأمراض المزمنة وتحفيز الجسم على خسارة الوزن الزائد).

3. البدء بالحمية الغذائية تحت إشراف متخصص في التغذية:

يمكن أن يساعد طبيب التغذية -أو المختص في هذا المجال- على اختيار نمط الحمية الغذائية المناسب، ليضمن تحقيق أكبر فائدة ممكنة للشخص.

قد نجد عدة آراء حول فوائد ومضار كل صنف غذائي، ما يؤكد أهمية وجود طبيب التغذية للمتابعة الدقيقة للوجبات.

تختلف أنماط الأنظمة الغذائية وأشكالها، لذا من الضروري أن يكون الاختيار مدروسًا بدقة ومناسبًا لطبيعة جسم الفرد وسوابقه المرضية إن وجدت.

4. تحديد الحمية الغذائية المناسبة لكل شخص:

يخضع الإنسان لظروف مختلفة تؤثر في طبيعة جسده واستجابته لأنواع الغذاء المختلفة، من أهم هذه الظروف: العوامل الوراثية، والوضع الصحي، وظروف العمل، والعادات والتقاليد وغيرها.

يجب أن يحقق النظام الغذائي للفرد الشعور بالرضا والراحة النفسية، ويساعده على إيجاد طريقة لتناول الطعام ويناسب ظروف حياته.

5. الالتزام باستخدام الأطعمة الصحية فقط:

شهدت الأطعمة فائقة المعالجة (وهي أغذية معالجة باستخدام طرائق مختلفة للتخزين، مثل: التجميد، والتجفيف، والبسترة، وإضافة مواد صناعية، مثل المكثفات والمحليات والمثبتات وغيرها…)، استخدامًا متزايدًا بسبب امتلاكها طعمًا مميزًا، وما تسببه من تأثيرات في سلوك الفرد ونشاطه الدماغي.

تحتل الوجبات السريعة، والعصائر المحلاة والأطعمة المجمدة المرتبة الأولى في الاستهلاك البشري في مختلف أنحاء العالم، مما أدى إلى ارتفاع نسبة الأمراض المزمنة ارتفاعًا ملحوظًا مثل السكري، والبدانة، وارتفاع شحوم الدم.

يجب الابتعاد عن هذه المنتجات بمختلف أنواعها، وذلك من طريق الاكتفاء بتناول الأطعمة الغنية بعناصر غذائية طبيعية وصحية.

6. أهمية تناول الوجبات الخفيفة بين الوجبات الرئيسية:

لاحظ أطباء التغذية ازدياد الرغبة في تناول الطعام في فترات الجوع الشديد، مما يزيد خطر مخالفة الحمية في هذه الفترات حصرًا، لذلك أوصى الأطباء بتناول وجبات خفيفة بين الوجبات الرئيسية للحفاظ على الشعور بالشبع ومقاومة الرغبة في تناول الطعام، من أهم هذه الأغذية: الفواكه والخضار الطازجة، ولبن الزبادي، والذرة المحمصة (البوشار)، والبيض المسلوق، والمكسرات، وزبدة المكسرات، والحمص، وبسكويت الحبوب الكاملة (الشوفان).

7. تناول الطعام المفضل من فترة إلى أخرى، ولكن بكميات معتدلة:

تغير مفهوم الحمية الغذائية مؤخرًا، فمحاولة الشخص لخسارة الوزن لا تعني بالضرورة حرمانه ما يحب، لما يسببه ذلك من نتائج عكسية على المدى البعيد، إضافةً إلى ما يخلفه من آثار نفسية سلبية.

ينصح بتناول كميات مضبوطة من الأطعمة المفضلة للشخص من حين إلى آخر، لأن ذلك يعزز شعور الرضا والإنجاز لدى الفرد ويزيد قدرته على الامتناع عن تناول وجبات كبيرة والاستمرار في حميته فترة أطول.

