قد يؤدي اتباعنا لحمية غذائية محددة، وتقليلنا من كمية الطعام التي نتناولها إلى مجموعة من الفوائد الصحية، بما في ذلك تقليل مخاطر السمنة المفرطة، ولكن غالبًا ما يزداد وزن الجسم مرةً أخرى عندما نتوقف فجأةً عن اتباع الحمية الغذائية، وقد حددت دراسة جديدة أُجريت على الفئران السبب وراء ذلك.

يعتقد علماء من معهد شنغهاي للتغذية، ومن الأكاديمية الصينية للعلوم، أنهم قد حددوا الجراثيم المسؤولة عن التغييرات الحاصلة في عملية الاستقلاب الغذائي.

أُجريت تجارب مخبرية على فئران تضمنت 10 بروتوكولات مختلفة للريجيم، وبمجرد انتهاء فترة صيام وانقطاع الفئران عن الطعام وإعادة إخضاعها إلى حمية غذائية أقل تقييدًا؛ تبين أن أنواع جراثيم العصيات اللبنية Lactobacillus)) ومستقلباتها أظهرت ازديادًا في مستعمراتها ضمن أمعاء فئران التجربة، واكتشف الباحثون أن هذا التغيير في الجراثيم ساعد الأنسجة المعوية عند الفئران على امتصاص المزيد من الدهون.

من المحتمل حدوث العملية السابقة ذاتها في أمعاء البشر، إذ أن فترات الصيام المتقطع، أو ضبطنا لكمية السعرات الحرارية التي نتناولها؛ تحفز الأمعاء على زيادة قدرتها على استخلاص الدهون وامتصاصها من الأطعمة التي نتناولها ضمن نظامنا الغذائي، ما يزيد من احتمالية اكتساب الوزن الزائد مجددًا.

وكتب الباحثون في ورقتهم البحثية المنشورة: «ما تزال آلية استعادة الوزن الزائد بعد اتباع الريجيم تمثل تحديًا كبيرًا، وما تزال الآليات الأساسية لتلك العملية الاستقلابية غير مفهومة إلى حد كبير، وتظهر التجارب أن إعادة تغذية الفئران بعد إخضاعها لأنواع مختلفة من الريجيم تؤدي إلى تراكم سريع للدهون عند الفئران، وقد ساهم تعزيز امتصاص الدهون المعوية في زيادة كتلة الدهون عند الفئران بعد إخضاعها للريجيم».

تضمنت التغييرات الكيميائية الدقيقة، التي تزامنت مع زيادة أعداد مستعمرات جراثيم العصيات اللبنية في الأمعاء، تعزيز امتصاص الدهون والليبيدات المعوية، وزيادة امتصاص الدهون في الأنسجة الدهنية البيضاء، إضافةً إلى انخفاض إجمالي أكسدة الدهون والتي ارتبطت فيما مضى بالإصابة بالبدانة.

حدد الباحثون في هذه الدراسة أيضًا طريقةً محتملةً لمنع اكتساب الوزن مجددًا بعد اتباع الريجيم، إذ أطعموا الفئران مجموعة متنوعة من الأنظمة الغذائية التي تحتوي كميات مختلفة من البروتين، ووجدوا أن النظام الغذائي عالي البروتين يحد من نمو جراثيم العصيات اللبنية، وبالتالي الحد من كمية الدهون المتراكمة.

أكد فريق الباحثين باختبار الأطعمة التي أُعطيت للفئران بعد إخضاعها للريجيم؛ أن تركيبة تلك الأطعمة التي تناولتها الفئران لاحقًا -أي من حيث محتواها من البروتين- كانت عاملًا أكثر أهمية من كمية السعرات الحرارية المتناولة من حيث قدرتها على الحد من تراكم الدهون.

أثبت الباحثون في هذه الدراسة أن التغذية التي تتضمن نظام غذائي غني بالبروتين بعد اتباع الريجيم يمنع بشكل كبير تراكم الكتلة الدهنية، بل ويحافظ جزئيًا على تأثير خسارة الدهون الناجم عن اتباع الريجيم، ما يوفر طريقة عملية محتملة للوقاية من اكتساب الوزن مجددًا بعد اتباع حمية غذائية.

بينت الدراسة أن الأطعمة الغنية بالبروتين قد تساعد في الحفاظ على الوزن عند البشر ومنع اكتساب الوزن مجددًا بعد اتباع الريجيم أيضًا، على الرغم من الحاجة إلى مزيد من الأبحاث لمعرفة ذلك بشكل مؤكد، إضافةً إلى إجراء تجارب ودراسات على مدى فترة زمنية أطول والتي تشمل البشر أيضًا.

قد يركز الباحثون في المستقبل على سبب الزيادة المحتملة في قدرة الأنسجة المعوية على امتصاص الدهون، فقد يكون ذلك نتيجة جراثيم العصيات اللبنية على ما يبدو، وليس تناول الطعام بكثرة أو عدم ممارسة التمارين في أثناء اتباع الحمية الغذائية.

إحدى النتائج المستمدة من هذه الدراسة هي أن استخدام علاج البنسلين كان قادرًا أيضًا على الحد من النمو الجرثومي لمستعمرات العصيات اللبنية، ما قد يوفر طريقة أخرى تعتمد على المضادات الحيوية لمنع اكتساب الوزن مجددًا بعد اتباع الريجيم.

بيّن أمير زارينبار، مختص في أمراض الجهاز الهضمي من جامعة كاليفورنيا، سان دييغو: «إن تحديد ما إذا كان اتباع حمية غذائية غنية بالبروتين له نتائج إيجابية مماثلة لدى الأفراد الذين يسعون إلى الحفاظ على الوزن؛ سيكون التجربة التالية الأكثر تأثيرًا من الناحية السريرية».

اقرأ أيضًا:

ما مدى فعالية اجهزة مراقبة النشاط الجسدي في فقدان الوزن ؟

عشر تغييرات بسيطة في حياتك اليومية تحميك من زيادة الوزن

ترجمة: أليسار الحائك علي

تدقيق: بشير حمّادة

مراجعة: لبنى حمزة

المصدر