لدى الأطعمة المعلبة والمُصنعة سمعة سيئة لكونها أقل تغذيةً من نظيراتها الطازجة. هذا مؤكد في بعض الحالات، لكنّ الطريقة التي يُعمّم بها الحديث عن الأطعمة (المُعالجة) تؤدي إلى انتشار الكثير من المعلومات الخاطئة عنها أو الافكار المبالغ فيها، والإعتقاد بأنّ كثيرًا منها يضرّ أكثر مما ينفع.

الأغذية المصنعة:

هل الأطعمة ذات الصلاحية الطويلة والأطعمة المعلبة هي ذات الشيء؟ هل كلاهما يقع تحت مظلّة (الأغذية المصنعة)؟

وفقًا لأخصائي التغذية أنتوني ديمارينو، لا يوجد تعريف مُتّفق عليه عالميًا لمصطلح الأطعمة المصنعة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى عدم وجود هيئة تنظيمية مسؤولة عن الإشراف على جميع المواد الغذائية التي قد تندرج تحت هذه الفئة.

توجد تصنيفات ثابتة مُتّفق عليها لبعض الأصناف الغذائية الشائعة. على سبيل المثال، عرّفت إدارة الغذاء والدواء FDA مصطلحات مثل (قليل السكر) أو (قليل الدسم)، وذكرت المعايير التي يجب أن تحققها الأطعمة قبل تصنيفها ضمن هذه الفئات.

بدلًا من تعريف الطعام المُصنع الذي أقرته الدولة، ابتكر أخصائيو التغذية نظامًا خاصًا بهم، وهو بسيط جدًا. فقد أصبح مقبولًا نوعًا ما -ضمن مجتمع اختصاصي التغذية- أن يُعالج ويُصنع أي شيء لا يُنتج مباشرة من المزرعة.

وراء أي شيء قد يحصل عليه الشخص في المتجر، تكمن مجموعة من العمليات الجارية لتأمينه بهذا الشكل، حتى التفاحة التي تُباع في البقالة قد قُطفت ونُظّفت ونُقلت لتصبح في متناول يد المستهلك، وهذا هو الحد الأدنى من سلسلة المعالجة الغذائية.

على الطرف الآخر من السلسلة توجد الأطعمة المُعلّبة مُسبقًا. قد تُضاف إليها مجموعة من المكونات الغذائية أو المنكِّهات الاصطناعية، وقد تكون مُصنّعة وليست أصنافًا طبيعية مُعالجة، وهذا عمليًا أعلى حد في سلسلة المعالجة الغذائية.

باستخدام تعريف الأطعمة المصنعة الذي ابتكره اختصاصيو التغذية، تُعَدّ أغلب الأطعمة اليومية مُعالجة تقريبًا. يتعلق الأمر فقط بكمية معالجة الطعام وتأثير هذه المعالجة على الصحة.

فوائد الأطعمة المعلبة:

من الصحيح أن بعض الأطعمة المعلبة تترك الكثير من الآثار غير المرغوب فيها من الناحية الغذائية، فهناك أيضًا الكثير من الأطعمة الصحية للاختيار بينها، والكثير من الأسباب الوجيهة للاحتفاظ بالأطعمة المصنعة بشكل خفيف في قائمة التسوق.

 الراحة:

توفر تعبئة الثلاجة بسلع ثابتة ذات صلاحية طويلة عناء القيام بزيارات متكررة إلى المتجر. هذه فائدة مميزة للوقت، وللبيئة لمن يستخدم السيارة في رحلة التسوق، ويقلل من مقدار الوقت والجهد المبذولَين في تحضير الأطعمة الصحية في الوجبات اليومية.

 وجبات بسعر معقول:

حقيقةً قد يُتعب التسوق الدائم وشراء الأغذية الطازجة باهظة الثمن الناس ذوي الدخل المتوسط، خاصةً عندما يحاولون بناء نظام غذائي متنوع ومتوازن. يُعد الطعام المعلب الجاهز أحد الأساليب العديدة التي يمكن من خلالها الحفاظ على الصحة بميزانية محدودة. قد تكون التونة الطازجة باهظة الثمن بالنسبة للكثير، ولكن فيما يخص المعلبات، يمكن الحصول على مجموعة جيدة من هذه الأغذية بأقل من دولارين.

