تعد الأشواغاندا أحد أكثر الأفكار الصحية تداولًا على منصات التواصل الاجتماعي وذلك لدورها في تخفيف التوتر وتعزيز الثقة بالنفس وزيادة الرغبة الجنسية. لكن هل هذه الادعاءات صحيحة؟ وهل توجد مخاطر لاستخدام الأشواغاندا؟

لا يمكن إنكار حقيقة أن التوتر قد يؤثر بشدة في صحة الأشخاص، إذ يشير نحو 44% من العاملين حول العالم إلى أنهم يعانون الكثير من التوتر، وفقًا لما ورد في تقرير حالة العمل العالمي عام 2023.

يسبب التوتر المستمر ارتفاعًا في ضغط الدم وزيادة أمراض القلب والأوعية، ويؤثر سلبًا في الجهاز المناعي والاستقلاب وجودة النوم. لذلك يُروّج بكثرة لتناول عشبة الأشواغندا على منصات التواصل.

يُطلق الأشخاص المؤثرين على منصات التواصل، مسمّى «الحبوب اللامعة» على الأشواغاندا، لترويج فوائدها المتمثلة في تحفيز هرمون التستوستيرون وزيادة الرغبة الجنسية وتحسين وظائف الدماغ والشعور بالسعادة والثقة والتحرر من التوتر والتعامل الجيد مع الأحداث غير السعيدة مثل الانفصال أو التخلص من العلاقات السامة.

هل هذه الادعاءات صحيحة أم مضللة؟ وهل لتناول الأشواغاندا مخاطر محتملة تجب معرفتها؟ وهل توجد طرق أخرى يمكن بواسطتها تخفيف التوتر دون تناول المكملات الغذائية؟

ما الأشواغاندا؟

الأشواغاندا شجيرة صغيرة دائمة الخضرة موطنها الأصلي أجزاء من الهند وإفريقيا وجنوب شرق آسيا. تُعرف أيضًا باسم «كرز الشتاء» أو «الجنسنغ الهندي» .

الأشواغاندا كلمة سنسكريتية تعني «رائحة الحصان»، التي تشير إلى رائحة جذر النبات، إذ يُعد جذر الشجيرة هو الجزء الأساسي المستخدم في الأغراض العلاجية.

لماذا تحظى أشواغاندا بشعبية كبيرة على وسائل التواصل؟

أحد الأسباب الرئيسية التي تجعل أشواغاندا تحظى بشعبية كبيرة على مواقع التواصل، الفوائد المفترضة في تخفيف التوتر.

وفقًا للدكتور ديفيد سي ليوبولد، المدير الطبي لشبكة الصحة والطب التكاملي في المركز الطبي بجامعة هاكنساك ميريديان، فإن الأشواغاندا تحتوي على مواد تُسمى ويثانوليدات، يُعتقد أنها السبب في هذه النتائج .

يقول الباحث إن الأشواغاندا تُعد من الأدوية الطبيعية التي تمتلك آثارًا مُثبتة في الجهاز المناعي ودعم الحالات العقلية والجسدية في أوقات التوتر.

يقول بعض مستخدمي وسائل التواصل أن الأشواغاندا مهمة أيضًا لأي شخص يريد زيادة بناء العضلات والقدرة على التحمل البدني.

تُعد إمكانية الوصول للمنتج أيضًا عاملًا مهمًا، إذ يمكن العثور على مكملات أشواغاندا عبر الإنترنت وفي معظم متاجر الأدوية ومتاجر البيع بالتجزئة الكبرى.

كيف تؤثر أشواغاندا في الدماغ؟

قالت الدكتورة أمالا سومياناث، أستاذة علم الأعصاب في كلية الطب بجامعة أوريغون للصحة والعلوم: «معظم ما نعرفه عن التأثيرات العصبية لهذا النبات يأتي من الدراسات المخبرية وليس من التجارب السريرية على الناس». تظهر هذه الدراسات المخبرية أن مستخلصات أشواغاندا تستهدف مسارات الناقلات العصبية متضمنةً ناقلات السيروتونين وحمض غاما أمين بيوتيريك، وتؤثر أيضًا في محور الغدة النخامية والكظرية والمحور النخاعي الودي الكظري.

يقول الدكتور ليوبولد: «تقلل الأشواغاندا مستويات الكورتيزول في الدم ومن ثم تخفف التوتر، والكورتيزول هو المحرك الأساسي في استجابتنا للتوتر، وبخفض مستوياته في الدم تساعد الأشواغاندا الجسم على الاسترخاء وزيادة نشاط الجهاز العصبي نظير الودي وانخفاض نشاط الجهاز العصبي الودي. فضلًا عن ذلك تُدرس الأشواغاندا بوصفها علاجًا واعدًا لمرض ألزهايمر».

في دراسة عام 2014، يشير الدكتور موراليدهاران جي ناير إلى أن التأثيرات العصبية لهذا النبات نتيجة تطوير مركبات الويثاناميدات، الموجودة في بذور النبات.

