يغطي المحيط معظم سطح كوكبنا. إضافةً إلى حجمه الهائل، فهو يعج بالحياة، إذ يذخر بتنوع مدهش من النباتات والميكروبات والديدان والمرجان وسرطان البحر والحبار والحيتان والأسماك.

المحيط غني بالأسماك لدرجة أنها تشكل ثاني أكبر كمية من المحتوى الكربوني -المادة التي تتكون منها الكائنات الحية- في المملكة الحيوانية بأكملها، مباشرةً في الترتيب بعد المجموعة التي تضم الحشرات والقشريات.

تقتصر علاقة معظم البشر بالمحيط على نزهة على الشاطئ أو رحلة بالقارب، لذلك قد يكون من الصعب إدراك عدد الأسماك الموجودة فيه بالفعل، لكن المحيط مكتظ بها من سطحه إلى أعماقه.

تتنوع أشكال الأسماك وأحجامها، بدءًا من السردين الصغير، وسمك الجوبي، وسمك البليني الذي قد تراه على الشعاب المرجانية، إلى سمك التونة الضخم، وسمك قرش الحوت الذي يوجد في المحيط المفتوح.

تقوم الأسماك بكل أنواع الأدوار الحيوية في أنظمتها البيئية، التي تدعم حياة الكائنات الحية الأخرى من حولها. إذا اختفت الأسماك يومًا ما، سيبدو المحيط مختلفًا تمامًا عما نعرفه.

الأسماك بوصفها غذاءً

للأسماك أدوار مهمة سواء بوصفها مفترسات أو فرائس في النظم البيئية للمحيطات. تعتمد آلاف الأنواع من الكائنات -متضمنةً البشر- في غذائها على الأسماك.

تشكل الأسماك الصغيرة قاعدة السلسلة الغذائية في البيئتين البحرية والبرية. مثلًا، في النظم البيئية البحرية مثل الشعب المرجانية، تأكل الأسماك الكبيرة والحيوانات البحرية الأخرى الأسماك الصغيرة، على هذا فهي توفر الطاقة اللازمة لحياة الأسماك الأكبر حجمًا والكائنات الأخرى. أما في النظم البيئية البرية، فتتغذى العديد من الطيور والثدييات والزواحف على الأسماك، وتعتمد عليها مصدرًا أساسيًا للبروتين، حتى أن النباتات البرية تستفيد من وجود الأسماك.

مثلًا يعمل سمك السلمون وسيلةً متنقلة للمواد المغذية وذلك عند عودته إلى الجداول الصغيرة بعد قضاء عدة سنوات في البحر، فهو لا يمثل غذاءً للحيوانات التي تصطاده -مثل الدببة- فحسب، بل يغذي أيضًا النباتات المتاخمة لمجاري المياه. إذ أظهرت الدراسات أن بعض النباتات تحصل على 70% من احتياجاتها من النيتروجين من سمك السلمون الذي يموت على ضفاف النهر أو بالقرب منه.

يعتمد البشر أيضًا على الأسماك والمأكولات البحرية مصدرًا للغذاء، إذ تُعد مصدرًا مهمًا للبروتين لنحو ثلاثة مليارات شخص. اعتادت المجتمعات الإنسانية في جميع أنحاء العالم أكل الأسماك وتتبع أماكن وجودها منذ آلاف السنين.

تحافظ الأسماك على موائلها

الأسماك أكثر من مجرد طعام، إذ تهيئ موائل مهمة للكائنات الحية الأخرى، وتحافظ على تلك البيئات إذ تبحث عن الطعام. مثلًا، في النظم البيئية للشعاب المرجانية، تتحكم الأسماك التي تتغذى على النباتات في نمو الطحالب بأكلها واستهلاكها باستمرار. من دون مساعدة آكلات النباتات، ستنمو الطحالب بسرعة وتخنق المرجان، فهي تقتله فعليًا.

سمك الببغاء، أحد أنواع الأسماك آكلة النباتات، يتغذى مباشرةً على الشعب المرجانية. قد يبدو هذا سيئًا، لكن في الواقع فإن سمك الببغاء يزيد معدل نمو مستعمرة المرجان، أيضًا فإن برازه مغذٍ خصوصًا للشعب المرجانية. يشكل براز سمك الببغاء أيضًا جزءًا من الشواطئ الرملية البيضاء الجميلة التي تستمتع بها العائلات في عطلاتهم.

تشكّل بعض الأسماك موائل للحيوانات الأخرى وتؤثر في بيئتها بإثارتها الرمال في أثناء تغذيها، فتكشف عن كائنات حية صغيرة مختبئة في الرمال، يمكن للحيوانات الأخرى أن تأكلها.

مع أن أكثر أنواع الأسماك تقتصر حياتها على المحيط، يمكننا إدراك أهمية الأسماك في العديد من الموائل، إذ تؤثر تأثيرًا مباشرًا وغير مباشر في حياة الكائنات الحية التي تعتمد عليه في الغذاء والمأوى.

من دون وجود الأسماك ستفقد الأرض تدريجيًا شواطئها الرملية البيضاء الجميلة، وستغمر الطحالب النظم البيئية للشعاب المرجانية وتؤدي إلى موتها، وسيفقد الكثير من البشر غذائهم، وسنخسر بعضًا من أروع المخلوقات على هذا الكوكب.

اقرأ أيضًا:

هل ستخلو المحيطات من الأسماك بحلول عام 2048؟

ارتفاع درجة حرارة المحيطات يحطم الأرقام القياسية، والكائنات البحرية في خطر

ترجمة: عمرو أحمد

تدقيق: أكرم محيي الدين

المصدر