 توفرها على مدار السنة:

عادة ما يكون الطعام الطازج مثاليًا، ولكنه يَفسُد أيضًا بسرعة كبيرة. ومع أنّ بعض الأطعمة طويلة الأمد تُعالَج بكثافة، لكنها تُعد من العناصر الأساسية لنظام غذائي صحي متوازن في ظل غياب بعض الأصناف مثل الخضراوات والفواكه في بعض أوقات العام. من الجيد دومًا الحصول على الفواكه والخضروات المعلبة أو المجمدة واعتمادها في النظام الغذائي في غير موسمها.

تُعَدّ الأغذية المعلبة بطبيعتها غير القابلة للفساد التي تزيد من صلاحيتها، ضروريّةً لأغراض التخطيط للطوارئ، ما يجعل الأمر مهمًا جدًا لمن يعيش في منطقة معرّضة لظروف الطقس القاسية، أو لمن يخططون لقضاء لأسبوع عمل مضغوط لا وقت فيه للتسوق، أو أن الراتب لا يكفي كما كان سابقًا، فمن الجيد وجود أطعمة في متناول اليد، توفر عناء التحضير ووقته وتكلفته.

سلبيات الأطعمة المعلبة:

يعرف معظم الناس أنّ الطعام الطازج هو الأفضل، ولكن قد لا يكون سبب ذلك واضحًا دائمًا. يتعلق الكثير منها بالطرق التي دخلت في جعل عنصر الطعام طويل الأمد والمعالجة التي خضع لها.

 المكونات والمواد الحافظة المُضافة:

تُعالج الأطعمة المعلبة أكثر من غيرها. يضيف المصنعون بعض الملح أو الدهون إلى الطعام لإبقائه طازجًا لفترة أطول من الوقت. يُستحسن دومًا الانتباه لكيفية تعبئة المنتج وما أُضيف إليه من مكونات، وذلك لاختيار العناصر التي تحتوي على سعرات حرارية أقل من الدهون أو السكر وكمية أقل من الصوديوم بشكل عام.

عند التسوّق لشراء الأطعمة الصالحة للاستخدام طويل الأمد أو المعلبة، فإن القاعدة العامة أنه كلما قل عدد المكونات، كان ذلك أفضل.

يُفضَّل دومًا العثور على الأطعمة المعلبة التي تحتوي على أقل عدد ممكن من المكونات كالتونة المعلبة المُعبأة بالماء مثلًا، إذ تحوي مكونين فقط: التونة والماء. إن اختيارها أفضل بكثير من المعكرونة سريعة التحضير التي تحتوي عبوات مسحوق ملحقة لإضافة نكهات معينة، أوالخضراوات المجففة. إذن، ليست كل الأطعمة المصنعة سيئة، لكن كلما قل عدد المكونات، كان ذلك أفضل عمومًا.

 تساؤلات عن الجودة:

يمكن القول أنه كلما زاد عدد المكونات التي تتعامل معها، زادت فرص ظهور مشكلات الجودة، هذه حقيقة ثابتة في مجال التصنيع. عند اختيار المنتجات من المتاجر المحلية أو سوق المزارعين، تكون الأمور أوضح وأسهل للمستهلك. بالفحص البصري السريع فقط يمكن معرفة المنتج المرغوب من غيره، ومعرفة مدى ملاءمته لحاجيات المستهلك.

لا يمكن قول الشيء ذاته عن العديد من البضائع المعلبة. لا تنظم إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) استخدام مصطلحات مثل (منخفض الكربوهيدرات) أو (مصنوع من الحبوب الكاملة) أو (طبيعي)، الأمر الذي يخلق بعض التساؤلات عن المنتج وماهيته بالضبط. تنظّم إدارة الغذاء والدواء بعض المصطلحات مثل (خالية من الغلوتين) و (خالية من الدهون المحولة) ولكنها تسمح أيضًا للأطعمة المُصنَّفة بهذه الطريقة أن تحتوي على آثار سيئة للمكون المُعالج. عندما يتعلق الأمر بالأطعمة طويلة الأمد، فمن الصعب معرفة هل يحصل المستهلك على ما دفع قيمته بالضبط.