أوضح ناير أن الويثاناميدات هي مضادات أكسدة قوية تتمتع بالقدرة على إزالة بروتين بيتا أميلويد الذي يُعد مسؤولًا عن مرض ألزهايمر، ترتبط فئة مركبات ويثاناميد الموجودة في ثمار أشواغاندا بالعنصر النشط لبروتين بيتا أميلويد وتمنعه من التسبب في التفاعلات الكيميائية الحيوية التي تؤدي إلى موت الخلايا العصبية في الدماغ، ما يؤدي إلى مرض ألزهايمر.

قد تكون الأشواغاندا إضافة جيدة لشخص يحتاج إلى الدعم فيما يتعلق بالنوم أو التوتر أو القلق، لكنها لا ينبغي أن تكون بديلًا أو حلًا طويل الأمد لمشكلة جسدية أو نفسية أو فسيولوجية أكبر، يقول الباحث مونيك ريتشارد: «تمامًا كما لا يمكن للفيتامينات المتعددة أن تكون بديلًا لنظام غذائي ونمط حياة متوازن ومتنوع وكاف وعالي الجودة، بل قد تكون مكملًا لحاجة معينة. تنبغي تلبية الاحتياجات الأساسية لأجسامنا أولًا، ومعالجة صحتنا العقلية والاحتياجات الفردية الأخرى».

هل تزيد أشواغاندا الرغبة الجنسية أو القوة البدنية؟

يزعم بعض المؤثرين على منصات التواصل أن تناول الأشواغاندا يعزز هرمون التستوستيرون، ويزيد الرغبة الجنسية، وهو أمر ضروري لمن يتطلعون إلى بناء العضلات في صالة الألعاب.

قالت بريتاني كريج: «قد تعمل الأشواغاندا على تحسين مستويات هرمون التستوستيرون، لكن الفوائد المثبتة تتراوح من التأثير الخفيف إلى المتوسط».

وفقًا للطبيبة إيمي سابولا، وهي مدربة صحة معتمدة حاصلة على شهادة في التغذية، وجدت عدة دراسات أن أشواغاندا قد تحسن حجم الحيوانات المنوية وحركتها، إضافةً إلى زيادة هرمون التستوستيرون بنحو 14%، لدى الرجال الذين يملكون وزنًا زائدًا، ممن تتراوح أعمارهم بين 40 و 70 عامًا، الذين تناولوا المكملات مدة 8 أسابيع.

هل لأشواغاندا أي مخاطر صحية؟

يحذر الطبيب كريج من أنها قد تؤدي إلى تفاقم أمراض المناعة الذاتية وقد تحفز أيضًا هرمون الغدة الدرقية، ما قد يؤدي إلى تفاقم فرط نشاط الغدة الدرقية، وقد تؤثر في الأدوية المستخدمة لعلاج قصور الغدة الدرقية.

أيضًا، تزيد الأشواغاندا مستويات التستوستيرون، من ثم يجب تجنبها في حالة سرطان البروستاتا من النوع الحساس للهرمونات، ولا يُنصح باستخدامها في أثناء الحمل إذ قد تؤدي الجرعات العالية منها إلى الإجهاض.

قال ريتشارد: «من الآثار الجانبية المُبلغ عنها اضطراب الجهاز الهضمي، مثل الإسهال والغثيان والتقيؤ».

وأضاف الدكتور سومياناث: «مثل أي مكمل غذائي أو دواء، كلما زادت الجرعة وزادت مدة التعرض، ازداد احتمال حدوث الآثار الجانبية».

تقول الدكتورة أمالا: «قد يحدث انزعاج في الجهاز الهضمي ونعاس، خاصةً مع تناول الجرعات العالية، وقد أُبلغ عن عدد قليل من حالات تسمم الكبد القابل للعكس. لا نعرف حتى الآن كيف تتفاعل الأشواغاندا مع الأدوية أخرى عند تناولها في الوقت ذاته».

ما الخيارات البديلة لتخفيف التوتر؟

الطريقة الأولى هي تعديل النظام الغذائي:

أوضح الدكتور هاوزنبلاس: «تظهر الأبحاث الجديدة كيف يؤثر ما نأكله في المزاج والصحة النفسية، يجب على الناس تناول الأطعمة العضوية الكاملة إن أمكن، والإكثار من الخضراوات والفواكه والدهون الصحية والمكسرات واللحوم الصحية، والابتعاد عن الأطعمة المعالجة».

يقول كريج: «وُجد أن الأنظمة الغذائية التي تحتوي على أحماض أوميغا 3 الدهنية، مثل تلك الموجودة في الأسماك وكذلك بذور الكتان والشيا وبذور القنب، تمتلك خصائص مضادة للقلق».

اقرأ أيضًا:

هل إعطاء الميلاتونين للأطفال ضار؟

كيف يمكن تخفيف القلق والتوتر دون ممارسة الرياضة والتأمل؟

ترجمة: زينب عبد الكريم

تدقيق: حسام التهامي

المصدر