8. الابتعاد عن نظرية الكل أو لا شيء:

يسيطر شعور الذنب على أغلب الأشخاص عند تجاوزهم الحد المسموح به في تناول الطعام، فيقع الكثيرون منهم في الاستسلام للفشل.

مثلًا، قد نجد شخصًا ما يلغي وجبة العشاء المخصصة له ويتناول أي نوع من الوجبات السريعة مساء، بسبب تناوله قطعة حلوى خلال يوم العمل، توجد هذه الأفكار لدى الأشخاص الذين يسعون للكمال ولا يقبلون بحل وسط.

يجب التعامل مع كل وجبة غذائية خلال اليوم على أنها خطة مستقلة لدى الشخص، وتقدير الذات على كل خيار يؤخذ. كل ذلك سيعزز الثقة بالنفس ويساعد على المتابعة بحماس أكثر.

9. تناول الطعام في الخارج يساعد على التحفيز والشعور بالمتعة:

لا يعني اتباع حمية غذائية الامتناع عن الخروج مع الأصدقاء لتناول الطعام، تشكل هذه الطقوس متعة حقيقية لبعضهم، لذا يتأثرون سلبًا عند الانقطاع عنها.

يجب الانتباه إلى أن وجبات المطاعم أقل فائدة من الطعام المطهو في المنزل لما تحويه من سعرات حرارية أعلى، وكميات أكبر من الملح والسكر والشحوم والمواد المنكهة الإضافية، إضافةً إلى حجم الوجبة المقدمة في المطعم الذي قد تتجاوز الكمية الموصى بها في الحمية الغذائية.

يجب التفكير جيدًا قبل الخروج من المنزل، ومحاولة الالتزام بخطوات محددة مثل:

  •  البحث في قائمة الوجبات التي يقدمها المطعم، قبل الخروج من المنزل بهدف اختيار الوجبة المناسبة مسبقًا.
  •  تناول قطعة فواكه قبل الخروج، يساعد على الإحساس بالشبع والقدرة على التحكم بكمية الطعام التي سيتناولها الفرد.
  •  الإكثار من شرب المياه قبل الوجبة وفي أثنائها.
  •  محاولة اختيار الوجبة أولًا، قبل أخذ طلبات الأصدقاء لضمان عدم التأثر باختيارات أفراد المجموعة.
  •  تناول الطعام ببطء ومحاولة الاستمتاع بالوجبة قدر الإمكان.

10. راقب تقدمك:

نوه المختصون إلى أن خسارة الوزن لا تشكل دائمًا الهدف من اتباع حمية غذائية، قد يكون الهدف من الحمية لدى الكثير من الأشخاص الوقاية من أمراض مزمنة مثل البدانة و السكري، وأمراض القلب.

ينصح دومًا بتشكيل قائمة يسجل عليها الفرد الوجبات التي تناولها خلال اليوم مع الكميات والمواعيد، وتوجد أيضًا تطبيقات تدعم ذلك إما على الهاتف المحمول أو الساعة الذكية، وقد تساعد على احتساب السعرات الحرارية والوزن وقياس النشاط البدني المبذول وغيرها من التفاصيل المهمة.

11. كن صبورًا مع نفسك:

يعد اعتماد نظام غذائي تحديًا حقيقًا في حياة الفرد، يعزز لديه الشعور بالمسؤولية، ولكن يمر الكثيرون بفترات من التعب والإحباط، ما يؤكد ضرورة وجود طبيب أو متخصص في مجال التغذية لتقديم الدعم والمشورة عند اللزوم.

لا يقتصر النظام الغذائي على الطعام فقط، بل توسع مفهومه ليعبر عن نمط حياة أفضل يجب المثابرة عليه.

اقرأ أيضًا:

هل التفاح صديق حمية تخفيف الوزن أم زيادة الوزن؟

عشر استراتيجيات عملية لتخفيف الوزن مدعومة بأحدث ما توصّل إليه العِلم

ترجمة: بثينة خدام

تدقيق: نور عباس

مراجعة: حسين جرود

المصدر