 تاريخ انتهاء الصلاحية:

من السهل جدًا معرفة متى ينتهي الحليب أو عندما يحين وقت رمي التوت البري. في هذا الصدد، فإنّ فائدة الأطعمة ذات الصلاحية طويلة الأمد قد تشكِّل عائقًا، إذ يمكن لهذه الأطعمة البقاء لفترة طويلة، ما يزيد فرص انتهاء صلاحيتها قبل إدراك المستهلك.

فيما يخص صلاحية الطعام في حجرة المؤن للأكل، تؤكد وزارة الزراعة الأمريكية أنّ معظم الأطعمة ذات الصلاحية الطويلة آمنة إلى أجل بعيد كفايةً، لكن تواريخ انتهاء الصلاحية تشير إلى خلاف ذلك.

لذا يشجع الباحثون على استخدام المحاكمة المنطقية، كالتحقق من سلامة العبوة قبل فتحها، وأنها ليست مثقوبة، وبلا عيوب أو تسريب. وكذلك فحصها باستخدام الحواس، أي يُستحسن فتحها، وشمها. يجب الانتباه لآثار العفونة إن وجدت، كوجود لون أخضر أو رائحة مقززة او ملمس غريب غير طبيعي. نهايةً بعد تذوقه، إذا لم يكن طعمه جيدًا، فمن المحتمل أنه سيئ، ويجب التخلص منه دون إكماله.

 روافد خزنة المؤن:

سواء كانت جيدةً أم سيئةً، فالأطعمة المعلبة وذات الصلاحية طويلة الأمد مصممة لتبقى، ولتكون صنفًا أساسيًا في خزنة المؤن لدى أغلب البيوت. قد لا تكون دائمًا مثالية، ولكن من الجدير أيضًا ذكر أن توافر أي نوع من الخضراوات أفضل من عدم وجودها على الإطلاق. حقيقةً قد يعد الكثيرون القدرة على الاختيار بين الأطعمة الطازجة والأطعمة المعلبة رفاهية. يكون السؤال الصحيح هنا، كيف نستثمر الأطعمة المعلبة والمصنعة لصالح الصحة وليس ضدها؟

سواء كان التخزين استعدادًا لفصل الشتاء الطويل، أو لإعادة ملء الإمدادات الاحتياطية للزلازل أو الأعاصير، أو لتجنب رحلة إضافية إلى متجر البقالة، فإن الخيارات التالية صحية بقدر ما هي ميسورة التكلفة:

  •  الفاصوليا (معلبة أو جافة).
  •  العدس.
  •  تونة (معبأة في الماء).
  •  شوربات قليلة الصوديوم.
  •  الحبوب الكاملة مثل الكينوا والأرز البني والشوفان.
  •  معكرونة القمح الكامل أو البسكويت.
  •  الخضار المعلبة.
  •  اليقطين المعلب.
  •  الطماطم المعلبة.
  •  الفاكهة المعبأة في الماء أو عصير طبيعي 100٪.
  •  مرق الدجاج أو الخضار.
  •  الفول السوداني الطبيعي أو غيره من زبدة المكسرات.

كلمة أخيرة

في عالم مثالي، كل الطعام سيكون دائمًا طازجًا ومعالجًا بأقل قدر ممكن. إنه طموح عظيم، لكن الأشخاص الواقعيين الذين يعيشون حياة حقيقية لا يمكنهم التخلي كليًا عن الأطعمة المعلبة وذات الصلاحية الطويلة. فهي رخيصة الثمن ومريحة ومفيدة وفي متناول اليد دومًا. الخبر السار هو وجود الكثير من الأطعمة الصحية قليلة المعالجة، وتنتمي إلى نظام غذائي جيد. إنّ القيام بالقليل من الواجبات المنزلية والاعتناء بالمطبخ سيساعد بالطبع على تجهيز المخازن من أجل وجبات سريعة التحضير في أي وقت من الأوقات.

اقرأ أيضًا:

الأطعمة المعلبة أو المجلدة، هل تكون بديلًا صحيًا عن الطازجة؟

الأطعمة فائقة المعالجة تساهم في التدهور المعرفي

ترجمة: لمك يوسف

تدقيق: لين الشيخ عبيد

المصدر